كيلو لـ"النهار": وفد موسكو يضم عميل مخابرات وشاهداً على مجازر

محمد نمر

نجحت #المعارضة_السورية السياسية في استعادة ثقة السوريين في الداخل والخارج. وربما هي المرة الأولى التي يرى المتألمون والجائعون والمشردون ممثلين شرعيين لهم يعبّرون عن مواقفهم. فما قبل "مؤتمر الرياض" ليس كبعده. والقرار الذي اتخذته المعارضة لجهة عدم المشاركة في "جنيف-3" قبل تنفيذ القرارات الأممية، ومنها وقف القصف العشوائي وفك الحصار واخلاء سبيل المعتقلين، كان بمثابة صفعة للمجتمع الدولي رداً على سياسة الخداع وتبديل المواقف تجاه حرية الشعب السوري... وأعاد حيوية الثورة إلى السوريين، وسط مخاوف من أن تخيّب المعارضة الأمال وتشارك في "جنيف - 3" من دون أن تحصل على أي مكاسب جدية، خصوصاً أن الهيئة العليا للمفاوضات عادت وتحدثت عن مشاركة بناء على "ضمانات" ورحبت الرياض بقرار المشاركة "في مفاوضات مؤتمر جنيف لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 بكامل بنوده".


وتحدثت مصادر سورية معارضة لـ"النهار" عن "مشاركة للمعارضة في محادثات جنيف وذلك بعد حصولها على تعهد من وزير الخارجية جون كيري بتنفيذ القرارات الأممية الانسانية ومنها القرار 2254"، موضحة أنه تم "التعهد لأحد وزراء خارجية إحدى الدول الصديقة في حضور شخصيات من الهيئة العليا للمفاوضات".


مشاركة مرهونة بجواب


وقبل الموقف المسائي بالمشاركة كان المشهد مقتصراً على معلومات تؤكد أنه سيكون وفد من المعارضة موجودا في جنيف، تزامناً مع ما سمّاه المبعوث الأممي الخاص الى سوريا ستيفان دي مستورا "مشاورات". لكنه "لن يشارك في المفاوضات أو يدخل قاعة التفاوض"، وفقا لما يؤكد المعارض السوري ميشال كيلو لـ"النهار"، بل يكتفي بلقاء المبعوث الاممي في مكان آخر، "في مطعم او فندق"، "ثم يعقد مؤتمراً صحافياً يعرض فيه بيانات وأدلة ومعلومات عن وضع السوريين في ظل حكم (الرئيس السوري) بشار الأسد، في ظل الاحجام عن تطبيق القرارات الدولية وسياسات المجتمع الدولي العاهر". ثم يغادر جنيف.


في رأي كيلو، مشاركة المعارضة في المفاوضات مرهونة بـ"جواب ايجابي من المجتمع الدولي يؤكد التطبيق الفعلي والفوري لستة قرارات دولية، 5 منها لمجلس الأمن، وواحد للجمعية العامة للامم المتحدة، ولها علاقة بتسوية وضع النظام مع الشعب السوري، وليس مع المعارضة. فعندما نتكلم عن رفع الحصار عن المدن، لا يكون الامر متعلقاً بالمعارضة، بل بالشعب".


بين الشعب والنظام


يتابع كيلو تطورات "جنيف-3" عن كثب. هذا المعارض العتيق يدرك تماماً أن أي موقف يجب أن يكون نابعاً من الشعب، وليس من مجموعة أفراد. ويؤكد أن القرارات التي تطالب بها المعارضة "هي أساساً قرارات المجتمع الدولي المتعلقة بالقضية الانسانية التي لا يمكن أن تكون تفاوضية، لأنها ليست قضية بين معارضة ونظام، بل بين النظام والشعب. فهناك 15 مليون ونصف مليون سوري في حاجة إلى مساعدات عاجلة. وحينها لا تعود القضية بين المعارضة والنظام".


المعارضة مستعدة لرفع الحصار


ألا تحاصر المعارضة البلدات بدورها؟ يجيب: "على الرغم أنه ليس هناك أي قرار دولي او مراسلة ضدها، فانها مستعدة لأن ترفع الحصار عن كل المناطق ومن كل الجهات وعن كل السوريين، لأننا لسنا سعداء بمحاصرة أي سوري". ويوضح: "سبق ان مرت مرحلة انتفض فيها أمراء الحرب على العالم، وترسخت في عقول الناس فكرة الخطة الطائفية أن السنّة يحاصرون الشيعة، طالما يحاصر شيعة لبنان سنّة سوريا. اما اليوم، فهناك وعي عريض ان المحاصرين سوريون، واننا لن نرد على "حزب الله" بمحاصرتهم (اي الشيعة)، والاخير يستفيد من محاصرتنا لهم. هذا الوعي انتشر بين المقاتلين، باستثناء "مجانين الدين"، اي "جبهة النصرة" و"داعش" بالطبع. لكن بقية الفصائل ادركت ان الحصار خطأ، وان المحاصرين سوريون، حتى لو كانوا مع "حزب الله".


