شابات وهاجس "الساعة البيولوجية": الزواج من أجل الانجاب فقط!

غرفة مظلمة تدخلها ملايين الفتيات رغماً عن ارادتهنّ، تزداد عتمتها كلما تقدّم العمر بهنّ، هواجس عديدة في داخلها يختلف تأثيرها عليهنّ، البعض يخرج منها بأقل الاضرار والبعض الآخر قد يدفع أثماناً لا قِبل له فيها، هي غرفة التفكير بالأمومة وتحقيق الحلم الذي يدغدغ مشاعر اي فتاة.


شابات كثيرات يراقبن عقارب الساعة البيولوجية ويحاولن الاسراع في الإنجاب قبل ان ترنّ منذرةً بانتهاء السباق. فقد لا يكون الزواج هو هدف الكثيرات بل إنجاب طفل يشبع غريزة الامومة. وكأنه لا يكفي ما يختلج الصدر من مخاوف اذ يقع على كثيرات عبء تحمل ضغوطات مجتمع لا يزال يسمي الفتاة التي تخطت عمرًا معيّنًا "عانسا".


أم عزباء
سلين (32 عاماً) تربت في عائلة محافظة لكنها لم تتأثركثيرًا بما تؤمن به بيئتها: "لي تفكيري الخاص وحريتي. ومع هذا تعبت من سؤال والدتي المتكرّر متى ستتزوجين؟ "في شيء قريب؟" "معقول ما في حدا؟" وفي كل يوم أسمع أن صديقة لي أو إحدى قريباتنا أو جيراننا خطبت أو تزوّجت فيزيد "النقّ" عليّ".


وأضافت "العيش في منزل واحد مع الزوج لا يعنيني كثيراً، عدا عن أني اصلًا لا أحب تحمل مسؤولية تدبير المنزل، ولا أجد نفسي في الطبخ والتنظيف. كل ما يهمني من الارتباط هو إنجاب ولد أعيش واياه لا مع رجل يتحكّم بي، لا سيما ان مجتمعنا الشرقي يعطيه الحق المطلق لذلك. ولو كان القانون يسمح بأن أكون أماً عزباءلأنجبت ولداً منذ زمن".


انتحار
لكن بحسب رولا (35 عاماً) "لا يمكن للإنسان العيش وحيداً، فهو بحاجة دائماً إلى سند، رفيق وحبيب، يشعره بتميّزه ويفرّقه عن باقي الناس ويُملي عليه أيّامه. فالإنسان لا يمكنه الاستمرار في الحياة وحيداً من دون دافع أو مشجع أو داعم. لكن ذلك لا يعني الخوف من "العنوسة" أو العزوبيّة، على الرغم من الضغوط التي تتعرّض لها الفتاة من أهلها الذين لا يملّون من دفعها نحو الزواج، ذلك أولاً لأن الحريّة والاستقلاليّة ثروة بحدّ ذاتها والتخلّي عنهما أمر صعب، وثانياً لأن مشروع الزواج بحاجة لتأنٍ وروية للعثور على الشخص المناسب الذي يقنع قلبها وعقلها فتستطيع المرأة إكمال حياتها معه، وتالياً إتمام الارتباط مكلّلاً بالنجاح." وأكدت "كما أن مشروع الارتباط بهدف الإنجاب واختبار مشاعر الأمومة هو بنظري انتحار، فالمرأة وقبل أن تشعر بالأمومة هي بحاجة لأن تشعر بأنوثتها التي لا يؤمّنها إلّا الحبيب".


هاجس موجع
وتضيف: "اخشى أن يمر الوقت وأصل الى مرحلة لا استطيع فيها الانجاب حينها أُحرم من زينة الحياة، الأمومة هاجسي الموجع، لا يعنيني الرجل بل الارتباط قبل ان تحين ساعتي البيولوجية، اسمع صوت جرس إنذار خفيف يقوى مع مرور السنين، فأخاف أن يقرع بقوة معلناً ان القطار فاتني وان حلم الامومة سيبقى خيالاً. المضحك المبكي بعدها ان ألتقي برجل احلامي ولا استطيع ان أنجب منه!" أمّا بحسب كرستين (35 عاماً) فـ"لا يعنيني من مجتمعي وأفكاره سوى غريزة الامومة وإرضاء ذاتي".


