رحيل عيد الشدراوي المهاجر المقيم

حبيب شلوق

كم هو ظالم القدر!
عبارة ترددت عشرات المرات في اليومين الأخيرين على أثر شيوع خبر وفاة الشيخ عيد الشدراوي.
وعيد الشدراوي، أو "لابا" كما يعرفه كثيرون، سليل عائلة لبنانية عريقة تغرّب معظم أفرادها، خصوصاً في افريقيا، عندما ضاقت الدنيا بسعة طموحهم وتطلعاتهم، وهناك نشط الراحل في الصناعة والبناء من دون أن ينسى "وطن النجوم" بل هو التصق به وكان على صلة وثيقة بكبار قادته من رجال دين ودنيا، وحظي بمكانة مرموقة لدى كل من تولّى سدّة رئاسة الدولة وكل من تبوّأ السدّة البطريركية المارونية.
من غانا إلى بوركينا فاسو إلى البرازيل إلى المملكة العربية السعودية وغيرها نشط عيد الشدراوي مع شقيقه نوفل في بناء صناعات عدة، ولا سيما منها المفروشات من دون أن ينسيا الوطن الأم حيث أنشآ شركة "فاب" للمفروشات فضلاً عن مؤسسات حرفية حرص الراحل على إقامتها في مسقطه حدث الجبة الذي أحب، في محاولة منه ناجحة لإبقاء المواطنين في بلدتهم. من دون أن نغفل مشاريع توليد الكهرباء بأقل من سعر الكلفة.
وحدث الجبة التي كانت بالنسبة إلى الراحل المبتدأ والخبر، وحيث بنى له قصراً فخماً، ظلت مرقد الراحل الذي ما أن يغيب عنها في دنيا الانتشار الواسعة حتى يعود اليها فصار أقرب إلى صفة "المهاجر المقيم"، إذ ما إن يسافر الشيخ عيد حتى يحدثك مجدداً من لبنان.
وإلى نشاطه الإنمائي نشط الصديق الشيخ عيد على الصعيد الإغترابي والكنسي، فتسلم مسؤوليات في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم – الانتشار في أفريقيا، قبل أن ينتخب رئيساً عالمياً للجامعة عام 2010، وكان الرئيس القريب من الجميع والمحبوب من جميع عارفيه. أما على صعيد الطائفة المارونية فنشط عيد الشدراوي في كل المؤسسات الكنسية من منطلق إيماني وطني وليس تعصباً وتزمتاً، وإذا به عضو في مؤسسات مارونية ومنها الرابطة المارونية، و"المؤسسة المارونية للانتشار" التي كان من كبار مؤسسيها إلى جانب الوزير ميشال اده أطال الله عمره، وفي مؤسسات ولجان بطريركية عدة.
"كم هو ظالم القدر".
عبارة سيرددها بحسرة نحو أكثر من ألف عائلة يعمل أربابها في مؤسسات عيد الشدراوي وشقيقه نوفل ومصانعهما في لبنان ودول الانتشار، وسيبكيه كثر ممن كانت يده اليسرى لا تعلم بما فعلته لهم يده اليمنى من حدث الجبة والشمال إلى كل لبنان.


habib.chlouk@annahar.com.lb