رسالة إلى روسيا


الضربة السياسية الأولى الموجهة الى روسيا تمثلت في تعيين عسكريين وممثلين لفصائل اسلامية ضمن الوفد، منهم العقيد أسعد الزعبي وممثل "جيش الاسلام" السياسي محمد علوش الذي عيّن كبير المفاوضين. وفي الحديث عن تغييرات في الوفد بسبب ضغوط أو مقابل مقايضة بتأجيل مشاركة الأكراد، يوضح كيلو أن القرار الذي اتخذ بتسمية الزعبي وعلوش وعبد الباسط الطويل "يهدف الى توجيه رسالة إلى روسيا. لكن إذا كانت هناك جدية في المفاوضات وتغيير في الواقع الدولي لجهة فصل الموضوع الانساني عن التفاوض، فسنعيّن حينها مفاوضين غير اؤلئك الحاليين، وسيكون هناك آخرون غير عسكريين، ويترأسون الوفد". ويتدارك: "تسمية العسكريين رسالة موجهة إلى الرأي العام العالمي والدول، خصوصا روسيا، أنه اذا اردتم أن تصعّدوا، فسنصعّد نحن أيضا".


ويلفت إلى أنه "في العادة لا ترسل شخصية عسكرية إلى مفاوضات سياسية. وكانت اللائحة رسالة إلى روسيا"، مذكراً بأن "الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام المعروفة بـ "الفيت كونغ" (Việt cộng) ، حاربت أكثر منّا بآلاف المرات، ولديها جيش ضخم. لكنها ارسلت عند المفاوضات وزير خارجيتها، وترأس الوفد". ويشدد على أن "العسكر لا يفاوض. وفي العادة، يكون ضمن الخبراء في الوفد، أو يحضر إذا كانت هناك جلسة تتعلق بالوضع العسكري والأمني".


ويؤكد أن "الوفد قابل للتغيير في أي لحظة يكون فيها ترتيب جدي لتطبيق جنيف والقرارات الدولية، ولحظة اعلان اجبار النظام على فك الحصار واخلاء المعتقلين".


وفد موسكو... وعميل المخابرات


اتهمت المعارضة المدعومة من الرياض بتهميش أطياف المعارضة الأخرى، خصوصاً المدعومة من موسكو. ويتساءل كيلو: "هل وفد موسكو سوري معارض؟" ويقول: "قدري جميل كان نائب رئيس مجلس الوزراء طوال الفترة التي شهدت المجازر والذبح. وكان عمله محاولة اقناع الناس بتسليم سلاحهم الى النظام. اما صالح مسلم، فلديه مشروع لفصل منطقة كبيرة عن وطنه، ويحارب "الجيش الحر" اكثر من النظام، وكان عميلاً للمخابرات، ولم يناضل ضد النظام. وإذا قال لنا انه كان في تظاهرات 2004، وأنه قادها، فهو كاذب. لقد كان ضدها آنذاك. فهل نطلق على هذا الوفد صفة المعارض؟ كذلك تذبح موسكو السوريين. فكيف يمكن أن تعين وفداً يتحدث باسمنا؟"


عندئذ يبدأ الحل!


في رأي كيلو، امكان نجاح "جنيف-3" مرهون بـ"التقيد بجنيف-1 والقرار 2118، وبأن يكون موضوع التفاوض تشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية، باعتبارها في نص قرار دولي حرفي. عندئذ يبدأ الحل السياسي، وينجح. وستكون هناك مرحلة في سوريا من السلام والوحدة. فنحن نتكلم عن حكومة مشتركة بيننا وبين النظام، لأن جنيف تتحدث عن هيئة حاكمة تُشكَّل بالتراضي بين الجانبين". ويشدد على أن "قضية السوريين لن تحل في واشنطن، ولا في موسكو، ولا في أي مكان آخر. ولن تنتهي إلا بما يلبي ارادة السوريين، والا ستتوسع الأزمة وتتفاقم وتشمل العالم بأسره".


"والله مستعدين"


وعن التطورات الميدانية وخسارة بعض المناطق من جراء الغارات الجوية الروسية، يقول: "دعم صغير من هنا وهناك، وسيتم استرداد المناطق. لا روسيا، ولا غيرها، قادر على حسم الحرب لمصلحة النظام. هناك بين 300 و400 ألف شخص يحملون السلاح، "والله مستعدين يفنوا عن بكرة أبيهم، ولا يسلموا لبشار الأسد".



mohammad.nimer@annahar.com.lb
Twitter: @mohamad_nimer