ذهبت لتجديد جواز سفرها ففوجئت بمذكرة إخضاع... قصة كريستين طعمة

قصدت #الأمن_العام لتجديد جواز سفرها ففوجئت بـ "مذكرة اخضاع" صادرة بحقها. هي واحدة من كثيرين صدموا أنهم باتوا من "المغضوب" عليهم وصدرت في حقهم قرارات ادارية من دون أن يبلغوا بأن برنامج تنقلهم سيخضع لما تمليه هذه العقوبات على معاملاتهم.


"المشاغبة" الأخيرة هي كريستين طعمه، رغم أنها "مسالمة" بحسب ما قالته لـ"النهار" شارحة ما حصل معها في العشرين من الشهر الجاري "قدّمت طلب تجديد جواز سفري، وعند عودتي مساء اليوم عينه لاستلامه، كان الجواب أن هناك مشكلة حالت دون تجديده، ويجب أن أعود في اليوم التالي. وهذا ما حصل في الأمس، لكن تفاجأت عند إخباري أن مذكرة إخضاع صدرت بحقي، ويجب مراجعة أمانة السر العامة، هناك سألت عن المشكلة فكان الجواب انهزلا يمكن اطلاعك عليها بل على الحل، وطُلب مني تقديم شكوى، ذكرت فيها حسب تعليماتهم ان جواز سفري قيد المعالجة، وغادرت على وعد أن يهاتفوني لاطلاعي على المستجدات".


مذكرة "اعتباطية"


طعمة التي تعمل في الحقل العام منذ خمسة وعشرين عاماً، متأكدة أن مذكرة الاخضاع لها علاقة بعملها كمديرة للجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية، "أشكال ألوان"، ومع ذلك لن ترفع دعوى قضائية، وإن اعتبرت مذكرة الاخضاع "اعتباطية وليست قانونية، تخضع للمزاجية من شبكة ادارية تقرر من تريد ان توجه له هذا النوع من الانذار، لكن لست بصدد فتح معركة مع الامن العام، ما يهمني ان يتغير هكذا اسلوب". وقالت: "أنا كمواطنة تحت القانون واذا كان هناك أمر ما اقترفته خطأ تجاه الحق العام، يجب أن ترفع المديرية علي دعوى قضائية، وأنا أمتثل للمحكمة، وليس أن أعامل بهذه الطريقة"، ولفتت الى ان "كثيرين حجزت جوازات سفرهم في محاولة لذلّهم والتضييق عليهم في مجال عملهم في الحقل العام".


قاموس المعاني


خضع المحامي نزار صاغية في العام 2010 لـ"اخضاع" من الأمن العام، ولفت في حديث ل"النهار" ان "التسمية تعني وجود مواطن متمرّد ويجب اخضاعه، وفوق كل ذلك هي عقوبة ادارية صادرة عن جهاز امني من دون أي سند قانوني ومن دون تعليل، وحتى من دون إعطاء الشخص المعني حق الدفاع عن نفسه، وبنتيجتها تخضع معاملات الشخص في الامن العام لأصول خاصة، كما أنه لا يمكنه ان يتنقل داخل المديرية لوحده، بل يرافقه عنصر من الامن العام طوال الوقت". الباحثة في المفكرة القانونية سارة ونسا قالت بدورها ل "النهار" أن "الإخضاع وفق تعريف قاموس المعاني هو اخضاع المتمرّدين، إذلالهم، وإرغامهم على الخضوع، قهرهم بقوة". واستطردت "عمدت المديرية العامة للأمن العام منذ منتصف التسعينيات، على إصدار قرارات بحق مواطنين ومحامين، تقضي بمنعهم من الدخول الى مباني الأمن العام أو من القيام بأي معاملة لدى أي من دوائرها، ومنها تجديد جواز السفر. وقد سُمّيت هذه القرارات بمذكرات إخضاع".


قرار سري


"المذكرة عرف قديم، تتّخذ بشكل سرّي، ولا يُبلّغ المواطن بها، ولا يكتشف الامر إلا حين يقصد الامن العام لاجراء معاملة، أو في المطار حين يقرر المغادرة، لكن هي لا تحول دون سفره إن كان جواز سفره ساري المفعول" بحسب صاغية الذي قال ان "مذكرات الاخضاع نشأت بفعل تعليمات داخلية في الأمن العام، وأي شخص يخالف التعليمات أو يستفزّ المديرية، من خلال الكتابة أو المسرح أو أي عمل فني وغيرها من الاعمال فتصدر بحقّه". وعن سبب "اخضاعه" شرح بانه "على خلفية الحكم الصادر ضد الأمن العام في القضية التي رفعتها كمحامي عن المحتجزة تعسفاً يسرى العامري، والقاضي بوجوب الإفراج عنها. لذلك لجأت حينها الى قضاء الأمور المستعجلة، فأعطى القاضي الأمن العام مهلة عشرة أيام للجواب على ما ورد في الاستحضار، فأقدمت المديرية على تسليمي جواز السفر، عوضاً عن تقديم جواب خطي تظهر فيه أسباب الامتناع عن التجديد".


"انتهاك قانوني"


اذا كانت المديرية العامة للأمن العام رفضت التعليق على الموضوع لدى سؤالنا مكتبها الاعلامي، فان مصدرا امنيا قال أن "مذكرات الاخضاع لا تطال الشخص بل معاملاته، فأيّ مخالف للقوانين لا بد من أن تخضع معاملاته للتدقيق أكثر وهذا امر طبيعي". لكن ونسا ترى هذه المذكرات "انتهاكاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في عام 2014 ، الذي نصّ على إلغاء العقوبتين الاداريتين الصادرتين عن أجهزة أمنية من دون مراقبة قضائية، وهما "مذكرات الاخضاع" و"وثائق الاتصال" وقد ألغِيتا لاسباب سياسية بحتة، وليس لحماية الحرية الشخصية أو حق الدفاع، ليصدر بعدها تعميم عن النائب العام التمييزي طلب فيه الالتزام بقرار مجلس الوزراء، على أن يُصدر تعميماً لاحقاً يبرز تفاصيل الاجراءات التي ستتخذ لإلغاء هذه العقوبة، وإلى اليوم لم يصدر هكذا تعميم، لذلك لا زلنا نتفاجأ بمذكرات اخضاع تتخذ".