سيّدة القرار
كلوديت (31 عاماً) ضائعة بين أمرين، "من جهة أحلم بالحب والعائلة والأولاد، ومن جهة أخرى أخشى على حريتي وعلى وقتي الذي أقسمه بين العمل والنشاطات السياسية والاجتماعية والبيئية. لا اخاف من العنوسة، لكنّي أفضّل الارتباط على الوحدة، ومشاكل الحب على الفراغ العاطفي. الحب هو الأساس، أخاف ان تمر سنوات من عمري من دونه، فمهما كانت المرأة ناجحة تبقى ناقصة اذا فقدت الحب".
أما فكرة الإنجاب والأمومة ف"كانت تأخذ حيزاً من تفكيري في فترة العشرينات، لا بل كانت تشكل لي هاجساً، لكنليس لدرجة أن ارتبط بأيّ رجل لمجرد الانجاب. وعندما بات لأشقّائي أطفال لم يعد هذا الموضوع أساسيًّا في حياتي، لكنّي ما زلت آمل أن أصبح عروساً يوما ما لشخص من جيلي أحبّه ويشبهني، اتساعد معه في بناء منزل الزوجية".
وتضيف: "في السابق كان أهلي يلحّون عليّ كي ارتبط، وفعلا خطبت مرة، وكانت تجربة سيئة مع شخص سيئ، عندها تنبه الأهل لضرورة ترك حرية الاختيار لي، وازدادت ثقتهم بطموحي المهني، ما أعطاني الحرية الكاملة لكي أكون سيّدة القرار في هذا الموضوع".


فلتذهب مع الريح!
أمّا بالنسبة إلى مايا (39 عاماً) فـ" #الزواج ليس مرتبطاً بعمر، المهم ان التقي شخصاً مناسباً، يفهمني ويدعمني، ويكون سنداً في الأوقات الحلوة والمرة. لكن لن اقدم على الزواج كي لا يقال عنّي عانساً او من اجل ان أُنجب، ولو أردت ذلك فإن الزيجات المدبرة لا زالت دارجة في ضيعنا ويمكن بين ليلة وضحاها، ترتيب سيناريو الخطوبة والزواج. لكن لن افعلها، إذ لا يهمني ان ارضي الناس يكفيني أن أكون راضية عن ذاتي، وراضية أهلي وربي. ولن اخفض من معايير وضعتُها لشريك حياتي، لا بل سأرفع من مستواها مع مرور الوقت فما كنت اتقبله في الشاب وانا في سنّ العشرين لا أتقبله في سنّالثلاثين، ولتذهب الأمومة مع الريح!".


غريزة لا هاجس
من جانبه، اعتبر الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري أن "هناك غريزة لدى النساء تقوم على عدّة محاور: هرموني، أنثوي وتماثلي، فالأم هي المثل الأعلى للفتاة، وهي تحسدها على اشرافها على التزامات المنزل واعطاء الأوامر، واكثر ما تحسدها عليه حين تحملطفلة صغيرة تدلّعها وتعطيها احتياجاتها، لذلك تبدأ بلعب دور الام مع اللعبة، وهو تطبيق لمفهوم غريزة الأمومة عند الطفلة، وفي بداية سنوات المراهقة تبدأ الهرمونات بلعب دور اساسي من باب إذكاء فكرة #الانجاب وإعطاء حوافز ايجابية خلافاً للمعتقد انها تقوم فقط على هرمونات جنسية، فالهرومانات الجنسية هي المحطة الأولى التي تحفّز الانجاب الذي تعتبره الفتيات ضرورة". واذا كان الانجاب غريزة تبدأ منذ الطفولة ويدعمها هرمون في المراهقة ليترسخ حلماً مع مرور السنين، فإن الخوف من ضياعه كلما اقتربت عقارب الساعة البيولوجية من "الطنين" أمر طبيعي بغض النظر عن المجتمع والمحيطين؟