معركة شاقة لـ"صونيا" التي أُجبِرَت على الدعارة...

بعد ستة اشهر على انكشاف فضيحة مدوية لسلسة اعتداءات جنسية في حق اطفال في #باكستان، يسود قلق مستمر لدى الضحايا وذويهم ازاء عدم التمكن من تحصيل حقهم قضائيا وسط صعوبة بالغة في اعادة بناء حياة طبيعية.


عرفان فتى في السادسة عشرة من عمره تعرّض على مدى اكثر من خمس سنوات لاعتداءات جنسية من مجموعة افراد من قريته. فحتى صيف العام 2015، ارغم هؤلاء المعتدون ما لا يقل عن عشرين طفلاً على ممارسة اعمال جنسية امام عدسات الكاميرات قبل بيع التسجيلات المصورة او ابتزاز عائلات الضحايا بها من دون أي تدخل من الشرطة.


وفي مواجهة الاستياء العارم في اوساط الرأي العام الباكستاني، اوقفت السلطات 37 شخصا لا يزال 20 منهم في السجن بانتظار محاكمتهم.
ويتزايد عدد العائلات التي تقدم على التبليغ عن الانتهاكات التي تعرض لها اطفالها، غير أن المعركة لردع المعتدين جنسيا لا تزال تواجه عقبات كثيرة في باكستان خصوصا في ظل ثقل المحرمات في المجتمع وضعف التشريعات الرادعة ونقص الوقاية، ما يؤجج ظاهرة بقيت طي الكتمان لفترة طويلة رغم تجذرها في المجتمع.


وفي احياء حسين خان والا الفقيرة في ريف البنجاب، يجر عرفان ذيول خيبته شأنه في ذلك شأن مراهقين كثيرين يعانون الصدمة بسبب سنوات من الانتهاكات الجنسية المتكررة من دون أي مؤازرة لهم.


ويقول عرفان "أنزعج كثيراً عندما ينظر إلي أصدقائي . أعلم بما يفكرون فيه. زملائي وأساتذتي يحتقرونني، لقد توقفت عن ارتياد المدرسة".
لكن حتى عندما تقدمت بعض العائلات بالشكوى على المعتدين في تموز الماضي بعدما روعتهم مشاهد الانتهاكات التي طالت ابناءهم، لم تجد لدى الشرطة آذانا صاغية "في مؤشر الى اهمال جرمي يصل الى حد التواطؤ" مع المتهمين الذين يتحدر بعضهم من عائلات نافذة بحسب الهيئة الحكومية لحقوق الانسان.


وتعيّن الانتظار حتى اندلاع اشتباكات بين #الشرطة ومتظاهرين من اهالي الضحايا في آب اسفرت عن عشرات الجرحى لكي يحزم السياسيون امرهم خشية تشويه القضية صورتهم ويطلقوا حملة مداهمات وتوقيفات واسعة.
وقد سلطات وسائل الاعلام المحلية الضوء على اوضاع العائلات والضحايا، حتى أن مسؤولين محليين تحدثوا عن انتهاكات طالت 280 طفلا على خلفية تصفية حسابات بين عشائر متنازعة.


وبعد مرور ستة اشهر، خلص التحقيق الى ان عشرين طفلا تعرضوا للاغتصاب.


وتعتبر فاليري خان مديرة منظمة "غروب ديفلبمنت باكستان" غير الحكومية المحلية الناشطة في سبيل تحقيق اصلاحات قانونية ان "هذه القضية تظهر عدم وجود بنية مؤسساتية لتولي مسائل الاعتداءات الجنسية وحماية الاطفال".


وتتم حالياً مناقشة قانون يجرم الاعتداءات الجنسية على الاطفال في مجلس الشيوخ الباكستاني، علما ان القانون الحالي لا يفرض عقوبات على استخدام الأطفال في انتاج المواد الاباحية واستغلالهم جنسيا لغايات تجارية.


هذه الاصلاحات ترتدي أهمية طارئة نظراً الى الكشف المتزايد عن انتهاكات جنسية في حق اطفال وفق منظمة غير حكومية تحصي هذه الحالات بالاستناد الى معلومات صحافية في غياب اي احصاءات رسمية.


وأحصت هذه المنظّمة اكثر من 3500 حالة في 2014 بعدما كانت احصاءات العام 2008 تشير الى اقل من الفي حالة، في ازدياد يعكس "وعيا للمشكلة في المجتمع".


وتشير الناشطة الحقوقية حينا جيلاني الى ان "الابلاغ المتزايد" عن هذه الانتهاكات الجنسية.
وتقول الناشطة "إنه أمر جيد لكن يجب أن يحصل بعناية" منتقدة نقص الأشخاص المدربين للاستماع الى الاطفال وفتور الشرطة في التحقيق في الجرائم الجنسية.
ولا يزال يتعيّن إجراء حملة توعية ضخمة في هذا البلد المحافظ بشدة حيث تتوانى بعض عائلات الضحايا حتى عن التدخل في هذه الحالات.
وتلفت جيلاني الى ان "الأهمية الممنوحة للشرف والسمعة تدفع الاهل الى عدم التنديد بالانتهاكات الجنسية".


 


صونيا...


هذه الصعوبات دفعت بصونيا البالغة 18 عاماً الى ممارسة الدعارة.
وقد اضطرت الى التوقف عن تحصيلها العلمي اثر وفاة والدها ووجدت نفسها تحت رحمة صاحب عمل ارتكب انتهاكات جنسية في حقها عندما كانت في سن السادسة عشرة غير أنها لم تبلغ يوما عن ذلك.
وتقول الشابة الهزيلة "لو كشفت عن الموضوع لعائلتي ما كان أحد ليرغب في التقدم بشكوى" لأن "الاغتصاب اهانة".
وتلفت الى صعوبة التقدّم بشكوى بمفردها "لأن مركز الشرطة يخلو من اي شرطية".
وبعدما فقدت وظيفتها، انتقلت للعمل في البغاء تحت غطاء صالون تجميل لإعالة عائلتها.
وهي ترفض سرد تفاصيل معاناتها الا في أماكن محايدة مرتدية حجابا يغطي كامل جسمها وتحت اسم مستعار بسبب خشيتها من انفضاح امر ممارستها البغاء مع ما يرتبه ذلك من تبعات قانونية كبيرة عليها في باكستان.


وتقول: "إذا ما فضحت هذا كله، لن أحصل على اي دعم، سينظر الي على انني مذنبة (بتهمة الدعارة) لا كضحية" خصوصا في ظل عدم وجود اي حماية قانونية للسن الدنيا للعلاقات الجنسية بالتراضي.


في حسين خان والا، كل ما يطلبه أهل الضحايا من الحكومة هو مساعدتهم على اعادة بناء حياة الاطفال في أماكن أخرى.
ويشدد محمد والد أحد الضحايا على ضرورة "إرسال هؤلاء الأطفال إلى إسلام اباد أو الى الخارج إذ انهم لن يتمكنوا من الدراسة في هذه الولاية ويجب ابعادهم عن هذا الجو".