رسائل الحريري الطرابلسية

مصطفى العويك

لم يكن احد من الطرابلسيين يدخل في نقاش مستفيض حول مصير ومستقبل العلاقة بين الرئيس سعد الحريري من جهة واللواء اشرف ريفي من جهة، قبل سماع رأي الحريري في المستجدات التي طرأت على الساحة الطرابلسية، فكان الكل يترقب قدوم الحريري الى طرابلس للمشاركة في الافطارات وسماع الكلام السياسي الذي يضع اطارا معينا لهذه العلاقة التي تعود الى اكثر من 25 سنة بين ريفي وآل الحريري.


بالأمس وضع الحريري النقاط المتقنة على حروف العلاقة المتوترة، فأكد فما لا يدع مجالا للشك ان لا عودة الى الوراء الى ايام "الزمن الجميل" و"الود الوردي" الذي كان قائما بينه وبين الريفي، قالها الحريري بصراحة: "أهم شيء في الدنيا هو الصدق، وأساس الصدق هو الوفاء"، وبهذه العبارة التي اقتبسها الحريري عن والده والتي رأى فيها كثر انها خطاب القطيعة مع ريفي واغلاق نوافذ الوساطات، تكون قد طويت صفحة من تاريخ العلاقة بين الطرفين على افتراق سياسي لكل من طرفيه وجهة نظره في المآلات التي آلت اليها الامور واسباب ذلك.


ولم يكتف الحريري بالتركيز على نتائج الانتخابات البلدية في طرابلس وانما تعمد توجيه رسائل سياسية وانمائية عديدة ابرزها:


1- خصّ الحريري مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار والرئيس نجيب ميقاتي بتحية خاصة قبل البدء بكلمته، وفي هذا اشارة الى استقامة العلاقة مع ميقاتي والى تأسيس تحالف جدي في طرابلس بينهما، يكون استكمالا للمصالحة التي تمت في منزل الرئيس سلام وللتحالف الانتخابي في البلديات، وكان الرئيس الحريري قد توجه فور الانتهاء من الافطار في المعرض الى دارة الرئيس ميقاتي في الميناء وعقد معه جلسة مناقشة عامة.


2- استذكر الحريري من معرض رشيد كرامي صاحب اسمه، فقال: "ننحني للرئيس الشهيد رشيد كرامي، قائدا وطنيا عروبيا من طرابلس، ونموذجا لرجل الدولة الذي دفع بحياته دفاعه عن قيم العيش المشترك والوحدة الوطنية وهي القيم التي تحملونها في كنائسكم ومساجدكم".


3- رسالة احترام ومصارحة لآراء اهالي طرابلس، حيث اعتبر الحريري ان اهل الفيحاء "ما النا عليون هني الون علينا"، وقال:" لن اعاتبكم انا آت لاحترمكم واحترم صوتكم وارادتكم"، ووفاء طرابلس لتيار المستقبل ولخط الرئيس الشهيد رفيق الحريري "ممنوع ان يكون محل تشكيك او مراجعة او اعادة تقييم".


4- القسم الاكبر من الخطاب كان موجها لمن اسماهم الحريري "الخبراء المحلفين بالحريرية ومبادئها"، فقال:" كل الناس تشرح لنا ما هي الحريرية الوطنية وما هو فكر رفيق الحريري وخطه، ووصلت المواصيل الى حد دعوة بيت الحريري لكي يعودوا للحريرية، ودعوة سعد ليعود حريري...وانا اذكركم بما قاله الرئيس الشهيد عن لبنان:"انه طائرة مدنية مخطوفة وواجبنا حماية المدنيين فيها، يمكن اتخاذ خيارات كثيرة كالقفز من الطائرة او تفجيرها لكن هدفنا هي ان تهبط الطائرة بسلام وستهبط وسينال الخاطف عقابه، اما من لديه رأي آخر فهو حر في رأيه ولكن ارجوك "حل عن رفيق الحريري وعن المزايدات والعنتريات عن بيت الحريري باسم رفيق الحريري".


5- ركز الحريري في كلمته على الاعتدال في مواجهة الفتن والارهاب، فالاعتدال ليس جبنا وانما مصدر قوة، فالاعتدال هو الذي حمى لبنان من فتنة فتح الاسلام، وانقذ طرابلس وكل لبنان من المصير الاسود الذي يواجهه اخوتنا في سوريا، الاعتدال المتمسك بمشروع الدولة ومواقفه، حتى عندما يحاور فهذا مصدر قوة وليس ضعفا، والاعتدال هي الذي اعاد المجرم ميشال سماحة الى السجن والذي انقذنا منه اللواء الهشيد وسام الحسن، من يقتل هو الضعيف ومن يطالب البعدالة والحق هو القوي هو المعتدل، واضاف:" فلا يأتين احد ليبيعنا ان الاعتدال ضعف ولا يحاولن احد ان يصوركم انكم اهل تطرف وغوغائية".


6-وكان للانماء حصته في خطاب الحريري الرمضاني الاول في طرابلس امام حوالي 2200 مدعو من طرابلس والكورة حيث قال:" لن اعدكم وانما اتعهد بان ابذل قصارى جهدي وان نوفر كل الامكانات من خلال القطاعين العام والخاص لاطلاق ورشة وطنية في طرابلس تشمل المعرض والمرفأ والاسواق القديمة والشواطئ، فطرابلس شبعت وعودا وتريد منا قرارا يضع مشاريعها موضع تنفيذ".


كما اكد الحريري على اهمية المنطقة الاقتصادية الخاصة ودورها في اعادة اعمار سوريا، التي جزم ان "الحل السياسي فيها آت وستتخلص من كابوس بشار الاسد".