بعد أكثر من سنة على اختطافهم... العسكريون اللبنانيون لدى داعش في القلمون الشرقي؟

شكّلت الخيوط الايجابية في ملف العسكريين المحتجزين لدى تنظيم الدولة الاسلامية في اليومين الأخيرين بارقة أمل اعاد اتقاد شعلة التفاؤل حول قضيتهم التي لم تصل الى خواتيمها السعيدة حتى الآن، على رغم مرور أكثر من سنة وثمانية اشهر. وقالت المعلومات الجديدة المتوافرة ان المسؤول العسكري في قاطع القلمون في التنظيم موفق ابو السوس الذي تمكن من ارسال كتاب الى المركزية في الرقة يطلب فيه فتح ملف العسكريين اللبنانيين المحتجزين، بحسب ما اشار مفاوضٌ بقاعي يعمل كوسيط متخفٍّ بطلب من التنظيم، كان قد زار جرود القلمون منذ اكثر من 25 يوماً ووُعد بفتح ملف العسكريين قريباً. لكن، وعلى رغم الايجابية التي عبّرت عنها هذه الأجواء حيال إمكان استعداد داعش للتفاوض، غير ان اهالي المخطوفين لم يتلقفوا فحوى هذه التطورات المشار اليها بحماسة وعبّروا على لسان السيد حسين يوسف والد العسكري المخطوف محمد يوسف عن استيائهم "من أداء الحكومة اللبنانية المتخبّطة في خلافاتها وانقساماتها حول مواضيع عدة كالنفايات والانترنت، وهي لم تستطع ان تنتج شيئاً في موضوع العسكريين حتى اليوم". لا بل إنه ذهب أبعد من ذلك محمّلاً "الحكومة مسؤولية عدم تلقّف المؤشرات الايجابية التي كانت سائدة في الاشهر الاولى التي تلت عمليّة الاحتجاز حيث رفضت قضية المقايضة يومها باعتبار انه لا يمكن مفاوضة جماعات مسلحة. وهذا ما أوجد قلّة ثقة لدى الخاطفين".


"العسكريون ليسوا في جرود عرسال"
يؤكّد يوسف لـ"النهار" أن "العسكريين ليسوا في جرود #عرسال على رغم عدم وجود اي دلائل تشير الى مكان وجودهم الفعلي. لكن، وبحسب معلوماتنا واتصالاتنا وتحرياتنا الخاصّة، باتت لدينا قناعة مؤكّدة أن اولادنا غير موجودين في جرود عرسال كما تشير بعض الفرضيات. وأنا أنفي هذه الفرضية من باب اننا كاهالي وامهات للعسكريين لم نستطع ولو لمرّة واحدة أخذ اي تفصيل ايجابي يتعلق بوجود ابنائنا في عرسال، حتى ان اهالي عرسال انفسهم لم يستطيعوا معرفة اي تفصيل حيال هذا الموضوع رغم تعاونهم معنا ومساهمتهم الكبيرة في مساعدتنا". وعن التفاصيل الجديدة حول إمكان استعداد "داعش" للتفاوض يقول: "نتمنى ان تكون التفاصيل الجديدة جدية ونتوصل الى حلّ، ولكن حتى الآن لا يمكن ان ننفي او نؤكد هذه المعطيات، لأنه ويا للأسف الشديد لا يوجد أحد في البلد يستطيع تأكيد هذه المعلومات. ونحن نترقب تطورات الاوضاع المحيطة في ساحات القتال".


