"لا نخاف على الكنيسة... نخاف على أبنائها"

الأب ميشال عبود- رئيس اقليم كاريتاس عكار

كثرت في الآونة الأخيرة، الأخبار التي تركز على بعض نقاط الضعف في الكنيسة، وتعرّضها لفضائح تستحقّ التشهير.


سؤال: لماذا تقومون بهذا؟ ما المطلوب؟ أهو الإصلاح؟ أهكذا يكون عبر الإعلام بتوجيه التهمة وتنصيب الإعلامي كأنّه قاضٍ.
والسؤال الذي نطرحه: لماذا التشديد على هذه الامور، هل نريد إصلاح الكنيسة، هل نريد أن نصحّح كل أخطاء، أم هل نريد أن نركّز على هذه الأخطاء لنقول للناس: ابتعدوا عن الكنيسة، ابتعدوا عن الله، ابتعدوا عن كل من يقدّم لكم خدمة روحيّة "لانن متلن متل بعض".



إذا كانت هكذا الأمور فلنسرد وللأسف بعض الأمثلة السيّئة، ونرى هل يمكن تعميمها وأخذها مثالاً:
كم من الرجال والنساء يخونون بعضهم بعضًا، ويخونون الحياة الزوجيّة، فهل نقول بأن كل الرجال والنساء المتزوجين هم خونة؟
كم من العائلات يكون فيها الخلاف على أشدّه، إلى حدّ الضرب والطلاق والانفصال، هل نقول لكلّ شبابنا لا تدنوا ابداً من الحياة الزوجيّة؟
كم من الحالات تقشعرّ لها الأبدان لمعرفتنا بأن هناك أهلًا يتحرّشون جنسياً بأولادهم، فهل نقول لكل الاولاد لا تقتربوا أبداً من أهلكم؟
كم من الأطباء وُجدوا وهم يُفسدون مهنة الطبّ ويتاجرون بالمرضى، ويقومون بعمليات جراحية ليست بمكانها، وكم من أدوية فاسدة وُجدت وكان لها مروِّجون كثر، فهل نقول لكل الأشخاص ابتعدوا عن الطبّ، عن الأطبّاء وعن الأدوية؟
كم من الأطعمة الفاسدة وُجدت في كثير من المطاعم، فهل نقول كل أصحاب المطاعم هم أشخاص فاسدون؟
كم من المؤسسات الأمنية وُجد في داخلها ضبّاط وجنود عملاء، فهل نقول لا تدعموا المؤسسات الأمنية ولا تدخلوا إليها، ولا تقفوا بجانبها لأنها هي عاطلة؟
ناهيك بالكثير من مسؤولين مدنيين وسياسيين واجتماعيين الذين تورطوا في الفساد، فهل نقول إن كل مؤسساتنا هي عاطلة، وأنّ كلّ من عمل في هذه المؤسسات هو عاطل؟
لذلك لا تكمن المشكلة في مَنْ يروّج بكلامه أو بكتاباته، فيسوع حذّرنا قائلاً: "أعداء الإنسان أهل بيته"، وإنما المشكلة تكمن في كل من يسمع ويصدّق ويروّج ويقتنع. فكل من يقوم بهذه الأعمال ليس جديدًا علينا، فليس هو الأوّل ولن يكون الأخير. منذ أن بدأت الكنيسة مسيرتها في بحر هذا العالم، "تطغت عليها الامواج والريح كانت مخالفة لها دوماً" وما زالت حتى الآن، ولكن نؤمن بأنها لن تسقط أبداً، لأن مؤسسها يسوع المسيح واضح في قوله: "أنا معكم لا تخافوا"، واضح في قوله: "وأبواب الجحيم لن تقوى عليها".



لا "نغطّي" من يُخطئ، ولا نكون شهود زور بالدفاع عنه ابداً. ولكن على كل منّا أن يعرف أنّه ليس خالدًا على هذه الأرض، فسيأتي يوم وتنتهي حياته، ويكون أمام المواجهة الربّانية فهناك سوف يُحاسَب على الحبّ، ويُحاسَب كم أحبّ كنيسته، وكم جاهد من أجلها، وكم كان وفيّاً لها، وكم صدّق الشائعات، وكم أعطى من الأهميّة لضعف خدّام المسيح، ولم يعط الأهمية لقوّة حياة المسيح وكلمته. وعندما ستواجه المسيح وجهاً لوجه لن يسألك أبداً، كم فضيحة اكتشفت وكم من فساد روّجت وكم من أخطاء اكتشفت. سيسألك: أنت ماذا فعلت؟ أنت كيف عشت سرّ معموديتك في قلب كنيستك؟ انت كيف كنتَ إبناً للكنيسة تعيش في كنفها وتدافع عنها؟



لم نقول هذا خوفاً على الكنيسة، فالكنيسة مرّ عليها الكثير ولم تتأثّر، والكنيسة ليست لنا وليست ملكنا، وإنما هي كنيسة المسيح، هو يهتم بها، هو الذي أسسها وهو يكون حاضرًا معها، وإنما خوفنا على أبناء الكنيسة وعلى أولادنا كي لا يخسروا الخلاص، بوقوعهم أسرى الشائعات وترويجها فيتمّ فيهم قول الرب يسوع: "الويل لمن يكون حجر عثرة لأحد هؤلاء الصغار.