ما هي العقوبات التي سينالها المرتكبون في سجن رومية؟

"حاكمو جلاد رومية"، هاشتاغ تم تداوله بالأمس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد انتشار أشرطة مسرّبة من داخل السجن تظهر تعذيب عدد من السجناء. عناصر عدة بلباس مدني بعضهم ملتحٍ أخذوا على عاتقهم مهمة الجلد والضرب، في مشهد ذكّر بسجناء غوانتنامو وأبو غريب وحالات التعذيب في السجون السورية.


عند انهاء حالة التمرد الاخيرة والتي يعود تاريخ تعذيب السجناء في اشرطة الفيديو اليها، اعلن الوزير المشنوق أن المهمة انتهت من دون التعرّض للمتمرّدين ليتفاجأ العالم بالأمس بوحشية ما حصل داخل أقبية السجن، ما دفع وزير الداخلية الى الاعلان أنه لن يكتفي بالعقوبات المسلكية تحت أي ظرف من الظروف، قائلاً انه يتحمل المسؤولية.
وتبحث "شعبة المعلومات" في الأدلة وتقوم بتحليل هاتفي لبيان الذين قاموا بتعنيف المساجين ومعرفة من الذي صوّر ومن سرّب الاشرطة الى وسائل التواصل الاجتماعي من أجل توقيف كل المتورّطين. لكن اذا كان وزير الداخلية لن يكتفيَ بالعقوبات المسلكية، فما هي اذن العقوبات التي سيواجهها المتورطون بتعذيب السجناء؟ وأمام أي قضاء ستتم محاكمتهم؟


قوى أمن وليس ميليشيات
"أمور أسوأ بكثير تحصل داخل سجن رومية لا تُعرض على الاعلام، وقوى الأمن الداخلي تؤكد أن من قام بهذا العمل هم عناصر تابعة لها وليس احزاب او ميليشيات، ومن أقدم على هذا العمل المدان سيحاسب عليه"، بحسب ما قاله القائد السابق للشرطة القضائية العميد المتقاعد انور يحي لـ"النهار"، والذي أضاف ان "خدمة سجن رومية من الخدمات الشاقة التي تستوجب من العناصر التي تخدم داخله ان تكون مدرّبة، ولديها الاستعداد النفسي والذهني والمسلكي اللازم. الخدمة مزعجة للعناصر فدائما كنا نرى اسلاميين وغيرهم يقومون بأعمال شغب، وأحياناً يحتجزون عناصر من قوى الأمن، ما أدّى الى نشوء نوع من الكره والحقد والعداء بين الدركي والمساجين".
واذ حملَ يحيى قسمًا من المسؤولية الى السلطات العدلية بسبب عدم بتّها بأحكام المساجين سواء كانوا من الاسلاميين أو غيرهم، قال "لم يبقَ امام المسجون سوى عنصر قوى الأمن الذي يحدد له موعد استراحته ومواجهة أهله، ويحقد عليه، لكن العنف ليس طريقة للتعامل مع المسجونين وبدل ضرب المتهم يجب البحث عن أدلة وبصمات وتحليل هاتفي وغيرها، فالاقرار آخر ما نفتش عنه".


تساؤلات
بعض من قام بتعذيب السجناء لديهم لحية، ما أثار تساؤلات لدى الرأي العام، واصدار اتهامات بأنهم عناصر تابعة لـ"حزب الله" لكن يحيى لفت إلى أنه "لا يمكن ان تُدخل قوى الامن غير عناصرها للتعاطي مع السجناء، هناك من يعمل في الشرطة القضائية وشعبة المعلومات والاستقصاء لهم الحقّ ان يغيروا في مظهرهم للقيام بأعمال تستوجب انخراطهم ببعض المهام الغير عسكرية لكن بموافقة رؤساهم".


عقوبات تأديبية
نوعان من الملاحقات سيتمان بحق العناصر الذين ارتكبوا ما شاهدناه في شريطي الفيديو، تأديبي وعدلي.


 تقوم قوى الأمن الداخلي بالملاحقة التأديبية، وقد كلف اللواء ابرهيم بصبوص مدير عام قوى الأمن الداخلي، "شعبة المعلومات" و"شعبة التحقيق والتفتيش" معرفة ما حصل داخل السجن، وليس فقط ما اعلن وفق مواقع التواصل الاجتماعي. ويقوم وزير الداخلية بالشق التأديبي، وشرح يحي ان "سلطة وزير الداخلية في قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي تمنحه حق اصدار عقوبة تصل الى ستين يومًا توقيفًا في القلعة، أي يتمّ وضع الضابط او العنصر في غرفة على ان يسمح له بالخروج ساعة خلال اليوم. وهناك صلاحية لمدير عام قوى الأمن الداخلي بعد وزير الداخلية، في حبس المتورطين ستين يومًا أيضًا، وله ان يطلب الملاحقة العدلية بحق المسؤولين عما حصل في سجن رومية مهما ارتفعت رتبته".
في سياق الملاحقة التأديبية، يملك قائد الدرك " سلطة التوقيف حوالي ثلاثين يومًا بمعزل عن الرتبة سواء كان ضابطا ام لا، كما ان لشعبة المعلومات دورًا مهمًّا جدا في مكافحة الفساد في قوى الامن الداخلي بشكل عام وفي سجن رومية خصوصًا، اذ ان مسؤولي الامن في الشعبة يحرصون على تطبيق حقوق الانسان وكرامة السجين، وهي تفرض رقابة صارمة ولديها وسائل تقنية متطورة لمراقبة الاتصالات داخل السجن والتحقق من تنفيذ القانون داخل سجن رومية".
ويضيف انه من "ضمن الملاحقة التأديبية هناك ما يسمى المجلس التأديبي وهو اكبر سلطة تتناول العسكر في قوى الامن، ومن صلاحياته كسر الرتبة ووضع المتورط في الانقطاع النهائي او الموقت، وتغيير مركزه وسحب اوسمته".


عقوبات عدلية
الشق العدلي تتولاه النيابة العامة المختصة. وشرح يحي انه "لدينا نيابة عامة عسكرية يتولاها مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لأن هناك اخلالاً بحقوق الانسان وتعذيب. ودور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية احالة العناصر المتورطة الى القضاء العسكري، وهناك أيضًا دور لمدعي عام التمييز، ورأينا كيف ان النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود تدخل فورًا بناء على كتاب من وزير العدل اشرف ريفي".
"الملاحقات العدلية مهمة جدا على العسكر الذين ارتكبوا هذا الجرم وقوى الأمن لن تتسامح والعدلية باشرت التحقيق العدلي ضمن الجرم المشهود" وفق يحي الذي أضاف ان "الشق العدلي مهم ويؤثر على راتب العسكري وتعويضاته واحالته الى المجلس التأديبي".
مروحة عقوبات سيواجهها المتورطون جميعها انسانية على عكس فعلهم.