حول متفجرة "لبنان والمهجر"!

علي حماده

لا طابور خامسا ولا مؤامرة امبريالية - صهيونية، فالفاعل معروف من الجميع، وقد وصلت الرسالة الى المعنيين في لبنان، مثلما وصلت الى الطرف الواقف خلف العقوبات المالية، أي الاميركيين، مفادها ان الطرف المتضرر مستعد ليذهب بعيدا في سبيل حماية منابعه المالية، ولا سيما تلك التي تتصل بمسارات خاصة شكلت وتشكل منذ أعوام طويلة واجهات لنشاطات "حزب الله" المالية، والتجارية المشروعة وغير المشروعة في آن واحد! وصلت الرسالة الى المعنيين في الداخل، وفحواها أن "٧ أيار" مالية ما عادت ببعيدة، والى المعنيين في الخارج مفادها ان "استقرار" لبنان (مع مليون ونصف مليون لاجئ سوري) مهدد جديا ما لم تحصل إعادة نظر في إجراءات تطبيق قانون عقوبات مالية، بدأ بلائحة من تسعة وتسعين اسما، ويتوقع أن تلحقه لوائح أخرى في لبنان واوروبا وافريقيا واميركا الجنوبية!
ما من شك في أن العقوبات المالية في مراحلها الأولى غير مؤلمة كما يروج لها، ولكن توسعها هو ما يخيف الطرف المعني بها. وإذا ما تمددت جغرافيا واسميا ومعنويا، فإنها ستكون أشدّ إيلاما من حرب عسكرية!
هل يعني ما تقدم أن الاميركيين سيتراجعون؟ أم يعني أن "حزب الله" بوظيفته، وأدواره الامنية والعسكرية الاقليمية والدولية، وضع جديا ولأعوام آتية في دائرة الاستهداف المنهجي؟ هذه أسئلة مطروحة في ضوء حقيقة أن "حزب الله" ليس حزبا لبنانيا بالمعنى السياسي، بل إنه ذراع أمنية - عسكرية تتبع القرار الإيراني. هذه حقيقة لا جدال فيها. وبالتالي فإن العقوبات المالية التي فرضت وستفرض لاحقا، فضلا عن تصنيفه تنظيما "ارهابيا"، لا تتصل بـ"لبنانيته"، وانما بوظيفته الخارجية التي تشكل مادة خلافية جوهرية في لبنان منذ أكثر من عشرة أعوام. وقد أدت في مراحل عدة الى صدامات بين "حزب الله" وفئات واسعة من اللبنانيين. والخلاف لا يزال قائما، وإن خفت ضجيجه في الآونة الأخيرة، مع ميل القوى المحلية المعارضة لارتكابات الحزب الى التسليم بالامر الواقع، تحت عنوان "الحفاظ على الاستقرار" و"منع الانجرار الى حرب أهلية"! لكن هذا لم يمنع "حزب الله" من التغوّل في سياساته، ولم يحل التسليم بالامر الواقع دون تفاقم الازمة الوطنية، السياسية والمؤسساتية في لبنان، بما خدم سياسات "حزب الله".
لقد كان حريا بالطاقم السياسي اللبناني، الذي سارع منذ الايام الاولى لاقرار العقوبات المالية الاميركية ضد "حزب الله" ومصادر تمويله (المؤسسات الاجتماعية جزء منها) المباشرة وغير المباشرة، الى البكاء على حائط الكونغرس الاميركي، ليسعى الى إعادة طرح أزمة دور "حزب الله" ووظيفته وسلاحه على طاولة النقاش الوطني، وخصوصا أن متفجرة "بنك لبنان والمهجر" تكشف مرة جديدة أن ليس لدى "حزب الله" ما يقدمه الى اللبنانيين عموما والشيعة خصوصا، سوى الحروب والمزيد منها، الى أن تحين لحظة اقليمية - دولية تتقاطع فيها الاجندات حول بند إنهاء الحالة، لكن بأي كلفة على اللبنانيين في لبنان والمهجر؟