مورو لـ"النهار": ليِعش المسلمون في قرننا لا الماضي!

سوسن أبوظهر

على هامش مؤتمر "خمس سنوات على الثورات العربية" الذي ينظمه "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" و"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" على مدى ثلاثة أيام في الجامعة الأميركية في بيروت بمشاركة عشرات الباحثين والناشطين، التقت "النهار" نائب رئيس حركة "النهضة" والنائب الأول لمجلس نواب الشعب التونسي عبدالفتاح مورو.


وكان الحوار معه مزيجاً من الحديث مع سياسي شارك في تأسيس حركة إسلامية سياسية هي من الأبرز في العالم العربي، وعرف الخصومة مع قيادتها قبل المصالحة، ورجلَ دين يدعو إلى الإصلاح ومزاوجة التدين بالعلم.


عن تونس، أرض الثورة الأولى والنجاح الذي لا يزال صامداً برغم العثرات بالمقارنة مع انهيار الدول في ليبيا واليمن والتخبط في مصر، يقول إن "المطبات ما انفكت قائمة". لكنه يؤكد أن لا عودة إلى حكم الحزب الواحد. وفي نظره أن الرئيس الباجي قائد السبسي ليس حاكماً بالمعنى التقليدي للكلمة، أي الصلاحيات الواسعة، بعدما صار في البلاد نظام برلماني. ورئيس الحكومة بدوره لا يحكم، بل يتولى السلطة التنفيذية فريق حكومي إداري، والبرلمان ضعيف. وفي المقابل، تتحفظ "النهضة" عن اقتراح المبادرات السياسية بعدما أدركت مواطن ضُعف تجربتها في الحكم. و"هي كانت أشد حذراً، ولا أقول ذكاء، من حركة "الإخوان المسلمين" في مصر، فخرجت بخسائر أقل من الحكم. وقد كان في البال دائماً وجوب العمل لتفادي مصير الإسلاميين في الجزائر في العشرية السود وعدم الانزلاق إلى حرب أهلية كما في لبنان".


وعن عودة بعض رموز حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، قال إن ذلك النظام "لم يقم على الأشخاص بل على نهج وممارسة. والأسماء ليست مشكلة بذاتها".


ماذا يدفع شاباً من تونس للقتال في سوريا، يجيب مورو متحدثاً عن عوامل اجتماعية وتربوية ومادية تتفاعل مع سوء فهم للدين يرقى إلى حد الجهل به. ويضيف :"بين عشية وضحاها، يصير فقيرٌ مهمشٌ ضحلُ الفهمِ شيخاً داعية وأملاً للأمة ويتحول (تنظيم "الدولة الإسلامية) "داعش" أداة للترقي ويفقد الوطن معناه فلا تعود تونس تعني شيئاً".


وفي نظره أن التصدي لتلك الظاهرة يتجاوز الأمن إلى التربية والثقافة، ذلك أن "الإسلاميين يجب أن يُوجهوا إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية والفلسفة والاقتصاد والعمران والصحافة والاتصال. ورجالُ الدين حالياً جزء من المشكلة، فمعرفة أصول الدين لا تكفي لفهم الوقائع الاجتماعية. وهذا سبب قصورهم عن التأثير وصعود الجاهلين بثقافَتَي العصر والإسلام معاً. صراعنا مع "داعش" فكري في المقام الأول، فالتشدد يتصدر المشهد لغياب القيادة الإسلامية الفاهمة لواقعنا وفساد الحكام وتخبط النخب. وما الأزهر وجامعة الزيتونة إلا مؤسسات تقليدية لم تُطعَم بالعلوم الإنسانية".


ولهؤلاء الشبان المنجذبين إلى "داعش" بذريعة مواجهة الاستعمار أو المشروع الإيراني، يقول مورو إن عليهم الانفتاح على أوطانهم، فـ"الأمة هدف بعيد من دون بناء وطن. لنكن أبناء قرننا ونعش في زمننا، نمزج فهم الإسلام بالعلوم الإنسانية". لذلك فإن "حلول (الخليفة) عمر بن الخطاب ليست بالضرورة صالحة اليوم. واستنساخ أنماط اقتضاها واقعٌ محددٌ خطأ، وهذا خلاف أساسي مع المتشددين الذين يفتون بأن إرث السلف الصالح لا يمكن تجاوزه ويصلح لكل زمان ومكان. الإسلام ليس متحجراً. لكن هل يفقه السلفيون ذلك؟".


المزيد عن الحوار مع مورو ومؤتمر "خمس سنوات على الثورات العربية" غداً في "النهار".


sawssan.abouzahr@annahar.com.lb
twitter : @SawssanAbouZahr