رشة ملح - فعلاً عجيبة!

جواد الساعدي

ذكر شيخٌ وهو يلقي محاضرةً عبر البثّ الفضائي ما سمّاهُ عجيبةً من عجائب الأولياء رواها الإمام الشعراني على حد قوله. الإمام الشعراني هو إمام صوفي على مذهب الشافعية عاش في مصر خلال القرن السادس عشر الميلادي.
تقول العجيبة إن زوجة أحد المريدين كانت حبلى فاشتهت "مامونية"، وهي حلوى شرقية، ولم يكن المُريد يملك ما يشتري به الحلوى فذهب إلى الولي وهو حزين. سأله الولي عن سبب حزنه فذكر له المريد ذلك. قال الولي: اِنتظر، ثم قام فتغوّط وقال: خذ هذا إلى زوجتك.
توكيداً للطاعة العمياء أضاف المحاضر: يجب على المريد أن يكون بين يدي شيخهِ كالميت بين يدي الغاسل. وإذا رأيت شيخك يزني فلا تقل زنى، ولكن قل عيني هي الزانية. بناءً على ذلك حمل المريد الغائط ومضى إلى زوجته، وبمجرد وصوله إليها انقلب ما حمله إلى "مامونية".
فعلاً عجيبة!
* * *


طريقك إلى الصين
في محاضرةٍ أخرى قال شيخٌ آخر، وهو من شيوخ السلفية، رداً على سؤال حول حركة الأرض: إن الذي عليه علماؤنا كالشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ صالح الفوزان أن الأرض ثابتة لا تتحرك. وأضاف: هذا هو مقتضى النصوص ومقتضى العقل أصلاً. لكن البعض، مثل المسعري، يسخر من فتوى الشيخ صالح الفوزان، والمسعري رجلٌ عقلاني لا يُلتفت إليه. وتابع: يتحدثون عن نظريات وما إلى ذلك. حتى نحن عندنا نظريات وعندنا عقول، كمسلمين.
في سياق طرحه لهذه النظريات وسَوقه الأدلة على ثبات الأرض قال: إذا ذهبنا إلى مطار الشارقة نريد أن نذهب إلى الصين بالطائرة، ووقفت الطائرة في السماء، أليست الصين تأتي لو كانت الأرض تدور هكذا؟ (مشيراً إلى اتجاه اليسار) ثم تساءل وهو يشير إلى اتجاه اليمين: كيف يمكن الطائرة أن تلحق بالصين لو كانت الأرض تدور هكذا؟ وتابع: في هذه الحال، الصين تدور وأنت تدور. فكيف تصل إلى الصين؟
في دليلٍ آخر قال: من الثابت لدينا أن البيت المعمور يقع في السماء السابعة، وإذا سقط، فإنه سيسقط بجوار الكعبة، فكيف إذا كانت الأرض تدور؟ أليس من الممكن أن يسقط في البحار أو المحيطات أو في أيِّ بقعةٍ أخرى غير الكعبة؟ ثم دعا الحاضرين إلى عدم تصديق نزول الإنسان على سطح القمر واصفاً ذلك بأنه صناعة هوليوودية.
* * *


علوم جيولوجية
أورد الكُلَيني، شيخ المحدّثين الشيعة (ت 328 ه 940 م)، في الفقرة 365، المجلد الثامن من "كتاب الكافي"، حديثاً مرفوعاً بالإسناد إلى أبي عبدالله يقول: إِنَّ الحوت الذي يحمل الأرض أَسرَّ في نفسه أنه إِنما يحمل الأرض بقوَّته فأرسل اللَّه تعالى إليه حوتاً أصغر من شبر وأكبر من فتر فدخل في خياشيمه فصُعق فمكث بذلك أربعين يوماً ثمَّ إنّ اللَّه عزَّ وجلَّ رؤُف به ورحمه وخرج، فإذا أراد اللَّه جلَّ وعزَّ بأرضٍ زلزلةً بعث ذلك الحوت إلى ذلك الحوت فإِذا رآه اضطرب فتزلزلت الأرض.
* * *


لعلّهم يتفكّرون
تعليقاً على هذه الأطروحات قال أحد الأصدقاء:
"كمسلمٍ ينطق بالشهادتين ويؤمن بالله ورسوله وأركان دينه، لا أستطيع اتّباع أيٍّ من المذاهب قبل أن أقرأ الكتاب والتفاسير العديدة والسِيَر والتواريخ وعلم الحديث وعلم الرجال ومذاهب الفقه والأصول وآراء الفرق الكلامية ومَن وُصفوا بالزنادقة والمارقة وأهل البدع والأهواء وغير ذلك من مدارس التشريع والإفتاء. من أرادني من المذاهب مؤمناً مدركاً حقيقة إيمانه، مطمئناً إلى مذهبه في دينه، ناقداً ما ينبري منه من مثالب، مبتعداً رافضاً ما يبرزه من نتوءات، عليه أن يَقرَّني على ذلك. ومن أرادني تابعاً، ساكن العقل، محروماً من التأمّل والتفكير، ممنوعاً من المجادلة والتساؤل والانتقاد والمحاججة، فإنني لا أقرّه على ذلك".
ثمّ استشهد بقوله تعالى:
"بالبيِّناتِ والزُّبُرِ وأَنزَلنا إِليكَ الذِّكرَ لِتُبيِّنَ للنَّاسِ ما نُزِّلَ إِليهِمْ ولعلَّهُمْ يتفكَّرون" (النحل (44
قلت: لكنْ يقولون "إن السؤال من أفعال العقل، وعندما يتدخل العقل في منظومة عقائد فإنه يزعزعها".
قال: السؤال شفاءٌ للجهل، وعندما يتدخل العقل في منظومة عقائد فإنه يصحّحها، ويحميها من الجمود والتعفّن.
* * *


ولعلكم لا تتنازلون
كل قضيةٍ يختلف ويتناقض فيها رجلا دين، ليست من الله بشيء، لأن الله تعالى لا ينقسم ولا يتناقض. رؤى رجال الدين، دنيوية، غير متصلة بالله، لذلك هي تتناقض، ولذلك هي غير مقدسة ويمكن تفتيتها تحت وطأة الجدل العقلي المحض، إذا لم نتنازل عن حقنا في استخدام العقل، كما يريدون لنا.