وسيط يروي لـ"النهار" تفاصيل اتفاقية الزبداني: لا "ترانسفير" ولا خروج للمقاتلين...

محمد نمر

لا خروج للمقاتلين من #الزبداني والحال نفسه مع الفوعة وكفريا. إنها قاعدة التزم بها الجميع وكانت شرطاً تركياً لعدم حصول عملية "ترانسفير" أو تغيير ديموغرافي للمناطق التي شهدت اليوم المرحلة الثانية من الاتفاقية العابرة للحدود أكانت في تنسيقها أو في تنفيذها، كما يؤكد لـ"النهار" احد الوسطاء البارزين في الاتفاقية. واتجهت الأنظار نحو ساح السيلان - وسط الزبداني، حيث أطلّ مقاتلو حركة "#أحرار_الشام" للاشراف على نقل الجرحى وعائلاتهم إلى تركيا عبر لبنان، وفي الوقت نفسه شهدت الفوعة وكفريا خروج الجرحى وعدد من المدنيين باتجاه تركيا لتنتهي رحلتهم في لبنان.


 


أما مسار الرحلتين فيكون على الشكل الآتي:
من الزبداني خرج نحو 190 جريحاً ويضاف إليهم أقرباؤهم عبر باصات تابعة للأمم المتحدة وسيارات للصليب الأحمر اللبناني، وسيتجهون فوراً نحو مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وفي حال وجود أي حالة حرجة فيتمّ نقلها إلى مستشفيات في البقاع أو طرابلس. وسيدخلون من بوابة خاصة إلى المطار، من دون تفتيش أو إبراز أوراق ليُنقلوا عبر طائرة تركية إلى اسطنبول، حيث سيُعالج الجرحى ويبقى الاقرباء معهم.
من الفوعة وكفريا خرج أكثر من 300 شخص، بين جرحى ومدنيين، وعبر الباصات سيتجاوزون معبر باب الهوى ويليها نقلهم بطائرة تركية من مطار هاتاي إلى مطار بيروت ومباشرة إلى مستشفى الرسول الأعظم، حيث يعالج الجرحى، وتترك لهم الحرية في البقاء بلبنان وتسوية أوضاعهم كضيوف أو الانتقال إلى مناطق النظام في سوريا.


 


جرحى بزيّهم العسكري
هذا ما أطلعنا عليه أحد الوسطاء في اتفاقية الزبداني - كفريا والفوعا ورئيس مؤسسة "لايف" نبيل الحلبي، الذي كان له الدور الأكبر في تنفيذ صفقة تبادل العسكريين بين "جبهة النصرة" والدولة اللبنانية في جرود عرسال واتفاقيات أخرى، وفي ظلّ الانقسام في الخطاب الاعلامي بين إعلام مقرّب من النظام وحزب الله يؤكد إفراغ الزبداني من المسلحين والمدنيين، وبين إعلام ينفي خروج أيّ مسلح، يشدّد الحلبي لـ"النهار" على أن "الاتفاقية لا تتضمن خروج المقاتلين والأهالي من الزبداني، بل الجرحى وأقاربهم فقط، وبينهم اشخاص يرتدون الزيّ العسكري ولا يحملون معهم أي سلاح"، مذكراً بأن "المرحلة الأولى كانت بداية للهدنة ووقف إطلاق النار، وبعدها إدخال المساعدات إلى الزبداني ومضايا والفوعا وكفريا (قبل توقيفها) وخروج جريحين حالتهم خطرة من الزبداني، ويتلقيان علاجهما في أحد المستشفيات اللبنانية".


أما المرحلة الثانية فكانت بحسب الحلبي: "خروج الجرحى في شكل متبادل بين المناطق الثلاث ومعهم بعض المدنيين أو اقاربهم، واشترطنا أن يخرج من الفوعا وكفريا من المدنيين النساء والأطفال وأن يكون عمر الذكور أقل من 18 سنة"، ووفق اطلاع الحلبي الذي يتابع مسار العملية عن قرب "لن يبقى أي من الجرحى في لبنان، لأن حالتهم تمكنهم من الانتقال إلى تركيا، علما أنه في حال لاحظ الصليب الأحمر أن هناك حالة يتوجب بقاؤها، فهناك 4 أجنحة محجوزة في مستشفيات بين طرابلس والبقاع لتأمين العلاج المطلوب".


 


من ادلب إلى "الرسول الأعظم"
وتوقّفت قافلة الزبداني في جديدة يابوس - المصنع لبعض الوقت، وانتظرت انطلاق قافلة الفوعا وكفريا من معبر باب الهوى، حيث وقعت مشكلة تم تذليلها، وبحسب مصادر مطلعة هناك، فإن "سلاحاً مع أحدهم أخّر اجتياز المعبر"، ويوضح الحلبي: "بعد وصول جرحى الفوعا وكفريا والمدنيين إلى بيروت سينقلون مباشرة إلى مستشفى الرسول الأعظم، ومَن هم بصحة جيدة يمكنهم البقاء في لبنان مع الجرحى وانتظارهم في مناطق الضاحية الجنوبية أو الانتقال إلى مناطق النظام في سوريا، ولن يحسبوا من اللاجئين من ناحية تسجيلهم، بل سيكونون ضيوفا والامن العام يقرر في شأن تسوية أوضاعهم".
لماذا لا تتم معالجتهم في سوريا؟ يجيب الحلبي: "لأن الأدوات والإمكانات والادوية والعلاج متوافرة أكثر في مستشفى الرسول الأعظم، وهناك قسم كبير من المعدات الطبية والادوية غير متوافرة حتى في مناطق النظام".


