أيهما أخطر على أميركا الارهاب الاسلامي أم أمثال روف؟

ديلان روف، "بطل" أحد أسوأ الاعتداءات على مكان للعبادة في الذاكرة الحديثة للولايات المتحدة، أثبت أن اليمين المتطرف في اميركا قد لا يقل خطرا أحيانا عن الارهاب الاسلامي.
روف يتحدر من ولاية كارولينا الجنوبيّة. هذه الولاية – تاريخيّاً – كانت الأولى التي سعت الى الانفصال عن الولايات المتحدة في عهد الرئيس أبراهام لينكولن رفضاً للقرارات التي قضت بالحدّ من التوسّع في الاستعباد. ونتج من ذلك اتجاه ولايات أخرى في الجنوب الاميركي الى الانفصال واعلان الكونفيديراليّة، الأمر الذي أدّى الى اندلاع الحرب الاهلية الاميركيّة التي انتهت بهزيمة ولايات الجنوب، بما فيها كارولينا الجنوبية، وانتصار لينكولن وإلغاء العبوديّة وتكريس الفيديراليّة.
يبدو أن هذه الهزيمة ارخلت بثقلها على تفكير روف الذي لا يزال يرفض المساواة مع مواطنين كان أجدادهم عبيداً لدى أجداده.
وقبل أن يتّجه لقتل المصلّين السّود في كنيسة عمّانوئيل الإفريقيّة الميتوديّة في 18 حزيران الماضي،استقلّ روف، بحسب صحيفة "الواشنطن بوست" سيّارته ذات اللوحة الكونفيديرالية ومعه آلتا تصوير، ثمّ أخذ يزور أماكن عدّة في ولاية كارولينا الجنوبية لها علاقة بإخضاع البيض للسود قبل الحرب الأهليّة .
التقط روف صوراً له وهو يحمل مسدّساً من نوع "غلوك" عيار 45 ميلليمتراً، وقد حمل أيضاً العلم الكونفيديرالي الى جميع الأماكن التي زارها، وهذا الامر بحسب الصحيفة الاميركية، لم يسبقه إليه أحد من المتطرّفين البيض في هذا العصر. ووجد أيضاً على الموقع الالكتروني الخاص به عبارة "الروديزي الأخير" او "the last Rhodesian" . روديزيا (زيمبابواي حاليّاً) هي دولة عنصريّة غير معترف بها نشأت بين عامي 1965 و1979 كمحاولة لمنع انتقال السلطة الى السود بعد اعلان الاستقلال عن المملكة المتّحدة.


من خلال الصور التي التقطها روف يبدو أنّ رحلة "ما قبل الجريمة" حصلت تباعاً خلال السنة التي سبقت الجريمة بصورة إجماليّة. موطنه في نصف الولاية يقع على بعد ساعتين من تشارلستون، في الوقت الذي يبعد عن غرينفيل 90 دقيقة تقريباً. ويفصل بين أبعد نقطتين في رحلته حوالي 300 كيلومتر. لذلك من المرجّح أنّ ثلاث رحلات كانت كافية لزيارة هذه المعالم بحسب الصحيفة. في إحدى صوره، بدا مرتدياً ثياباً سودا عليها ألوان من علم الأقليّة البيضاء التي حكمت سابقاً في روديزيا.


