تعليق - الغرفة وتوصيف مصطلح "الارهابي"

سناء الجاك

في غرفة العمليات المشتركة المسماة "الأربعة زائداً واحداً" في بغداد، المكوّنة من روسيا وإيران والعراق وسوريا، زائداً "حزب الله" اللبناني، اجتهاد خنفشاري لنظرية الحرب على الارهاب واستراتيجيتها. عن صحيفة "الراي" الكويتية تم في هذه الغرفة توصيف مصطلح "الإرهابي" لكل مَن يحمل سلاحاً خارج إطار الدولة العراقية وكذلك الدولة السورية من دون تمييز بين معتدل ومتشدد تكفيري. وفي حين يظهر ان "الزائد واحد" لا ارتباط له بأي دولة، ولا انتماء يحدد هويته، يبقى ان للتصنيف تناقضات تلغيه من أساسه، سواء في سوريا او العراق او لبنان. وهو سحر ينقلب على السحرة وطابخي السم الذين يتوهمون انهم شركاء فعليون في هذه الحرب العبثية التي ابتعدت ملايين السنين الضوئية عن حقوق الشعوب في الدول الثلاث. وفي حين يحسب الحكام والمتحكمون بالقرارات في هذه الدول انهم ومن خلال هذه الغرفة سيغيرون المعادلات لصالحهم، يتجاهلون ان النتائج كيفما جاءت ستكون على حسابهم، كما هي على حساب ضحاياهم. ذلك ان مصير هؤلاء "الشركاء" العاجزين اصلاً، والا لما كانوا استعانوا بما يصنَّف قوى عظمى، سيكون الاذعان والانصياع لمن يقود فعلاً هذه الغرفة تحت عنوان محاربة الارهاب. فالشعوب هي الوقود والحكام هم حجارة الشطرنج والمحركون هم اصحاب النفوذ الاقليميون والدوليون.


وانها لحرب حتى اعادة توزيع خرائط المصالح الكبرى، التي تستوجب عناوين كبرى، وتذكّرنا بشيطان ابتدعه الروائي والمفكر المصري توفيق الحكيم وقال انه اراد التوبة والعودة الى حظيرة خالقه، فقوبلت توبته بالرفض على اعتبار ان وجوده رمزاً للشر هو ضرورة لإظهار قدرة الله، وان عليه ان يضحي في سبيل هذه الغاية، ما يجعله شهيداً للواجب الالهي المقدس.
الحكام والمتحكمون العرب هم شياطين اللاعبين الكبار، تماماً كما هم المتطرفون. بناء على هذه المعادلة، يأتي تصنيف غرفة العمليات المشتركة المسماة "الأربعة زائداً واحداً" غير دقيق ولا علاقة له بأسباب خوض إيران وروسيا ومعهما الولايات المتحدة هذه الحرب التي تستخدم الارهاب والارهابيين ذريعة لأجندات خاصة بها وبنفوذها ومصالحها وأطماعها.
واذا اخذنا في الاعتبار ان العراق هو حديقة خلفية للمشروع الايراني في اتجاه نفوذه الرامي الى القضاء على العالم العربي، وأن تنظيف هذه الحديقة ممن يتصدى لهذا النفوذ عبر اقامة دولة عادلة، عملية قائمة على قدم وساق منذ تولي الولايات المتحدة الخطوات الاولى لعملية لا تحمل من هدفها اي محتوى، لتتبلور المراحل التالية مع تصنيع "الزائد واحد" للجماعات الارهابية بحجة مقاومة الاحتلال الاميركي، لنكتشف انها تستهدف فقط مناطق الوجود السني لزرعها بالالغام المذهبية، انطلاقاً من حديقة خلفية ثانية رعا بشار الأسد براعمها الارهابية وصدّرها الى العراق، حيث العمل كان حثيثاً بمشاركة "حزب الله"، ليعاد استخدام الارهاب ذاته في القضاء على الثورة السورية من خلال هجمات ارهابية على الضاحية الجنوبية لبيروت تم توظيفها لشرعنة تدخل "الزائد واحد" لمصلحة النظام الأسدي.
اذا سلّمنا جدلاً ان روسيا، ومنذ اليوم الأول لإندلاع الثورة السورية، ترى ان كل من يقاتل أو يعارض نظام بشار الأسد هو تجمع إرهابي خارج على القانون، يبقى السؤال عن المواطنين السوريين العزل؟ من يصنف هؤلاء ومن ينصفهم؟ ومن يستطيع وهو يقصف ارهابييه المستهدفين ان يستثني الأبرياء من القصف ويحيدهم ويجنبهم الموت بالاسلحة التي شكلت السماء والارض السورية مسرحاً لتجربتها، وآخرها نوع جديد من القنابل العنقودية؟ وماذا عن السلاح غير الشرعي في دويلة "الزائد واحد" في غرفة العمليات؟
ربما لا لزوم للدولة وللشرعية وحتى للبنان من الاساس، والمطلوب فقط الارهاب لأنه يخدم لاعباً منصاعاً بغباء لشروط اللاعبين الاقليمي والدولي، ليس فقط انطلاقاً من خلفية القضاء على الثورة السورية، ولكن ارضاءً لحقد يكشف عن مرض نفسي متجذر ضد لبنان واللبنانيين حال لدى صاحبه دون التفريق بين مصلحة نظامه وعقدة نقص جعلت هذا النظام مهدداً من القائم عليه قبل اي عامل من خارج شخصه سواء من الشعب السوري او من الآخرين. وبعد، اي تصنيف يصلح لتوصيف غرفة العمليات المشتركة المسماة "الأربعة زائداً واحداً"؟ وماذا عن "لص بغداد" مع دبلجة للإيرانية والروسية، على اعتبار ان لا لزوم للغة العربية في الأساس؟!