 


تسليم السلاح الثقيل
المقاتلون لا يزالون وسط الزبداني، وسينتظرون استكمال الاتفاقية إلى حين انتهاء الهدنة (6 أشهر) في شباط، وحينها "يتم البحث بإمكان تجديدها، وبالتالي الاتجاه نحو المرحلة الثالثة التي تتضمن تسليم السلاح الثقيل في الزبداني" بحسب الحلبي، لافتاً إلى أن "هذا الامر لا يمكن الوصول إليه إلا إذا استمرت الهدنة وعملية إدخال المساعدات إلى الزبداني ومضايا وبقين، من غير أن تفشل الاتفاقية"، ويضيف: "الاتفاقية بأكملها لم تحدد اخراج المسلحين، بل سيتم تسليم السلاح الثقيل في ما بعد برعاية الأمم المتحدة، وهو لم يستخدم أساساً في المعارك مع حزب الله، بل كانت هناك مقاومة من الاهالي بالسلاح الخفيف بأسلوب حرب شوارع".


 


"إحباط لمشروع التوطين"
مضايا وبقين هما ضمن الاتفاقية، ومن المفترض أن يتم ادخال المساعدات الاغاثية والطبية إليهما، اما نقل الجرحى فيؤكد الحلبي اتمامه في وقت لاحق بعد تنفيذ الاتفاق الاساسي مع جرحى الزبداني. ويشبّه ما يجري بصفقة "عرسال - وداي حميد. إنها اتفاقية انسانية بامتياز".
ولا يرى الحلبي أي استفادة لـ"حزب الله" والنظام عسكرياً من الاتفاقية، خصوصاً في ظل بقاء المقاتلين في المدينة، لكنه يعتبر أن "ما حصل أحبط المشروع الايراني المتمثل بنوع من توطين الشيعة في مناطق السلسة الشرقية الشمالية (القصير، الزبداني وتلكلخ..) وربطها بالساحل العلوي، كما كان هناك مشروع لتهجير اهالي عرسال، لو لم تتم صفقة العسكريين وفض الاشتباك في وادي حميد". وسيتابع الحلبي خلال الاسبوعين المقبلين موضوع السوريين (ابناء الزبداني) في لبنان لتسوية اوضاعهم او التحاقهم بعائلاتهم في تركيا.


 


مقاتلون صامدون
بالنسبة إلى حركة "أحرار الشام" ما حصل "جزء بسيط من الصفقة"، وتؤكد مصادر الحركة وجود "بعض العقبات في المراحل المقبلة يجري العمل على تذليلها". ويتابع الناشط السوري علاء التيناوي تنفيذ الصفقة، ووفق معلوماته: "خرج مع كل جريح 4 مرافقين من أهله في مضايا"، مؤكداً بقاء نحو 350 مقاتلاً في وسط الزبداني وهم من "أحرار الشام والجيش الحر، ولا أجانب بينهم، بل جميعهم من أبناء البلدة"، ويتواجدون في "السيلان، المحطة، النابوع والجسر"، ومساحة هذه المناطق لا تتجاوز الكيلومترات، أما "حزب الله" فيتمركز في أطراف الزبداني". ووفق التيناوي خرج "نحو ١٢٣ شخصا بينهم ٧٠ جريحاً و ٥٣ مدنياً من النساء والأطفال وكبار السن، و‏لم يخرج أيّ مقاتل كما يتم التداول".‏



استفادة "حزب الله"
الحديث الاعلامي تطرق إلى استفادة "حزب الله" من الاتفاقية لحماية الاوتوستراد الدولي بيروت - دمشق وتأمين الجبهة لناحية العاصمة، ويقول التيناوي إن "الحزب يريد ضمان أمن الحدود أيضاً، خصوصا أن الزبداني هي النقطة الأخيرة على الحدود، وبعد اغتيال قائد جيش الإسلام زهران علوش وإخلاء الجرحى من الزبداني وإفراغها ستتمّ حماية العاصمة دمشق والاوتستراد ومعسكرات الحزب الحدودية من محور غرب الزبداني والجبل الغربي، فسبقَ أن وصل الثوار إلى مشارف كفيريابوس ومنطقة قريبة من المصنع وشكّل الأمر خطراً على الطريق الدولية بالنسبة إلى الحزب، وتمّت آنذاك عملية عسكرية كبيرة وتم استرجاع الجبل لصالح الحزب، كما أن الزبداني مهمة للأخير لأنها تبعد عن دمشق 40 كلم فقط، ولو أعيدَ تحريرها وتم الزحف باتجاه الاوتستراد فإن طريق الامداد للحزب سينقطع".


وفي رأي التيناوي "الجميع استفاد من الاتفاقية الا الثورة"، ويذكّر بـ"الحصار المفروض على مضايا وبقين وسرغايا، حيث وصلت أسعار بعض المواد الغذائية إلى 100 دولار، كالأرز والطحين، وهناك الجوع الذي يحصد الأرواح"، مؤكداً على أن هذه المناطق "لن تشهد ترحيلا للمدنيين ولا المقاتلين بل سيتم فك الحصار عنهم بإدخال المساعدات".


 


mohammad.nimer@annahar.com.lb
Twitter: @Mohamad_nimer