رحلة مع اللاجئين: من المجر إلى فيينا .. "أخذنا حماماً رائعاً ونمنا نوماً عميقاً"

للوهلة الأولى بدا القطار خاليا لكن النظرة الفاحصة أوضحت أنه مليء بمهاجرين يغطون في النوم وقد نال منهم الإرهاق بعد أن عبروا الحدود أخيرا إلى المجر.


كانت هذه المجموعة قد عبرت في الوقت المناسب قبل أن تغلق الحكومة المجرية حدودها مع صربيا لوقف الطوفان الذي جلب معه عشرات الآلاف إلى الاتحاد الاوروبي.


لم يكن مسموحا للصحافيين بركوب القطار لكنني تمكنت من ركوب القطار التالي ورحت أبحث عن ثلاث أسر سورية سافرت معها في رحلتها من البحر المتوسط إلى شمال أوروبا.


كان القطار قديما وقذرا وبدأ رحلته بعد فترة انتظار استمرت ثلاث ساعات وكانت الأبواب التي تربط عرباته مغلقة بإحكام لمنع المسافرين من التنقل من عربة لأخرى.


كان بين ركاب القطار ومعظمهم من الشبان المسافرين بمفردهم إمرأة مسيحية تدعى فايزة في الخامسة والاربعين من عمرها وقد اقترض زوجها المسلم المال لسداد تكاليف هربها مع أولادهما الثلاثة.


وقالت فايزة "غادرت العراق لأني تلقيت تهديدا بالقتل. فإما أن أعتنق الاسلام أو يقتلونني. تعبت. لا أحد يغادر بلده إلا إذا كان مضطرا".


عندما وصل #المهاجرون إلى الحدود النمساوية في العاشرة مساء ساروا أربعة كيلومترات تحت المطر حتى وصلوا إلى مركز استقبال.


وفي صباح اليوم التالي وبعد أن بدأت أفقد الأمل في العثور على #السوريين شاهدت أسرة مالك القادمة من مدينة الحسكة السورية. كانت الأسرة تريد الوصول إلى فيينا لمقابلة قريب لها سينقل لها مالا من فرنسا ويعاونها في مواصلة رحلتها.


وباع آخرون عبروا حدود خمس دول - لكن لا أقارب لهم في أوروبا يعولونهم - ما تبقى لديهم من حلي لتمويل المراحل الأخيرة من الرحلة.
وقال صلاح القادم أيضا من الحسكة "مرة أخرى احتجنا المال. اضطررنا لبيع خواتم زوجتي حتى نتمكن من سداد مصاريف سيارة أجرة من بلجراد إلى الحدود المجرية".


وفي العاصمة النمساوية كانت مفاجأة أخيرة تنتظرني.


اتصل بي إيهاب الذي فقد الاتصال بأسرته السورية قبل أيام. كنت قد قابلته أول مرة على جزيرة ليسبوس اليونانية حيث كانت ابنته ياسمين تبكي على الشاطيء بعد أن ألقى أحد المهربين بالفستان الذي أهدتها إياه جدتها في مياه البحر وهم في زورق في طريقهم من تركيا.


قال إيهاب "أنا في فيينا ومتجه إلى ألمانيا غدا. وصلت مريضا إلى الحدود النمساوية وسقطت على الأرض منهارا أثناء وقوفي في طابور لركوب حافلة ستنقلنا إلى مكان ما. لا أذكر أين بالضبط".


وأضاف "لكن إمرأة نمس‬اوية اختارت أسرتي من بين كل الباقين واستقبلتنا في بيتها. أخذنا حماماً رائعا ونمنا نوما عميقا".