أحجار اللعبة لم تتساقط كلّها: ماذا يخبّئ "دومينو" في حلقته الأخيرة؟

إيلده الغصين

في "دومينو" للمخرج فادي سليم (تعرضه "#الجديد") لا مجال لنفَس يأخذه المشاهد بين مشهد وآخر. اجتمعت في هذا العمل الرمضاني السوري الخالص مقوّمات الدراما الاجتماعية والبوليسية. حبكة مشدودة أكثر من أعصابنا تتقدّم من حلقة الى أخرى، تشوبها بعض المصادفات المبالغ فيها. الإخراج في سبق مع السيناريو والموسيقى والأداء، مقوّمات تسير بموازاة بعضها لتحقّق لسليم نقلة نوعيّة كثر الرهان على إمكان نجاحها قبيل رمضان. الكادرات وحركة الكاميرا بإدارة يزن شربتجي لاءمت الإيقاع البوليسي والتشويق في نص وحوار مشترك بين غسّان عقلة وبثينة عوض من إنتاج "فونيكس غروب".


يراكم #بسام_كوسا، بدور رجل الأعمال المافيوي "نوح"، نجاحاته مؤكداً أنه الرقم الأصعب في الدراما العربية وخاصة أدوار الشر المطلق. رغم تداعي امبراطوريته، يبقى نوح رجل النفوذ والسلطة أصلب من الفولاذ، هذا لأن كوسا يلتقط أجزاء الشخصية ويرصفها بفذاذة قلّ مثيلها. زوجته "لارا" تؤدي شخصيّتها سلافة معمار هاربة من قدرها مع نوح فتعود إليه في آخر حلقات المسلسل بعد أن ورّطت معها كثيرين. معمار في "دومينو" قطّة مروّضة سُلبت مخالِبها، تلين ولا تُهزم، خفيفة ودافئة. أما في "نبتدي منين الحكاية" ففراشة تتنقل على مهل في قصّة بطيئة، وفي "خاتون" هي أفعى سامّة تشرئب أمام زملائها الممثلين لتذكّرهم أن وهجها لا يخفت باختلاف الدور الذي تؤدّيه.


وزّع المسلسل الأضواء بين الممثلين وحيواتهم اليومية فلم يهمّش دوراً على حساب آخر، على رغم نجوميّة كوسا ومعمار إضافة إلى عبد المنعم عمايري وصفاء سلطان. أدّى محمد الأحمد دور "جابر" ابن نوح واختطف فرصة التألّق. وتمكّن الأحمد بأدائه الانسيابيّ من إثبات موهبة فذّة لم يحجبها بريق كوسا، بل تأثّر به وأنتج شخصيّة شريرة مضطربة ومركّبة ساعدت على دفع المسلسل إلى مزيد من التشويق.


تقلّب عمايري في رمضان بين #الكوميديا والدراما، ووصل الى "دومينو" منهكاً في دور الطبيب نبيل الذي اختار مساعدة لارا الغريبة بدلاً من حبّه للطبيبة هبة (نادين تحسين بك). يتأقلم في الحلقات الأخيرة مع شلل نصفي هو نتيجة مغامرته الهوجاء، ولا نعرف إن كانت الحلقة الأخيرة تحمل لقاءً آخر بلارا.
كان وجود #صفاء_سلطان، بدور "شهد" سيّدة الأعمال، ضرورياً لتتّجه القصة إلى مزيد من الغموض المستتر بماكياجها الكثيف وشعرها الاصطناعي. سلطان أثبتت أنها قادرة على آداء أدوار قوّة من دون بكاء وعويل.


سامر اسماعيل مبدع جديد تبصره الدراما السورية، إذ برع في تجسيد شخصيّة موظّف المصرف طارق الذي يتحوّل إلى مجرم، حتى إنه جعلنا ننسى ثقل جلسات التحقيق. تناوب اسماعيل والأحمد على كثافة التدخين فرافقتهم السجائرفي غالبية المشاهد. 


محمد حداقي (بدور حنا) و#جرجس_جبارة (بدور أبو الفدا) قدّما ثنائياً جميلاً لطّف مسار الإجرام والانتقام في القصة، وعبّرا ببساطة عن واقع من يقاصصهم وحوش الظلم إن فكّروا في إنقاذ فريستهم. الصحافية مهى، أدّت دورها علا باشا، انهمرت دموعها في كل حلقة تقريباً مع أن الدخول في مواد صحافيّة ساخنة يتطلب القليل من التماسك. شخصيّة المقدّم سمير في نزاعها بين الأوامر العليا وضميرها المهني أدّاها جلال شموط بحزم رجال الأمن وبراعة صاحب الخبرة في أداء شخصية المحقّق. رغم أن إشكالية حرب الإعلام ضدّ فساد رؤوس المال ورجال الأمن والسلطة باتت مستهلكة، إلاّ أنها تُحسب إيجاباً لنصّ سوري طرحها بوضوح لو أنّها وُضعت في إطارٍ زمنيّ محدّد. 


يُحسب "#دومينو" بين المسلسلات الرمضانية القليلة التي لم تتراجع مع توالي الحلقات. يُجبِر محبّي هذا النوع من التشويق البوليسي على انتظار حلقته الأخيرة لنعرف إن كان نوح سيموت مسموماً بما طبخه للارا، أو مرمياً برصاص ابنه المخدوع جابر. ربما تحمل النهاية ما يسمّى بتأثير دومينو (دومينو إيفيكت) فتتداعى أحجار نوح كلّها، أو يبقى اللورد الذي لا يقهر متمسكاً بالأصل اللاتيني لمصطلح لعبة الدومينو.


Ilda.Ghoussain@annahar.com.lb 


Twitter: @ildaghssain