فارس سعيد في ذكرى 14 آذار: لاستنقاذ لبنان

دعا منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور #فارس_سعيد في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمانة العامة في الأشرفية، إلى "تجديد الخيارات التاريخية لانتفاضة الاستقلال"، وقال: "أشكر الإعلام الذي أتاح لي اليوم أن أخاطب من خلاله الرأي العام اللبناني، كل الرأي العام اللبناني، فيما يتعدى القسمة التي اعتدنا عليها وألفناها، وخلافا للوحدة التي تجلت على نحو غير مسبوق في الرابع عشر من آذار 2005. في ذكرى 14 آذار ليس مألوفا أن يطل عليكم منسق الأمانة العامة بمفرده، بل المألوف أن تطل عليكم قيادة 14 آذار، بما فيها أمانتها العامة، في مشهدية تكررت عشر مرات في عشر سنوات، حتى أصبحت هذه المشهدية تقليدا مرادفا للوحدة والإستمرار".


أضاف: "أن يتعذر اليوم ارتسام هذه المشهدية، لأسباب غير قهرية وحتى غير طارئة، فهذا أمر خطير، وخطير جدا، لا يمكن رده حصريا إلى خلاف حول ترشيحات رئاسة الجمهورية، كما أوحى كثير من المعنيين المسؤولين، بل يتعدى ذلك إلى مراكمات خلافية على مدى شهور وسنوات، لست مضطرا إلى عرضها، ولستم في حاجة إلى ذلك، لأنها ظهرت وعبرت عن نفسها في مناسبات عدة. في رأيي، وعلى وجه الإجمال، فإن اللحظة الخطيرة هذه إنما هي المولود الطبيعي لحالة متمادية من انكفاء المكونات السياسية والحزبية الأساسية في 14 آذار على ذواتها وأولوياتها الخاصة، لا سيما الأولويات الطائفية والحزبية - وأكرر - خلافا للأولوية الوطنية المطلقة التي تجلت في 14 آذار 2005. واللحظة الراهنة هي أيضا بنت عملية اختزال لحركة شعبية واسعة في مجموعة من زعماء الأحزاب".


وتابع: "مما حملني على الكلام في هذه المناسبة، بالإضافة إلى ما تقدم - سببان آخران: أولهما من طبيعة وطنية أخلاقية، وهو أني ألزمت نفسي مع الأمانة العامة، ومنذ ثماني سنوات، بأن نكون حراس الوحدة الوطنية - وتحديدا الوحدة المسيحية الإسلامية - في الحركة الإستقلالية. والسبب الثاني من طبيعة إدارية وهو أني تلقيت، من موقعي في الأمانة العامة، دعوات معلنة - كما تعلمون (الرئيسان #الحريري والسنيورة) - وأخرى مباشرة للعمل على لم الشمل. لقد أشفقت على نفسي في مهمة لم الشمل، إذ أراني كما قال الشاعر: ألقاه في اليم مكتوفا وقال له...إياك إياك أن تخشى من البلل، مع ذلك لن أدخر أي جهد ممكن. أما مهمتي الوطنية والأخلاقية فإني أتحملها اليوم ودائما، لأنها جزء من خياري وهويتي، وأمارسها في كل الظروف بغبطة ورضا، مهما كانت الصعوبات والأكلاف".


وقال: "غير أني في هذا الوقت ملزم بقول حقيقة إيماني وإيمان جميع الذين أشبههم على مساحة 10452 كلم2: إن جوهر إنتفاضة الاستقلال ولحظة 14 آذار هو قضية شعب وليس قضية نخب سياسية أو ثقافية أو اقتصادية. إنه ما يستحق الدفاع عنه، كي نستحق نحن الحرية. إنه مبرر وجودنا معا في وطن ودولة، إنه العيش المشترك الذي جعل من لبنان أكثر من بلد، جعل منه البلد - الرسالة في ذاته وفي محيطه والعالم. العلاج إذن ليس في ترقيع أو ترميم أو مسكنات، وإنما هو بتجديد الخيارات التاريخية لانتفاضة الاستقلال، والتي أراها تتلخص بما يلي:


أولا - إن الوحدة الداخلية في لبنان هي رديف السيادة والاستقلال، فلا سيادة ولا إستقلال إلا من خلال نظرة وطنية واحدة، وإن تجربة الحرب الأهلية أكدت، لجيلي على الأقل، أنه إذا انكسرت الوحدة الداخلية سينسحب التشرذم إلى داخل كل طائفة وجماعة رغم حضور قيادات ومرجعيات سياسية لها.


ثانيا - لا مساكنة بين سلاح الدولة اللبنانية وسلاح غير شرعي. لأن تجربة اتفاق القاهرة في العام 1969 أدت إلى انفجار لبنان، والمساكنة التي فرضت بين الجمهورية اللبنانية والجيش السوري المحتل أدت إلى إلغاء لبنان حتى "انتفاضة الاستقلال".وتجربة المساكنة مع سلاح "حزب الله" أدت إلى تعطيل الدولة ومؤسساتها حتى إلغاء موقع رئيس الجمهورية.


ثالثا - لا مهادنة في التمسك باتفاق الطائف والدستور اللبناني الذي دفعنا ثمنه 150 ألف شهيد خلال الحرب، والذي لا يطبق إلا على قاعدة التوازن بعيدا عن قاعدة موازين القوى. إن التوازن ينتج اسقرارا، أما موازين القوى المتحركة فلا تنتج إلا مشاريع غلبة، اليوم لمصلحة فريق وغدا لمصلحة فريق آخر.


رابعا - تمسك لبنان بنظام المصلحة العربية المشتركة في وجه مطامع قوى غير عربية تحاول الإمساك بقرارنا، ثقافيا واقتصاديا وسياسيا، وصولا إلى إلغائنا.


خامسا - التمسك بقرارات الشرعية اللبنانية والشرعية العربية والشرعية الدولية والإلتزام بتنفيذ كل القرارات الصادرة 1559 - 1680 - 1757 و1701".


أضاف:" أيها اللبنانيون، من كان عمره 10 سنوات يوم 14 آذار 2005 أصبح اليوم عمره 21 سنة. هو اليوم ينتخب وبرغم اعتراضه على الكثير مما حصل منذ ذلك اليوم في لبنان، فهو يتمسك بكل لحظة عاشها مع أهله وأصدقائه في ساحة الشهداء. لقد ساهم مع آخرين في صنع تاريخ لبنان الجديد وساهم في رسم معالم ربيع عربي ينقل عالمنا من مرحلة إلى أخرى. إن هذا الشعور بالمساهمة في صناعة التاريخ لم يمح، إنه راسخ في عقولنا جميعا. إن 14 آذار جزء منا، من ثقافتنا، وهي خيارنا.لأننا نحب الحياة، لأننا نحب الحرية، لأننا نحب لبنان".


وختم: "في النهاية أدعو كل اللبنانيين المؤمنين بهذه المعاني، إلى المساهمة في استنقاذ لبنان وتجديد معناه، كل بحسبه ومن موقعه، أكان موقعا بحكم الاختيار أو الاستمرار أو الأمر الواقع".