"تدوّر وترجع": الموسيقى الشعبية المصرية بتوزيعات غربية

نداء عودة

في إصدار موسيقي جديد لها طرحت الفنانة دينا الوديدي اسطوانتها "تدوّر وترجع" التي تضمنت إحدى عشرة أغنية من مستوى جمالي موسيقي وشعري يستحق الإستماع. ففي "تدوّر وترجع" نسج موسيقي شرقي مع توزيعات غربية استطاعت أن تخدم هذه الموسيقى وتضيف إلى روحيتها كأغنية عربية تحمل روح الموسيقات التقليدية المصرية.


التوزيعات الغربية التي قام بها مايلز جاي ونانسي منير ودينا الوديدي جاءت على أعمال ذات نصوص هادفة مستمدّة من الروح الشعبية المصرية. فيكتب الشاعر ميدو زهير: "في بلاد العجائب" على أساس هذا الإرث الغنائي مع التوزيع الجميل للأغنية التي تقول في بعضها: "وسمعنا الحكاوي يابا، ومشينا الخطاوي يابا، دوشتنا الحكاوي، وخانتنا الخطاوي". وتركّز الموسيقى في معظم الأغاني على الروحية الصوفية في استيحاء الألحان الريفية الشائعة وفي التوزيع الإيقاعي كما في "دوائر مع مزاهر" للشاعر عمر مصطفى. فالأغنية الصوفية اعتمدت الابتهالات والآهات والمناجاة، ليأخذنا كذلك صوت دينا الوديدي المطواع والكثير الحلاوة إلى واحدة من الأغاني الفولكلورية التي تنتمي إلى الإنشاد الديني "السيرة" حيث تتحف الوديدي الأذن بالليالي وتغني: "قد خاب عبد لا يصلّي على النبي/ نبي عربي ما لي شفيع سواه".
والجميل في صوت دينا أنه لا يختلف على الأذن ما بين تلك الأغاني الشرقية بطبيعتها وبين أعمال أخرى ذات اتجاه غنائي
تعبيري أو غربي مثل "الليل"، أغنية الفنان البرتغالي جيلبيرتو جيل الذي أدّت الوديدي برفقته بالعربية من نص مايكل عادل على اللحن الشفاف: "الليل بيسبق رجفة البردان/ والدنيا تشتي فوق جبينو ورود/ وناس تلاقي بعضها بأحضان/ وناس تودّع حضنها بشرود".
وتعود الوديدي لتعطي الوطن حصّته كما في "يا بلاد" وهي على الأرجح تتوجه إلى فلسطين، إذ نلمس محاولة الفنانة إعطاء أغانيها السياسية صيغة تعميمية تبتعد عن التسميات أو التحديد. كما أن "يا بلاد" من الواضح أنها مبنية موسيقياً على أسلوب غناء سيناء الذي يتشارك إلى حدّ كبير مع التراث الفلسطيني. هنا، مثلاً، تقول الوديدي من كلمات جرجس شكري: "يا بلاد عنك رحلنا/ ودموعي هربت وماتت/ يا بلاد كانت أملنا/ وفي يوم صبحت ما كانت".
في أسطوانة الوديدي لا يمكن الا أن ينجذب المستمع بالكلمة والصور الشعرية كما بالنسج الموسيقي. ففي "الحرام" من كلمات منتصر حجازي تنتقد الأغنية التطرّف الديني فتقول: "الحرام مش إني أغني/ الحرام مش إني أحبّ/ الحرام هوّ الكلام اللي نصو يا عمي كذب".
في مساحة الحب، يكتب ميدو زهير نمطاً آخر من الأغاني العذبة باللغة الفصحى، "يحدثني الشجر"، حيث يتحفنا صوت دينا الوديدي وأداؤها، أما "تدوّر وترجع" للشاعر نفسه فأغنية عاطفية مذهلة الإحساس، والميلوديا احتلت عنوان الأسطوانة التي فيها زخم فني وجمالي لا يشبه غيره من الإصدارات.