غياب إي أل دوكتورو كاتب أوباما المُفضّل

رلى راشد

كان الرجل الراحل للتو وبالنسبة للرئيس الأميركي باراك أوباما أفضل الأدباء على الإطلاق بعد شكسبير، والحال ان قاطن البيت الأبيض برز من ضمن أول المُعلّقين على غيابه حين غرّد على موقع "تويتر": "كان إي أل دوكتورو احد أبرز روائيي أميركا. علّمَتني كتبه الكثير، والحال اننا سنفتقده".


آمن الكاتب الأميركي ادغار لورانس دوكتورو ، أو إي أل دوكتورو إختصارا، ان المؤرّخ يُخبرنا ما جرى، بينما يتولّى الروائي إطلاعنا على الشعور الذي يرافق الحدث المُشار إليه. والحال ان الصوت المُنطفىء عن سن الرابعة بعد الثمانين والذي عاينته صحيفة "ذي نيويورك تايمس" أحد الرحّالة في الزمن الأدبي، آثر أن يعيد اختراع التجربة الأميركية في روايات عدة من نسق "المسيرة"، وأصرّ على تطبيق دروس المستقبل في التخييل كما في غيره من الأنماط السردية، ليظلّ في جميع حالاته المؤتمن على الروايات التاريخية الأميركية الشعبيّة.


يعود إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما افتتانه برصيد الكاتب إلى عام 2008 بدفع من رواية محدّدة بعنوان "كتاب دانيال" وهي كناية عن حكاية متخيّلة تستعيد محاكمة واعدام يوليوس وإيثيل روزنبرغ إبّان الحرب الباردة. في حين لم تقتصر مساهمة إي أل دوكتورو الأدبية على هذا العنوان وإنما تضمّنت احدى عشرة رواية أخرى ناهيك بثلاثة مجلدات من القصص القصيرة وعمل مسرحي، إلى أبحاث في السياسة والأدب.


في احدى المقابلات، يقول الكاتب الذي انتهت حياته بعد صراع مع سرطان الرئة أن نصوصه لم ترَ النور سوى في أعقاب التجريب وكخلاصة لست إلى ثماني مسودّات مَهّدت لها الطريق. والحال ان إتمام أي إصدار تطلّب منه أعواما عدة في كل مرّة وإن كانت رواية "معرض العالم" شكّلت الإستثناء وولدت بعد سبعة شهور فحسب، على ما يشرح. النص المعني مزيج هجين من الرواية والمذكّرات حيث الشخصية الرئيسية تدعى إدغار كما الكاتب للمفارقة، أما والديها فبهوية روز ودايف مثل والديه أيضا بينما حمل الشقيق في القصة، إسم شقيقه، أي دونالد. في النص إستدعاء للنثر الذي تميّز به المؤلف على مرّ تجربته، من خلال الجمل المديدة والإنسياب السرديّ وتسخير التفاصيل.


نجد شيئا من هذا النمط الشخصي للغاية في قصته القصيرة "وايكفيلد" حيث يكتب إي أل دوكتورو "سيردّد الناس اني تخَلّيت عن زوجتي وأفترض، بطبيعة الحال اني فعلت، لكن أين تبدى غرضي من هذا الفعل؟ لم أكن أنوي تركها. والحال ان سلسلة من الظروف الغريبة قادتني إلى عُلّية المرآب في صحبة كل المفروشات العتيقة والأغراض المَتروكة – وعلى هذا النحو بدأ مساري في التخليّ عنها – في حين كان في وسعي أن أجتاز الباب وببساطة، على ما فعلتُ في كل ليلة في أعقاب العمل وخلال الأعوام الأربعة عشر التي دام خلالها زواجنا والذي أفضى إلى ولدين".
نال الكاتب إي أل دوكتورو جائزتي "ناشونال بوك أوارد" و"ناشونال بوك كريتكس ثيركل" وسواهما علما انه سُمّي ادغار تيمّنا بالكاتب ادغار آلن بو بينما عدّه ساخرا "أفضلُ كتّاب أميركا السيئين"!


في 2004، قوبل المؤلف الليبرالي إلى العظم بردّة فعل سلبيّة من طُلابه الجامعيين خلال خطاب ألقاه في جامعة هوفسترا في لونغ ايلاند على خلفية انتقاده الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش بسبب الحرب على العراق. على ما يتراءى، لم يستطع سوى الوفاء لاقناعاته بأن الكاتب لا يسعه الإنبثاق من خواء، وان الكُتّاب شهود دوما.


كان إي أل دوكتورو في أي حال، الشاهد الملك خلال زمنه.


roula.rached@annahar.com.lb


Twitter: @Roula_Rached77