ثورة 22 آب: دربكّة خيرٌ من أغنية!

تنبثق من الثورات محاولات فنّية تُقرّب الشباب من وهج الحراك وتُبقيه جميلاً مهما غلت الأثمان. "ما توعِدْ بالقمر" لنينا عبد الملك، مَشاهد من حراك 22 آب وروعة الرفض، لكنّ الأغنية عُرضة للانقلاب إلى العكس.


قد يبدو استجداءً للشهرة اندماج الفنان بجوّ الشعب. لا يمكن إنكار أنّ الفنانين المشاركين في ثورة 22 آب معرّضون لاحتمال الاستعراض الذي سنَحَ على طبق من ذهب. رأينا كيف حُمل معين شريف كأنّه في فيديو كليب، وكيف هبَّ المشاهير يُصرّحون من كاميرا إلى أخرى. ليس المطلوب انزواء الفنان في العزلة فيما الغليان من كلّ صوب، فالجمهور يُحاسب على التخاذل إن حصل، مُدركاً الفارق ما بين الحقيقة والرياء.
أغنية عبد الملك "ما توعِدْ بالقمر"، تُحضِر إلى الذهن دور الفنان في الصعوبات. حضوره، مشاركاً أو مغرِّداً أو مقدّماً جديده، مجاراةٌ للموجة تنشط في المناسبات. يشارك بشير التونسي عبد الملك أغنيةً تشبه التحية لثورة المواطن الحرّ، لكنّها ليست بالضرورة أمرا يفرض الإعجاب. ثلاث كلمات تختزل الاصرار على أن نكون نحن: "ما قبلتْ اتغيّر"، وإيقاعاتٌ من نَفَس الأرض. الكليب مَشاهد من إرادة تغيير سلطة التجويع. لا لمسات إبداعية فيه، ولا زوايا جديدة، إنما إنسانٌ صادق يرى في الشارع نجاةً ما. يمرّ الكليب مثل شريط من حسرة وذكريات: النفايات والانتفاض عليها والانتفاض على الانتفاض. يستوقف العين مشهدٌ من فوق يبيّن خراطيم المياة مُصوَّبة نحو العزائم. تغنّي عبد الملك عن الطاقات التي ضيّعتها الأحلام، فيما صور الجرحى تمرّ مثل ثنائية الصرخة والألم. لم يكن ليل بيروت كئيباً السبت رغم نَزْف الشوارع وإذلال الناس. ظلّ صاخباً بالدربكّة والحناجر وشعار #طلعت_بالفقراء المرفوع كغصّة. ما عاد لـ"الأغنية الثورية" زخم المرحلة السابقة، والبعض يملّها. ليت عبد الملك لم تدعُ إلى اعتماد أغنيتها "الأغنية الرسمية للحراك". استجداء الشهرة غير محبَّب في أي ظرف.


fatima.abdallah@annahar.com.lb
Twitter: @abdallah_fatima