إصلاحات العبادي "تراوح" مكانها... "فأر الاحباط" يلعب بـ"عب" المحتجّين

بغداد – فاضل النشمي

مضى نحو شهر ونصف الشهر على انطلاق الاحتجاجات الشعبية في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب للمطالبة بإصلاح النظام ومكافحة #الفساد. وبقدر ارتفاع سقف الآمال في الايام الاولى والتعويل على حزمة الاصلاحات الاولى التي اتخذها رئيس الوزراء حيدر #العبادي، يمكن الحديث هذه الايام عن تراجع مستوى الطموحات وبروز موجة من الانتقادات والتشكيك في شأن ما قام به العبادي حتى الان.


ولم تقتصر موجة التشكيك على جموع الشباب والمحتجين فقط، لكنها امتدت، وان بطريقة اقل حدة، الى مرجعية النجف، حيث لوحظ في الاسبوعين الاخيرين، ان المرجعية الداعمة بقوة للإصلاح، تلحّ من خلال ممثليها في خطب الجمعة بكربلاء على مطلب اصلاح القضاء الذي لم يدشن بنظر الكثيرين حركة اصلاحات فعالة حتى الان، باستثناء اجراءات شكلية لم ترض طموح المتظاهرين او مرجعية النجف. حتى ان الجانبين- المحتجون والمرجعية- يشددان على اصلاح القضاء في اخر ثلاثة جمع، اذ اطلق المحتجون على جمعهم الثلاثة الاخيرة تسمية "اصلاح القضاء" وتظاهروا قبل يومين امام مجلس القضاء الاعلى في منطقة الحارثية، وكذلك فعل خطباء المرجعية في جمعهم الاخيرة، حين شددوا على ضرورة اصلاح القضاء وعلى "عدم جدوى الاصلاح بعيدا عن اصلاح القضاء".


يبدو ان عدم تحريك ملف اصلاح القضاء بشكل فعال احد اكبر عوامل الاحباط التي يختبرها المحتجون هذه الايام . واتى الدعم الذي قدمه زعماء الحشد الشعبي، هادي العامري وابو مهندي المهندس، الاسبوع الماضي واجتماعهم مع رئيس السلطة القضائية مدحت المحمود ليثير علامات الاستغراب الكبيرة في اوساط المحتجين وليضاعف احباطهم.


صحيح ان العبادي اتخذ بعض الاجراءات عقب انطلاق الشرارة الاولى للاحتجاجات نهاية تموز الماضي كانت محط تقدير كثيرين، الا ان التوقف المفاجئ في الاجراءات الاصلاحية التي اعقب الحزمتين الاولى والثانية، ارتد على شكل موجة تبرم وتشكيك في قدرته على المضيء قدما في الاصلاح.


على ان "فأر الاحباط" لم يتلاعب بجموع المحتجين المطالبين بالإصلاح نتيجة ضعف مسيرة اصلاح القضاء فقط، الذي قال العبادي فيه: "ليس من صلاحياتي اقالة مدحت المحمود"، انما نتيجة الغموض في مجمل الاجراءات التي اتخذها العبادي والبطء الذي يرافقها حتى الان، فالغموض لا يزال يكتنف مسألة اقالة نواب رئيس الجمهورية الثلاثة ولا احد يعرف ما اذا كان قرار اقالتهم ساري المفعول او لا، مع حاجته الى مصادقة #رئيس_الجمهورية. وكذلك الامر مع اجراء دمج الوزارات ببعضها البعض وما اذا تم اتخاذ ما يلزم في هذا الشأن، خصوصا وان لكل وزارة قانونها وطريقة عملها. ولا احد يعرف على وجه الدقة عن قائمة الاستبعاد المزمعة للمئات من اصحاب الدرجات الخاصة من وكلاء وزارة او مدراء عامين. وكذلك الامر مع قضية المخصصات المالية التي يتقاضونها وهل استقطعت ام لا؟ ولاحظ كثيرون ان اغلب اسماء المدانين في قضايا فساد، هي اسماء كان قد حكم عليها في سنوات سابقة، ولم يحاسب اي من رؤوس الفساد الكبيرة التي طالب المحتجون ومرجعية النجف بمحاسبتهم.


والى جانب كل ذلك، يأخذ البعض على العبادي انه لم يبادر الى مخاطبة المحتجين بشكل مباشر وكأنه لا يعيرهم ادنى اهتمام، كما يتهمه البعض بالضعف وعدم الحزم مع شخصيات معروفة بتجاوزها على المال العام والقانون، سواء في داخل حزبه (حزب الدعوة) او من خارجه، ويذهب كثيرون الى انه غير قادر على محاسبة اصحاب النفوذ من السياسيين. لذلك يمكن رصد التراجع الملحوظ في دعمه من المتظاهرين، سواء في الشعارات المرفوعة في ساحات الاحتجاج او في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. فبعدما شاعت اول الامر عبارات "كلنا حيدر العبادي" في اللافتات المرفوعة في الساحات او المنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، برزت في الجمعة الاخيرة شعارات "ممتعضة وساخرة" من طريقة عمله في المسار الاصلاحي، ولعل ابرز ما يلف في هذه الصدد من شعارات، لافته كتب عليها " عيادة الدكتور حيدر العبادي للتخدير – خريج كلية مجلس النواب"، وكذلك شعار "ملّينه ...لو تضرب، لو تهرب". ومع ذلك، وبرغم موجة الاحباط الاخيرة، الا ان اغلب النشطاء والمتظاهرين من المحسوبين على التيار المدني يشددون على عزمهم مواصلة التظاهر حتى تحقيق مطالبهم في الاصلاح.