فاجعة "تعرّي" ناقلي التلامذة ... الخطر كبير اذا لم يطبق القانون

النبطية - سمير صباغ

لم يدرك الطفل علي حسين وهبي (4 سنوات) الذي توفي إثر حادث اصطدام "فان المازدا" الذي يقلّه الى الحضانة بحائط إسمتني في بلدة جبشيت أنه سيكون على موعد أخير مع ألعابه والحكايا والأحلام، لأن القدر سرقه من عائلته ومن رفاقه في الحضانة الذين عاش معهم "رهبة الحادث"، فيما لا تزال زميلته الطفلة لين بدرالدين تنازع بين الحياة والموت في مستشفى الشيخ راغب حرب في تول. فمن سيتحمّل مسؤولية ما حدث؟ وماذا عن معايير السلامة العامة لمركبات نقل التلامذة؟


الاكيد وفق التحقيقات الأولية أن السائق ع. ص. فحص سائق "فان المازدا" كان مخالفاً لقوانين السير كون "الفان" لم يكن مسجلاً، ولا يحمل لوحة، وبالتالي لا تأمين إلزاميا ولا تأمين اختياريا، أي أن وضعه غير قانوني. كما أن الاتفاق معه كان من قبل الأهالي فلا مسؤولية قانونية تقع على الحضانة التابعة لوزارة الشؤون الإجتماعية.


وفي هذا السياق كشف خبير السير الذي رفع تقريره عن الحادث مصطفى حماده أن "الفان كان مسجلاً أنقاض( أي غير موضوع بالسير) ولم يكن سائقه يحوز على إجازة سوق عمومية تخوّله قيادته، حتى إنه يتّسع لـ 8 ركاب، وكان في داخله 20 ولداً مع العلم أن وضعه الميكانيكي لم يكن جيداً وإطاراته غير صالحة للإستعمال، فالذي حصل جريمة لا يمكن التغاضي عنها "حرام الناس تروح ببلاش".
ولفت الى ان "أكثر من 70 في المئة من الأليات المخصصة لنقل التلامذة في منطقة النبطية غير قانونية، ولا تستوفي الشروط المطلوبة لضمان سلامة الطفل، علماً أن سلامة الطفل مسؤولية الأهل اولاً، بعد إعطائهم الثقة للسائق ثم مسؤولية السائق بالحفاظ على أرواح أبنائهم بعد حصوله على هذه الثقة".


 


تجارة تحكمها المزاحمة!


قد يرمي البعض ما حصل على عاتق القوى الأمنية التي لم تكافح بما يكفي لمنع المركبات الغير قانونية من السير على الطرق، كون قانون السير الجديد يتضمن بنودًا واضحة في مسألة نقل التلامذة، بحسب ما قال رئيس نقابة مكاتب السوق حسين غندور.


غير ان من وضع القانون جعل من ينفّذه يرى فقط الشقّ المادي فيه الذي يتحقّق عبر الغرامات المرتفعة على المواطنين فقط؟" وشدد على أن "كل مركبة تتسع لأكثر من 7 أشخاص يجب ان تسجل على إما "نقل خاص" على اسم مدرسة مرخصة او شركة صناعية، أو توضع بالسير على أساس النمرة العمومية، ويلزم في الحالتين حيازة سائقها على إجازة سوق عمومية".


وأوضح أن"المشكلة ليست فقط في تطبيق القانون بل في سيطرة العقلية التجارية على السائقين، الذين يقومون بأخذ التلامذة على دفعتين كل يوم صباحاً وظهراً، ما يجعلهم يتزاحمون على الطرق وهم في عجلة في أمرهم، كي يتمكنوا من إنجاز مهمتهم سريعاً. وهذا لا يتحقّق دون سرعة زائدة، مع العلم أنه إذا كانت السرعة محددة بـ 80 كلم، يتوجب على سائق مركبة نقل التلامذة السير بسرعة 40 أو أقل حفاظاً على حياة ركابه لا سيما في الأحياء السكنية الضيقة والمزدحمة".


وعن الشروط الواجب توافرها لتأمين السلامة العامة في كلّ مركبة غير تسجيلها، يؤكد أنه" من الضرورة التقيّد بعدد الركاب المسجل لكل مركبة، ثم لا بد من توافر مقاعد بجوانب وبحزام لكل ولد فضلاً عن وضع الحواجز الحديد على النوافذ، كما يستحسن أن يكون هناك مساعد سائق مسؤوليته التنبه لجلوس التلامذة في أماكنهم وأخذهم من أمام منزلهم لايصالهم الى داخل المدرسة بحيث لا يجوز تركهم يتجاوزون الشوارع لوحدهم ويتعرضون للخطر".


ودعا الى "إقامة حملات توعية حول ما يجب توافره خصوصاً في مركبات نقل التلامذة، لأن أغلب السائقين يجهلون هذه الأمور الأساسية المطلوبة لحماية ركابهم، كما يجب على قوى الأمن الداخلي التشدد لضبط المخلين بقانون السير".
قد لا يكون ضبط قطاع نقل التلامذة ممكناً بشكل كامل ما لم تتعاون المدارس والقوى الأمنية والأهالي لحماية التلامذة من الحوداث على الطرق التي لا يصح إدراجها في خانة "القضاء والقدر" كون المسوؤلية سببها الإهمال. وهنا يكمن السؤال: لماذا لا يعمم ما قامت به مدارس خاصة في منطقة النبطية من خلال التأكد من قانونية أوضاع كل سائقي المركبات التي تدخل الى حرمها لنقل التلامذة مع كل عام دارسي جديد؟


 


samir.sabbagh@annahar.com.lb
twitter:@samirsabbagh