خرق اتفاق برشلونة ... تمهيد لصفقة المحارق

كنّا بسنة ونصف سنة، بتنا باربع سنوات ومطامر بالبحر.
هي خطة حكومية، انتهت بتحديد اربع #مطامر وبنقمة عليها، مع غموض في بدء التنفيذ.
للوهلة الاولى، قامت القيامة، فيما الناس لم يدركوا في الاساس كيفية تطبيق الخطة. هل سيتم تبليط البحر؟ هل برح جمود يمكن ان يستوعب مزيدا من النفايات؟ هل جبل برج حمود يمكن ازالته؟
وماذا عن "#الكوستابرافا"، اذ ان الطمر هناك بدأ على قدم وساق منذ الحظة الاولى لتراكم النفايات في بيروت.
اما عن الجديدة، فهل منطقة سكانية بامتياز ومكتظة من الدرجة الاولى، يمكن ان تتحمل وزر طمر نفايات، لا سيما انه لم يقل انها ستفرز اولا، فكيف هذا الاستهتار بصحة المواطن؟
ان الحكومة ومن خلال جلستها الاخيرة، بقيت مجتمعة سبع ساعات، لئلا يقال انها فشلت، ولئلا تستقيل، فخرجت بما اسمته هي خطة!
ووسط هذه العوائق، يبقى مكب #الناعمة، الشاهد الاول لكارثة طمر النفايات. هذا المكب الذي تحمل لوحده زبالة جبل لبنان وبيروت، لنحو 20 عاما، قرروا ان يعيدوا فتحه لشهرين، وفي وقت تبدو الاستعدادات في الاماكن الاخرى، من برج حمود والجديدة غير مكتملة الان، بحيث لا يمكن البدء بها اليوم، يبقى مكب الناعمة وحده قادرا على الاستيعاب، في نظر الحكومة.
من هنا، الخوف عند اهالي القرى المجاورة والمتضررة اولا ان يكون حلّ ازمة النفايات مجددا على حساب الناعمة.
والخوف الثاني ان عدم تحديد مكب او مطمر نهائي لمنطقة الشوف وعاليه يجعل مكب الناعمة مرة جديدة هو المكان الصالح، لاسيما اذا اعيد فتحه، للدلالة على انه لا يزال يستوعب.
اما الخوف الثالث هو ان تتجمع نفايات بيروت وجبل لبنان، لا بل لبنان كله، في مكبين لا يبعدان عن بعضهما كثيرا، فيصبح "الكوستابرافا "والناعمة هما مكبا لبنان، قبل ان يصبح لبنان، بعد اربع سنوات، محارق!
بالفعل انه حل عجيب! في المبدأ، ان اقفال مطمر الناعمة في 17 تموز 2015 ، لا يمكن الرجوع عنه، تحت اي حجة، لان في ذلك استغباء للرأي العام وتجاهل لارادة اللبنانيين، فضلا عن الضرر الكبير بالصحة. ووسط غياب الصدقية والشفافية، تبقى كل هذه المخاوف مشرّعة.
ومنذ اللحظة الاولى لاقرار الخطة، تداعت اكثر من حركة بيئية لرفض الحل، وفي مقدّمها " الحركة البيئية اللبنانية"، مختصرة الهدف بأنه "تمهيد لتحقيق صفقة المحارق الساحلية التي تضمن 20 سنة احتكار جديدة".
وفي المقاربة نفسها، قيل الكثير عن ان الخطة تتعارض مع اتفاق برشلونة، فما هو هذا الاتفاق، واين يخرقه لبنان؟


اهداف اتفاق برشلونة
اولا ان لبنان وقع الاتفاق عام 1976، وهو اتفاق "حماية البيئة البحرية والمنطقة الساحلية للبحر المتوسط"، اما الاهداف التي وضعها الاتفاق والتي يخرقها لبنان، بهذا الحل الجديد، هي : " تقدير التلوث البحري ومكافحته، ضمان الادارة المستدامة للموارد الطبيعية البحرية والساحلية، ادماج عنصر البيئة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، حماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية عبر الحدّ من التلوث واستئصاله قدر المستطاع ، سواء اكان ناجما من مصادر برية او بحرية، حماية التراث الطبيعي والثقافي، تعزيز التضامن بين الدول الساحلية المتوسطة، المساهمة في النهوض بالاوضاع الحياتية".
باختصار، خرق لبنان الاتفاق، وهو من موقّعيه. هذه ليست المرة الاولى، فلا داع للعجب، وخصوصا اذا علمنا انه وفق الاتفاق، فانه امام التلوث الناجم عن إلقاء النفايات من السفن والطائرات أو الترميد في البحر تتخذ الأطراف المتعاقدة في الاتفاق كل التدابير "لمنع التلوث والتخفيف منه ومكافحته والقضاء عليه إلى أقصى مدى ممكن في منطقة البحر المتوسط الذي يتسبب فيه الإلقاء من السفن والطائرات أو الترميد في البحر"، وان اتفاق برشلونة مع بروتوكولاته دعا الى "تطبيق القانون الدولي لمنع التلوث والتخفيف منه ومكافحته والقضاء عليه إلى أقصي مدى ممكن في منطقة البحر المتوسط الذي تتسبب فيه عمليات التصريف من السفن وضمان التنفيذ الفعال في تلك المنطقة للقواعد المعترف بها عامة على الصعيد الدولي المتعلقة بمكافحة هذا النوع من التلوث".
هذا في الاتفاق، فكيف على الارض اذا قرّر لبنان اللجوء الى ردم البحر ورمي اكوام الزبالة فيه، بعدما "تخمرّت" لاكثر من سبعة اشهر!
اليوم تخرق الحكومة هذا الاتفاق بأربعة مطامر، ويقول رئيس "الحركة البيئية اللبنانية" بول ابي راشد ان " هذه المطامر ستملأ البحر عصارة، تعتبر علمياً مئة مرة أخطر من المجارير.اذ ان مطمر الناعمة سيدفن فيه نحو ٤٠٠ الف طن من النفايات المتراكمة، تنتج عصارة خلال عشرات السنين، اما مطمر الكوستابرافا، قرب المطار، ومطمرا برج حمود وساحل الجديده فستبقى اربع سنوات من أجل هدفين: كسب أراض في البحر، وجهوز المحارق الساحلية التي ستحرق نفسنا".
امام هذه النتيجة المخيفة، يبقى الخوف من ان يصبح مكب الناعمة مجددا وحيدا في مواجهة ازمة النفايات... هكذا، كل الزبالة على منطقة صغيرة، فيما فئة الاوادم لا تزال تقاوم... فمن سينجح هذا المرة؟