الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

اتفاق تاريخي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري

اتفاق تاريخي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري
اتفاق تاريخي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري
A+ A-

أقرت 195 دولة مساء السبت اتفاقا تاريخيا غير مسبوق في باريس لمكافحة الاحتباس الحراري الذي تهدد تداعياته كوكب الارض بكوارث مناخية، وذلك بعد سنوات عدة من المفاوضات الشاقة.


وكان قدم السبت رئيس المؤتمر العالمي حول المناخ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اتفاقا فارقا لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري ، في خطوة "تاريخية" لإنهاء اعتماد الاقتصاد العالمي على الوقود الاحفوري خلال عقود وقلب الموازين المتعلقة بمكافحة ظاهرة التغيير المناخي.
وفي نهاية أشد الأعوام حرارة في التاريخ وبعد أربع سنوات من محادثات شاقة رعتها الأمم المتحدة تضاربت فيها كثيرا مصالح الدول الغنية والفقيرة ومصالح الدول الجزر التي تواجه الخطر مع مصالح الاقتصادات الصاعدة حض فابيوس مسؤولين من نحو مئتي بلد على دعم ما يأمل أن يكون مسودة نهائية.
ولا يقضي الاتفاق الذي يضع هدفا موسعا لوقف زيادة يسببها البشر في انبعاثات الغازات خلال هذا القرن باتخاذ اجراءات أو أهداف بعينها. لكنه يضع نظاما لضمان أن تفي الدول بجهود محلية للحد من الانبعاثات وتوفير مليارات الدولارات الإضافية لمساعدة لدول الفقيرة في التحول إلى اقتصاد صديق للبيئة.
وقال فابيوس لآلاف المسؤولين بينهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في القاعة الرئيسية للمؤتمر على مشارف باريس "مسؤوليتنا أمام التاريخ جسيمة." وأضاف "إذا فشلنا فكيف سيتسنى لنا إعادة بناء هذا الأمل؟.. أطفالنا لن يفهموا ولن يسامحونا."
واذا ما اقر الاتفاق سيمثل خطوة كبرى في الجهود الدولية لمنع تبعات كارثية محتملة لارتفاع درجة حرارة الكوكب.
وقال فابيوس وهو يصف الاتفاق بأنه "طموح ومتوازن" إنه سيمثل "نقطة تحول تاريخية" بالنسبة للعالم.
وقبل الجلسة قال كبير المفاوضين بالوفد الصيني جاو فينغ إن هناك "أملا اليوم" للتوصل الى اتفاق نهائي بينما قال وزير خارجية جزر مارشال طوني دي : "أعتقد أننا انتهينا هنا."
وصرح كيري بعد انتهاء جلسة منتصف النهار إن الاتفاق يخضع على ما يبدو "للتفاصيل النهائية".
ومن شأن الاتفاق إذا أنجز أن يمثل بادرة قوية لسكان العالم وإشارة محتملة للمستثمرين للمرة الأولى منذ ما يزيد على عقدين بأن دول العالم غنيها وفقيرها ستتفق على رؤية مشتركة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وعلى خريطة طريق لإنهاء قرنين من هيمنة الوقود الاحفوري.
وخاض مسؤولون من 195 دولة مفاوضات امتدت خلال الليل في مسعى لحل النقاط الشائكة الرئيسية التي تبدو مستعصية ومنها صوغ هدف تقليص الانبعاثات الكربونية خلال هذا القرن.
ومن المرجح أن تلقى النتيجة -التي تتضمن تعهدات بإنفاق مليارات الدولارات لتسهيل التحول إلى استخدام الوقود منخفض الكربون ومساعدة الدول النامية على التعامل مع تداعيات تغير المناخ من الفيضانات إلى موجات الحرارة- إشادة من قبل الكثيرين بسبب طموحها بينما سينتقدها آخرون بحجة الافتقار لهذا الطموح.
وبتحديد نهج مشترك يأمل الزعماء أن يصير رؤساء الشركات والمستثمرون أكثر استعدادا لانفاق تريليونات الدولارات حتى تحل الألواح الشمسية ومزارع الرياح محل طاقة الفحم.
