حلب "تحترق" وروسيا تمارس سياسة الثعلب!

محمد نمر

على الرغم من الدماء الذكية التي سالت في #حلب وحجم الدمار الذي رسمته براميل النظام السوري وصواريخ "#سوخوي" الروسية، يمكن القول إن المعارضة فازت في الجولة الأولى من المعركة، وتخوض جولة جديدة تزامناً مع اعلان روسي صريح برفع حجم الدعم الجوي لقوات النظام، بعدما فشلت الأخيرة في تحقيق أهدافها.
ولا تزال معركة حلب بالنسبة إلى كل الأطراف هي الجبهة الفاصلة ومصيرية، وبعد أكثر من شهر على بدء الحملة العسكرية الأخيرة لم يستطع النظام أن يحقق أي تقدم، بل كان يروي ظمأه يومياً بالمزيد من الدموية والتدمير الممنهج بمساعدة روسية، فيما المعارضة تحول الخسائر البشرية والمعنوية انتصارات وتقدم مثلما فعلت في #خان _طومان.
بهاء الحلبي أحد النشطاء الذين يتنقلون يومياً بكاميراتهم من منطقة حلبية إلى أخرى بحثاً عن الخبر، وصوت المدفع أو انفجار البرميل والاشتباكات مؤشر لبدء العمل، ولا يعلم اي أحد من هؤلاء الشبان إن كان سيعود إلى مقره الآمن، خصوصا انهم يواجهون الموت في كل لحظة وآخرها سقط صاروخ على بعد أمتار من الحلبي في حي القاطرجي، ووفق متابعة هذا المراسل الحربي المتنقل والدقيقة للمعارك فإن "النظام لم يحقق أهدافه من المعركة، بل ما حققه هو قتل أعداد كبيرة من الابرياء المدنيين ودفع الاخرين إلى الهجرة، أما على الأرض فهو خسر المواقع وجل ما حققه انه قطع طريق حلب نارياً"، مذكراً بأن "المواقع التي خسرها النظام خلال حملته تقع في ريف حلب الجنوبي كبلدة خان طومان وكتيبة الدفاع الجوي فيها، بلدة معراتة وتلال القراصي وبلدة الحميرة".
تحاول روسيا أن تحفظ هذه المعركة للنظام قبل العودة إلى مفاوضات جديدة، وقرار رفع حجم الدعم الجوي يثبت ادراك روسيا لحجم المعارضة وقوتها في حلب، إذ يقول الحلبي: "حلب أكثر المدن صعوبة أمام العدو، وكل قوة روسيا لن تسطيع تحقيق أي شيء سوى القتل، فأهل المدينة اعتادوا على القصف والاستيقاظ على المجازر. ومنذ 4 سنوات يعتبر القصف متواصلاً، لكن الصمود الكبير ويصعب على النظام دخولها. أما الفصائل المعارضة فهي تشعر بأهمية دفاعها عن الأبرياء وتنصر المظلومين".
تشهد حلب معركتين حاميتين بني النظام والمعارضة، الأولى في مخيم حندارات القريب من طريق الكاستيلو في ريف حلب الشمالي، والثانية في بلدة خان طومان القريبة من طريق حلب - دمشق في ريف حلب الجنوبي، لكن المحافظة تشهد أيضاً معارك بين المعارضة و"داعش "في مدينة مارع ومن جهة أخرى مع الأكراد.
في غضون ذلك لا تخلو سماء حلب من الطائرات، وبحسب مدير شبكة شاهد عيان حلب حسان الحلبي فإن "أول أيام رمضان شهد مقتل 16 شخصاً وجرح الآخرين، بقصف للطيران الحربي"، مشيرة إلى أن "الغارات بدأت بعد منتصف الليل واستهدفت حي الكلاسة بالمدفعية الثقيلة، ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص. كما سقط 4 وعدد من الجرحى، إثر غارة جوية على حي المرجة ظهر الاثنين، فيما أدت غارة مماثلة على "جسر الحج" إلى مقتل 3 آخرين ووقوع عدد من الجرحى".