الرقم المرمّز "1488" ؟
انطلقت رحلة روف بداية في اتجاه جزيرة ساليفان" حيث كان البيض يجمعون أكثر من 40 في المئة من الافارقة قبل ارسالهم للعبوديّة في الحقول والمصانع الاميركيّة. هناك علّقت لافتة صغيرة تذكّر بتلك الحقبة السوداء. إبتعد روف عنها 90 متراً تقريباً في اتجاه الشاطئ حيث كتب الرقم 1488 كرقم يدلّ على العنصريّة وسيادة العرق الابيض.
14 هي نسبة الى الكلمات ال14 للتوجيه الالزامي التي أصدرها مؤسس النازيّة الاميركيّة جورج لينكولن روكويل:
We must secure the existence of our people and a future for white children
والتي مفادها:"علينا تأمين وجود شعبنا ومصيرٍ للأطفال البيض"
والرقم 88 هو رمز للتحيّة النازيّة "hail hitler" حيث حرف H هو الحرف الثامن في الابجديّة.
في العديد من الصور، يبدو روف لابساً قميصاً عليه الرقم 88 وقد ميّز بعضها بإطار يعود الى فيلم أوسترالي أنتج عام 1992 (romper stomper) يتحدّث عن مجموعة نيو- نازيّة تهاجم فيتناميّين يقيمون في أحيائهم.
بعد الجزيرة، يذهب روف الى "Bool hall plantation& gardens " حيث التقط صورة له قرب كبينة كان يتمّ فيها تجميع العبيد. ثمّ انتقل الى مزارع اخرى للعبيد حيث كان يحرص على التقاط الصور قربها.
ولم ينسَ روف أن يذهب الى غرينفيل حيث متحف ومكتبة التاريخ الكونفيديرالي. وقد زار أيضاً مقبرتين، واحدة للسود وأخرى للبيض حيث يرقد جنود كونفيديراليّون.



مهد انتفاضة السود ... وقتل أحفادهم
لم تكن لتلك الرحلة الطويلة أن تنتهي بدون تتويج دموي لتلك الافكار الخطيرة والشخصيّة المضطربة، فعاد روف الى شارلستون هاربور، الى كنيسة "عمّانوئيل الإفريقيّة الميتوديّة" التي خطّط بنّاؤوها السود لأوّل ثورة ضد العبوديّة. هناك وصل وبدأ إفراغ مسدّسه في أجساد المصلّين الحاضرين حاصداً أرواح تسعة ضحايا وجارحاً شخصاً عاشراً.


على رغم حصول عمليّات قتل عدّة ضدّ السود منذ ستينات القرن الماضي، إلّا أنّه منذ لحظة الاعتداء على الكنيسة الميتوديّة في 18 حزيران الماضي، قال الصحافيان نيلي تاكر وبيتر هولاي ، أإن الاعلام الكونفيديراليّة صارتعلامة كراهية" بالنسبة الى سياسيّي الولايات الجنوبيّة. وينوي أيضاً تجّار كثر إلغاء عمليّات البيع لهذه الاعلام بشكل نهائي.
روف تلقى تحية اذاعية اشادت به. إذ نشر موقع "راديو أون لاين" مقطعاً صوتيّاً أمس لحركة "كو كلو كلان" العنصريّة حيث يُسمع خلاله صوت رجل يعرّف عن الجهة التي ينتمي اليها. بعدها، يحيّي ديلان روف ثمّ يشرّع ما فعله قائلاً:" السود اغتصبوا 35000 امرأة بيضاء السنة الماضية هل سمعتم قصصاً عن نساء سوداوات اغتصبن من قبل البيض؟".وأكّد أنّه "لو كان هنالك عشرة آلاف رجل مثل هذا الشاب لما كانت الولايات المتّحدة على الشاكلة التي هي عليها الآن...".
روف كما صاحب "هذه التحية" وأمثالهما يمثلون خطرا كبيرا على أميركا.
الكاتب الاميركي طوم انغلهارت ينبه الى هذا حجم هذا الخطر في وقت يطرق مسؤولون أمنيون وسياسيون في الولايات المتحدة رؤوس المواطنين بأن "التهديد الاكبر" للأميركيين هو حركة جهادية متطرفة ووحشية تنشط على مسافة الاف الاميال، اضافة الى الفيديوات والرسائل التي يبعث بها اتباعه هذه الحركة على مواقع التوصل الاجتماعي.وفي رأيه اخطار الارهاب الاسلامي متواضع جدا في الولايات المتحدة، خصوصا اذا قورن بارهاب اليمين المتطرف المحلي الصنع.