القلمون الشرقي: وجهة مرجّحة
تساؤلاتٌ عدة تطرح حول امكان موافقة داعش اللجوء الى التفاوض مع الدولة اللبنانية في هذا التوقيت بالذات، فيما كان رافضاً للفكرة في المرحلة السابقة. وفي هذا الإطار يشير العميد المتقاعد هشام جابر في حديثٍ لـ "النهار" الى أن "داعش يعاني اليوم مأزقاً من جهات عدة وعلى جبهات عدة، وهو مستهدف في العراق وتدمر وتدور اشتباكات غير مسبوقة بينه وبين النصرة. ومن الناحية العسكرية هو يريد اليوم اعادة تموضع قواته وسحبها الى مكان لا يكون فيه محاصراً. هذه المعطيات مجتمعة تشير الى ان داعش اليوم مأزوم بينما كان منتشراً في السابق في كلّ مكان، وهذا ما يرجّح عمليّة لجوئه الى التفاوض". ويضيف: "هي المرّة الأولى التي اسمع فيها استعداد التنظيم للتفاوض ومبادلة المخطوفين بسجناء، وهذا ما يؤكّد وضعه الحرج. لكن فكرة وجود وسيط ثالث في مسألة المفاوضات لا تؤكّد المعلومات الجديدة التي قد لا تكون دقيقة رغم اخذها بعين الاعتبار".


"ماذا يكسب التنظيم من اطلاق سراح العسكريين في حال أقدم على التفاوض؟"، يجيب ان "المكاسب التي يحصل عليها داعش كثيرة في هذا السياق، أولّها محاولة كسب تعاطف الشارع معه نتيجة اشتراطه صراحةً مقايضة كلّ جندي لبناني بـ 10 موقفين اسلاميين في السجون اللبنانية، بخاصّة انه خسر هذا التعاطف في الأشهر الأخيرة المنصرمة". ويغوص في الأهداف التي يحيكها التنظيم: "هو يحاول اظهار تعفف وليس بحاجة الى المال. يريد ان يظهر كمقاتل من اجل قضية وهو بارع في الحرب النفسية لا بل انه اكفأ من مارس الحرب النفسية وعمل على الاستقطاب والترغيب. حتى ان المقاتلين الذين يحاربون الى جانب داعش ليسوا مرتزقة بل يخالون انهم يحاربون من اجل قضيّة". وفي قراءة ميدانية ترجّح مكان وجود العسكريين اليوم، يقول: "من المستبعد ان يكونوا في عرسال او في الرقة، بل انني ارجّح إمكان وجودهم في مكان قريب من الحدود اللبنانية، ومن الممكن ان يكونوا في القلمون الشرقي خصوصاً ان هذه المنطقة لا تزال واقعة تحت نفوذ داعش نظراً إلى كونها منطقة وعرة تحتاج الى مشاركة اكثر 10000 جندي لتنظيفها".


من القلمون الى الأراضي اللبنانية
على رغم ترجيح جابر الى فرضية وجود #العسكريين_المخطوفين في القلمون الشرقي، الّا أنه أشار الى ان تنظيم الدولة الاسلامية يريد تأمين انسحابه الى امكنة تجعله يخرج من اطار الشرنقة الضيقة وبالتالي يفكّ عنه مظاهر الحصار. وهذا ما يرجّح فرضية "سحب قوّات التنظيم الى الأراضي اللبنانية وتحديداً الى جرود عرسال، حيث انه استطاع في الأسابيع الأخيرة السيطرة على ثلثي الجرود في حين انه لم يكن يكسب سوى ثلثها. وقد ازداد عديد عناصره بالمئات في الأشهر الأخيرة". ويشير الى أن "انسحابه من #القلمون الشرقية الى الأراضي اللبنانية يجعله بمنأى عن ضربات الجيش الروسي وهجوم الجيش السوري على حدٍّ سواء، وهذا ما سيعزز انتشاره في لبنان". إذاً، فإن هذه المعدلة تطرح بشكلٍ او بآخر تضارباً في ترجيح مكان وجود العسكريين، وهم في حال وجدوا اليوم في القلمون ماذا سيحلّ بهم في حال الانسحاب نحو الأراضي اللبنانية؟


بعيداً من ضبابية ملفّ العسكريين، لفتة الى انطباعات أهاليهم وبريق عيونهم الخافت. ملوك الصبر هم، ومشتروا الأمل. بيلسانهم الوحيد خيالهم الذي يعود الى زمنٍ كان أحباب الديار فيه الى جانبهم. يتأرجحون بين المعلومات الضبابية وتتأرجح دقّات قلوبهم معهم. ولا دواء يشفي عناء أشهر الانتظار سوى عناق واحد، يمحي دموع أكثر من سنةٍ ونصف السنة من الحزن... بدمعة فرح.