وتحدث الحلبي عن "غارات شنها الطيران الحربي والمروحي على أحياء قاضي عسكر، الصاخو، مساكن هنانو، الأنصاري، والسكري، واوقع العديد من الإصابات في صفوف المدنيين، كما تعرضت مدينة كفر حمرة في ريف حلب الشمالي لغارات جوية عدة أوقعت 4 ضحايا و10 جرحى، فيما أصيب 5 مدنيين إثر غارة جوية على بلدة كفر حلب في ريف حلب الغربي".
ولا يزال الناشطون في حملتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي #حلب_تحترق للاضاءة على الحملة العنيفة التي يقوم بها النظام في حق المدنيين، إلا أن المحلل العسكري الاردني اللواء فايز الدويري يعتبر أن ما يجري هو "#روسيا_تدمر_حلب"، واصفاً وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف بـ"الكاذب والثعلب، فالحملة الروسية لم تتوقف والتدمير الممنهج متواصل، وقبل اسابيع اطلق الناشطون هاشتاغ #حلب_تحترق وكان الرقم واحد في العالم".
ويضيف: "عندما يتحدث لافروف عن أنه قدم هدنة وانتهت في في 25 ايار الفائت ومن ثم تم تمديدها، واليوم يتحدث ان روسيا ستستخدم كل الوسائل المتاحة لعدم سقوط حلب في ايدي الارهابيين، كل هذه تصريحات سياسية، فيما الحملة الجوية قائمة والتدمير ممنهج، وبالتالي سيزداد عدد الغارات وحدة الدموية في المدينة لكن الأكيد أيضاً أنه لم تتوقف مسبقاً". ويشدد الدويري على أن "النظام السوري لم يحقق أي تقدم على الأرض".
وفي شأن تحذير روسيا الفصائل المعتدلة من اختلاطها بمجموعات تصفها بـ"الارهابية"، يقول الدويري: "حاليا في ريف حلب الجنوبي إن جيش الفتح، نسأل الله أن ينصره سواء كان نصرة أو غيره، لأن هذا الجيش هو الوحيد الذي يقاتل ويدافع ويطور معاركه، فأنا لست مع النصرة لكني مع كل من يقاتل روسيا والنظام وايران".
ويضيف: "أما في شأن موضوع اعطاء الفرصة للابتعاد من النصرة فهي مناورة سياسية ديبلوماسية ليبرر الروسي الاجرام المقبل على الطريق، اكثر من الاجرام السابق، وسيقول حينها: أعطيناكم مهلة وحذرناكم ونبهناكم، وعليكم تحمل النتيجة بعدم ابتعادكم من النصرة".
ويؤكد أنه "لا يمكن تحت أي ظرف أن يتم تفكيك نسيج جيش الفتح، ليس لأن الفصائل فيه يعشقون بعضهم البعض بل لأن الواقع الميداني فرض عليهم ذلك، مثلاً كحركة أحرار الشام وجبهة النصرة وفصائل عدة، لها غرفة عمليات وتشابك ميداني لمقاتلين وهناك اهداف وتوزيع ادوار، وعملية فصلهم يعني انهيار جيش الفتح وهذا ما تريده روسيا".
بالنسبة إلى النظام فإن حلب أهم من دمشق في الوقت الحالي، فالأخيرة "مركز الثقل السياسي المركزي أما حلب فهي مركز الثقل الاستراتيجي، وهي في خاصرة تركيا، وبالتالي فإن انتزاع حلب لمصلحة النظام يعني اجهاض كامل لأي دور تركي مستقبلي وأي دور فاعل للمعارضة مستقبلاً ، لهذا اصبحت حلب أهم من دمشق بالنسبة إلى روسيا، خصوصا ان دمشق هي تحت عباءة خامنئي وليس بوتين" وفق ما يقول الدويري الذي يتوقع أن "يحاول النظام وروسيا في الفترة المقبلة اجهاض نجاحات جيش الفتح في منطقة خان طومان والمناطق المحيطة، وسيحاولان اغلاق معبر الكوستلو نهائياً بالقوات وليس بالنيران، وبالتالي تطويق حلب واخضاعها إلى الارادة الروسية".
mohammad.nimer@annahar.com.lb
Twitter@mohamad_nimer