دونالد ترامب المزواج ... هل يكره النساء؟!

سوسن أبوظهر

"سأكون أفضلَ ما حصل للنساء في هذا البلد، أنا أقدر النساء"، يقول دونالد ترامب من دون أن ينجح في إقناع أحد، فتصريحاته وأفعاله تشي بأنه كارهٌ للنساء، ولاسيما المؤثرات منهن في الشأن العام.
حتى قبل قراره اقتحام سباق الرئاسة، كان يعتبر أن وزيرة الخارجية سابقاً هيلاري كلينتون لا تستطيع إدارة البلاد، هي التي لم تستطع التحكم بـ"غرفة نومها"، في إشارة إلى علاقة زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون بالمتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي. كما انتقد اضطرارها مرة لاستخدام المرحاض في مناظرة بين المرشحين الديموقراطيين، بالقول إنه يعرف "إلى أين ذهبت، والأمر مقرف"!
المرأة الأقوى في العالم، المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لا تعجبه، ولا تروقه تسميتها من مجلة "تايم" شخصية العام 2015. في نظره، كان يجب اختياره هو. عنها يقول :"أنا معجب بها. صراحة، لا خيار لي إلا الإعجاب بها، فقد اضطر للتعامل معها. لكن مهلاً (الرئيس الروسي فلاديمبر) بوتين معجب بي. أريدها أن تُعجب بي مثله".


وفي تقرير لـ"بوليتيكو" أن ترامب أثار جدلاً إضافياً بالمجاهرة بفخره بمديح بوتين له. وأنكر اضطهاد الرئيس الروسي للصحافيين، سجناً وقتلاً، بالزعم أن لا أدلة تُثبت ذلك. وهو مازح أنصاره في مهرجان انتخابي بالقول إنه ليس على الصحافيين أن يخشوا مصيراً مماثلاً معه، "أنا لن أقتلهم أبداً، لكنني أكرههم".
فكيف لو كان الصحافي، امرأة؟ حينها يصير الاحتقار الذي يبديه مضاعفاً. مرة قال عن كاتبة في "النيويورك تايمس" إنها "صاحبة وجه كالكلب". وهو منذ آب يشن حملة لا هوادة فيها على ميغن كيلي، المذيعة في شبكة "فوكس نيوز" الأميركية للتلفزيون. مع أنها مثله صاحبة آراء محافظة، لم تسلم من لسانه السليط بعدما أدارت مناظرة بين المرشحين الجمهوريين. وكل هجومه عليها لا ينطلق من خلفية مهنية وموضوعية، بل يركز على كونها امرأة. إذ لمح إلى أنها كانت حادة معه لأن "الدماء تسيل" منها، في إشارة إلى العادة الشهرية، ووصفها بأنها "جاهلة شقراء".


الزوجات الثلاث


غير أنه في حياته الخاصة، صاحب ذوق خاص في الشقراوات اللواتي يختارهن زوجات. وليس مصادفة أن يأتين من عالم عرض الأزياء لا من خلفية مهنية مثيرة للإعجاب كهيلاري كلينتون أو أنغيلا ميركل.
البداية كانت عام 1977 مع التشيكية إيفانا زيلنيكوفا، واستمر زواجهما حتى 1992 حين اكتشفت إقامته علاقة مع شقراء أخرى تصغرها سناً هي مارلا مابلز. وواجهت الزوجة العشيقة في منتجع للتزلج أمام عشرات المشاهير.
وعام 1993، وبعد شهرين من ولادة تيفاني، ابنة ترامب من مابلز، صارت مارلا الزوجة الثانية بعدما دفع دونالد 25 مليون دولار لإيفانا ثمناً للطلاق. لكن مارلا لم تحصل إلا على مليوني دولار حين انفصلا عام 1999. وفي حين كانت إيفانا أطلقت مسيرة مستقلة في عالم العقارات والأعمال، حاولت خليفتها طرق أبواب التمثيل من دون نجاح.


إليكم السيدة ترامب الحالية. عارضة الأزياء السلوفينية السابقة ميلانيا كنوس، هي الزوجة الثالثة منذ عام 2005، وكان عمرها 34 سنة حينها وهو 58 سنة، وقد ارتدت فستان زفاف ثمنه 200 ألف دولار صممه جون غاليانو من دار كريستيان ديور.
تعتقد إيفانا أن ميلانيا لا تستحق أن تكون السيدة الأميركية الأولى. هي إذ تؤيد زوجها الأسبق في مغامرته الانتخابية، لا تثق بقدرات زوجته الحالية، ولا تنفك تقول إنها هي من غرست في رأسه فكرة الانخراط في السياسة للوصول إلى البيت الأبيض.


وبعد سنوات من التزام الصمت، ظهرت ميلانيا أخيراً على خلاف مجلة "يو أس ويكلي" الترفيهية تتحدث عن "دونالد الذي أعرفه أنا وحدي" وترسم صورة دافئة وإنسانية للرجل المثير للجدل، وتقدم نفسها امرأة لها آراؤها الخاصة، وإن مع لمسة من الإبهار الهوليوودي تجلت في الصور. قالت :"لا أناقش السياسة، تلك مهمة زوجي، أترك ذلك له. لكنني مسيسة جداً، لا أتعاطى السياسة في العلن، أمارسها في المنزل".
هذه القادمة إلى نيويورك عام 1996 تعرفت على ترامب بعد ذلك بسنتين، واكتسبت الجنسية الأميركية بعد عشر سنين. حينها تحولت مصممة مجوهرات وأماً لبارون بعدما كانت عارضة انتشرت لها صور عارية. وهي اقترعت مرتين في سباق الرئاسة، في 2008 و2012 للمرشحَين الجمهوريين جون ماكين وميت رومني.
مع أنها مهاجرة، فقد أبدت دعمها لآراء زوجها العنصرية حيال المهاجرين بالقول إنه لم يخطر في بالها أبداً البقاء في أميركا من دون أوراق قانونية، وإنها كانت تعود إلى بلادها كل أشهر لتجديد تأشيرتها حتى تقدمت عام 2001 لـ"الغرين كارد". لكنها لم تشرح لماذا يحق لها اتباع ذلك المسار دون سواها من المكسيكيات أو الباكستانيات والسوريات، هل لأنهن يائسات مضطهدات ولا يمارسن عرض الأزياء؟
زوجها في نظرها "قائد عظيم، القائد الأفضل، ومفاوض مذهل. أميركا تحتاج ذلك، وهو يؤمن بأميركا. إنه يؤمن بقدراتها وبما يمكن أن تكونه لأنها الآن في أزمة كبيرة".


بخلافها، ترى أعداد متزايدة من النساء فيه خطراً داهماً. وفي استطلاع للرأي أجراه الحزب الجمهوري في آيوا كعينة تمثيلية أن 69 في المئة من ناخباته لا يفضلن ترامب. وهذا رقم لا يمكن إغفاله إذا أخذنا في الاعتبار أن النساء شكلن 53 في المئة من المقترعين عام 2012.
وحين سألت شبكة "سي أن أن" الأميركية للتلفزيون الناخبين من الحزبين عن رأيهم في المرشح المثير للجدل، انقسم الرجال حوله، إذ أعلن 44 في المئة أنهم ينظرون إليه بصورة إيجابية، في مقابل 47 في المئة رأوا العكس. ولدى النساء كان الرقم حاسماً، 64 في المئة قُلن إن ترامب لا يروقهن. فهل يكون ذلك كافياً لردع طموحاته الرئاسية؟


sawssan.abouzahr@annahar.com.lb
twitter : @SawssanAbouZahr