لماذا غيّرت تركيا رأيها؟

رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وجد في الانخراط التركي في الحرب على الارهاب فرصة لرد الاعتبار لنفسه ولتركيا في آن واحد. مهندس الديبلوماسية التركية حسم الأمر سلفاً: العمليات العسكرية التركية ضد "الدولة الإسلامية" في سوريا و"حزب العمال الكردستاني" غيّرت اللعبة الاقليمية. الأب الروحي لسياسة "تصفير المشاكل" مع الجيران والتي تحولت سياسة "لا جيران" على الاطلاق ناشد الجميع إعادة قراءة الظروف الجديدة التي أوجدتها الضربات التركية، داعياً الى البناء عليها.
الواضح أن كلام داود أوغلو كان موجهاً إلى الداخل التركي كما إلى الخارج القريب والبعيد. للأتراك الذين وجهوا صفعة الى الحزب الحاكم بزعامة رجب طيب أردوغان أراد أن يؤكد ان الحكومة لن تسمح باستضعافها وانها ستتخذ كل الاجراءات الضرورية لمواجهة محاولات استغلال الصفعة الانتخابية. بتوجيهها ضربة الى "داعش" مقابل عشر ضربات الى "الكردستاني" يحقق أردوغان هدفاً داخلياً بامتياز.
وفي الخارج حيث بدأ خلط التحالفات وإعادة رسم لأحجام الدول بعد الاتفاق النووي، تذكر تركيا بأنها لا تزال دولة مؤثرة وانها حليفة أساسية لواشنطن في المنطقة وقادرة على تغيير مسارات اللعبة الاقليمية. لكنها عمليا بتوسيعها "الحرب على الارهاب" لتشمل قواعد "حزب العمال الكردستاني" تجازف بفتح جبهة جديدة قديمة عليها. الغارات على مواقع هذا الحزب تهدد بعودة النزاع الدموي بعد الهدوء السائد منذ العام 2013.
أما إقليمياً، فتسعى تركيا الى انخراطها المتأخر في الحرب الى اللحاق بالتسويات الكبرى المرتقبة.
قبل اندلاع الاضطرابات العربية، اضطلعت تركيا بدور في نزاعات المنطقة ومنها النزاع العربي – الاسرائيلي، إلا أنها خسرت الكثير نتيجة السياسات الاستعراضية لأردوغان ونزعته إلى إعادة إحياء السلطنة. ومن شأن العودة المحتملة لإيران الى الساحة الدولية في رعاية أميركية ان تقلص دورها أكثر.
المعلومات المتداولة عن الاتفاق مع الاميركيين لا توحي بمكاسب كبيرة لأردوغان. بدل منطقة حظر الطيران حصل على منطقة آمنة وبدل توسيع الحرب على "داعش" لتشمل إطاحة نظام الأسد تكراراً لموقف أميركي قديم عن الحاجة إلى رحيل الرئيس السوري.
الكاتب التركي مراد يتكين نسب الى مصادر ديبلوماسية ان ثمة خطة أميركية قيد الاعداد منذ أشهر لإرسال الأسد وعائلته الى الخارج من دون المس بالنظام خوفاً من أن تلجأ الجماعات المتطرفة إلى ملء الفراغ. المصادر نفسها تقول إن الأمر أثير مع الروس والإيرانيين في فيينا، لكن المشكلة ان اياً من الروس والإيرانيين لم يوافق عليه.
اللعبة الاقليمية تتغير وليست تركيا من يغيرها. هي ببساطة تحاول فرض نفسها لاعباً رئيسياً فيها.


monalisa.freiha@annahar.com.lb