وقال مدير معهد بوتسدام لأبحاث آثار المناخ هانز يواكيم شولنباور:" الأمر سيرجع لقطاع الأعمال والمستهلكين والمواطنين ولا سيما المستثمرين لاتمام هذا العمل."
لكن على النقيض من بروتوكول كيوتو وهو آخر اتفاق مناخي كبير أبرم عام 1997 لن تكون معاهدة باريس ملزمة قانونا وهو أمر من شبه المؤكد أن يقابل بالرفض في الكونغرس الأميركي. وبدلا من ذلك سيترك الأمر لكل دولة أن تحدد المسار نحو الطاقة النظيفة بطريقتها الخاصة وأن تفي بتعهدات قدمت قبل القمة بأسبوعين.
وفي الولايات المتحدة سيرى الكثير من الجمهوريين المعاهدة بوصفها محاولة خطيرة لتهديد الرخاء الاقتصادي من أجل مستقبل غير مضمون حتى لو كان أقل تلوثا.
وستمثل معاهدة باريس الإنجاز المحدد لميراث الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي حذر من "عدم الحكم على أطفالنا أن يعيشوا في كوكب لا يكون في مقدورهم إصلاحه" كما سيطوى صفحة القمة المناخية السابقة في كوبنهاغن قبل ستة أعوام التي باءت فيها محاولة الاتفاق على زيادة القيود على انبعاثات الكربون بالفشل.
وبعد تمديد المفاوضات لتستمر لهذا الصباح أظهر النص كيف أمكن للمسؤولين حل أكثر النقاط إثارة للخلاف. وحذر هولاند من أن الاتفاق لن يكون "مثاليا للجميع" وحض الوفود على النظر للحاجة المشتركة أثناء دراسة عدد من التنازلات التي من المؤكد أنها لن ترضي جميع الدول.
وقال الرئيس الفرنسي "أمام التحدي المتمثل في التغير المناخي فإن مصائرنا متشابكة."
وفي محاولة لحشد تأييد تحالف واسع من الأمم "الطموحة" سيحدد الاتفاق هدفا أصعب للحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض "لأقل بنسبة جيدة من درجتين مئويتين."
وسيتعين على الدول الوصول لأفضل إنجاز ممكن في مسألة انبعاثات الغازات "بأسرع وقت ممكن" وتحقيق توازن بين مستويات انبعاثات الغازات التي يتسبب فيها الإنسان وبين امتصاصها بواسطة الغابات أو المحيطات "بحلول النصف الثاني من القرن الحالي."
وقال مدير معهد بوستدام لأبحاث تأثيرات المناخ " جون شينهوبر إذا أبرم الاتفاق وتم تطبيقه فسيعني هذا خفض انبعاثات الغازات الضارة إلى الصفر خلال عقود قليلة. يتماشى هذا مع الدليل العلمي الذي قدمناه."
ويتطلب هذا أيضا من الدول الغنية الوفاء بتعهدها بضخ مئة مليار دولار كل عام لما بعد عام 2020 واستخدام هذا المبلغ "كأساس" لتوسيع مجال الاتفاق بحلول عام 2025 بشرط توفر أمن مالي أكبر للدول ذات الاقتصادات الصاعدة في التحول من الطاقة المعتمدة على الفحم.
ورأت منظمة "غرينبيس" كما منظمات غير حكومية عدة ان المشروع يشكل "منعطفا" ويضع مصادر الطاقة الاحفورية "في الجانب الخاطىء من التاريخ".
ومن شأن الاحتباس الحراري ان يؤدي الى تفاقم الظواهر الطبيعية من موجات الحر والجفاف الى الفيضانات... ويهدد الانتاج الزراعي واحتياطات المياه في عدد كبير من المناطق.
ويهدد ارتفاع مستوى مياه المحيطات جزرا مثل كيريباتي وتجمعات سكنية ساحلية مثل بنغلادش.
ويفترض ان يسرع هذا الاتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في 2020 العمل لخفض استخدام الطاقة الاحفورية مثل النفط والفحم والغاز ويشجع على اللجوء الى مصادر للطاقة المتجددة ويغير اساليب ادارة الغابات والاراضي الزراعية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم