محرقة ضهور الشوير "حرقت" العلاقة بين المشنوق وعبّود \r\nالتشغيل خلال أيام والبيئة ترد: لا تساهل مع المنتفعين مالياً

مجدداً عادت المحارق الى الواجهة. ومجدداً عاد الوزير محمد المشنوق الى البيئة من الباب العريض. يقول لـ"النهار": "نحن واضحون في مسألة المحارق. الموضوع لا يرتبط بالنفايات، بل بمخالفة البيئة وصحة المواطن".


موقف الوزير يتصل بدرجة اولى بقصة المحرقة المنوي تشغيلها في ضهور الشوير. فبعدما دعا القيمون على المحرقة المشنوق الى الاطلاع على عملها، سارع الوزير الى التذكير بضرورة تقديم دراسة الاثر البيئي. خطوة المشنوق لم تتوقف عند هذا الحد، بل وجه كتابا الى المدير العام للجمارك شفيق مرعي، طالباً عدم السماح بإدخال أي محرقة نفايات إلا بعد التأكّد من الحصول على موافقة وزارة البيئة على دراسة تقويم الاثر البيئي لمشروع اقامة المحرقة. وبالتالي اي تقويم يمكن ان تقدّمه وزارة البيئة، وما هو مصير محرقة ضهور الشوير؟
بالنسبة الى المشنوق، الموضوع لا يتعلق بضهور الشوير فقط ، لان الخطورة ان الوزارة علمت اخيرا ان محارق صغيرة عدة تنوي دخول لبنان، وان طلبات كثيرة من الجنوب الى جبل لبنان قدّمت وتتعلق باقامة محارق. من هنا، اتى التعميم الى ادارة الجمارك، لان المسألة تكبر، وثمة تساهل.
يبقى السؤال: هل الوزارة مخوّلة تقويم المحارق، ووفق اي معايير؟
يعود المشنوق الى القانون الرقم 444 الذي يشير الى ضرورة ان تسبق اقامة اي محرقة على ارض لبنانية موافقة مسبقة من وزارتي البيئة والصناعة، ويقول: "نرفض اي " تخبيص" في هذا الاطار. القانون واضح والمراسيم التطبيقية ايضا. لا يهم ما اذا كانت المحرقة صغيرة ام كبيرة، فالموضوع بيئي ويتعلق بسلامة اللبناني".
وفق الوزير المعادلة واضحة: "من يريدون اقامة محارق يستفيدون ماليا، وبالتالي هم لا يعيرون اي اهتمام للاثر البيئي". يضيف: "الوزير الياس بو صعب والوزير السابق فادي عبود يدعواننا الى الاطلاع على عمل المحرقة، متناسيين انهما لم يتقدّما وفق الاصول، بأي دراسة مسبقة للاثر البيئي، بل ذهبا مباشرة الى العمل بالمحرقة. وهذا مرفوض تماما".
امّا هل يحكم الوزير سلفا على ان محرقة ضهور الشوير غير مستوفية الشروط؟، يردّ: "وكيف لي ان اعرف اذا لم يتقدموا بأي طلب او دراسة؟ لماذا لم يلتزموا الاصول. ان التهاون بصحة الناس مرفوض".
في المقابل يرد عبود عبر "النهار": "عن اي دراسة يتحدث الوزير؟ في الاساس، هل حدّدت وزارة البيئة المواصفات الاوروبية او الانبعاثات المسموح بها كي تستطيع تقويم الاثر؟".
عموما، ان المحارق معتمدة في عدد من دول اوروبية، فهل من ضوابط عندنا؟ يستفيض المشنوق في شرح امور تقنية كمسألة الفلاتر الاساسية لاي محرقة والفلاتر الاضافية، ويتحدث عن الكلفة المرتفعة جدا لهذه الفلاتر، والتي قد لا يتحملها القيمون على المحرقة في لبنان. والاخطر ان ثمة نية لإقامة اكثر من محرقة صغيرة في عدد من المناطق، مما يشير الى ان المسألة تفلت، فكان لا بد من تعميم الوزارة. يقول: "كل ما طلبناه تقديم دراسة الاثر البيئي وفق القانون ووفق صلاحيات الوزارة، واذا كانوا ملتزمين الشروط لماذا لم يبادروا الى تقديم الدراسة؟ ".
اما عبود فيشرح: "في لبنان ليس هناك اي مواصفات تتعلق بالمحارق. فعلى الوزارة تحديد هذه المواصفات اولا، قبل ان تبادر الى الطلب منا تقديم الدراسة. حدّدوا شروطكم ونحن مستعدون لتقديم الدراسة. نحن التزمنا المواصفات الاوروبية، وهناك 140 محرقة بريطانية تعمل وفق الشروط التي ستعمل بها محرقتنا، اما الوزارة فماذا لديها من مواصفات؟ لا شيء. ونلفت الوزير الى ان الفلتر لا يزال موجودا في المرفأ حاليا، وننتظر تركيبه بعدما تأخر شحنه قليلا".
اذاً بين هاتين القراءتين ما هو واقع المحرقة؟
يجيب المشنوق: "ابلغنا المخفر بوضع شادر على المحرقة ووقف العمل، كما ابلغنا محافظ المنطقة بالامر بعدما وجهنا كتابا الى وزارة الداخلية". ويتدارك :"لا اعرف ما اذا كانت ستعمل في الليل او في النهار، على البلدية ان تقوم بدورها، تماما كقوى الامن ووزارة الداخلية".
اما عبود فيقول: "لم يوضع على المحرقة شيء، لا شادر ولا غيره. ثم ان المحرقة لم تبدأ العمل بعد، لانها بانتظار الفلتر من المرفأ، فكيف يقول الوزير هذا الكلام؟".

بين التعميم والمخالفة
ايام تفصل عن بدء العمل، وفق عبود، وهو يتوقع الذهاب الى مشكلة. يعلّق: "حتما، نحن مستعدون لاننا سنقف في وجه من يسرق اموال الشعب، ونحن سنستمر في الاصرار على المحرقة. المطلوب من الوزارة ان ترد علينا بالعلم وبتحديد المواصفات".
يتوقف عبود عند ما سمّاه "مخالفة" ارتكبها الوزير، اذ انه خاطب المدير العام للجمارك مباشرة، مما يعتبر مخالفة قانونية ودستورية. اما المشنوق فيعتبر "اننا لا نحتاج الى قرار من مجلس الوزراء، بل الى ان تقوم كل وزارة معنية بدورها، الى جانب المسؤولية الملقاة ايضا على البلديات".
ويكشف الرقم الساخن الآتي: 1789 والذي يمكن لكل مواطن الاتصال به للابلاغ عن اي مخالفة.
هذه المتابعة لا يضعها عبود الاّ في اطار "الخوف من قطع الارزاق" ، اذ انه يربط الاصرار على وقف المحرقة بعدم النية لمعالجة ملف النفايات الذي يستفيد منه الجميع. يوضح: "الترحيل يسرق من الشعب اللبناني 250 مليون دولار. هذا الرقم وحده يدلّ على حجم السرقة".
ويسأل: "لماذا لا يتحدث وزير البيئة عن محارق سيكومو في البقاع ومستشفى عين وزين والجامعة الاميركية والمصانع التي تنتج الطعام والتي تعتمد الحرق؟ لا يجوز "شيطنة" المحارق. الاهم انه علينا ان نسأل ماذا ستحرق المحرقة؟ نحن سنحرق فقط العوادم، بعدما نقوم بعملية الفرز والتدوير، والحرق سيكون بالتفكيك الحراري وعلى 1200 درجة. ما يتم حرقه اليوم في الشوارع اخطر بكثير من ناحية السموم من عمل محرقة وفق المواصفات".
ويكشف انه تلقى قبل يومين رسالة من احد الاصدقاء تنصحه بوقف المحرقة حتى تمر "صفقة" الترحيل، عندها ربما "تهدأ النفوس" وتطمئن الى ان "باب الرزق" لم يقفل، ويختم: "يا للاسف، جماعة البيئة، امّا مرتزقة واّما مضللة. المحرقة اتت الى لبنان تحت سقف القانون، ونحن سنبدأ العمل خلال ايام".
وبعد... ثمة من يقول ان وزير البيئة "استقال" من مهمته متابعة ازمة النفايات، وها هو اليوم يستفيق فجأة على المحارق.
يدافع المشنوق: "كنت متمسكا بالمناقصات وبالشفافية، الا ان التضييق اتى من مكان آخر: من السياسة. لذلك، عجزت وتركت الامر الى الوزير اكرم شهيب الذي عجز هو ايضا عن حلّ الملف في السياسة، ولم يبق الا حلّ الترحيل. هذا الامر لا يلغي دور الوزارة في معالجة الموضوع البيئي، والمحرقة اوسع من ازمة النفايات الحالية لانها تطاول صحة اللبناني مدى الحياة".


manal.chaaya@annahar.com.lb
Twitter: @MChaaya