الطاشناق احيا مئوية الابادة الارمنية في عينطورة

أحيا قطاع الشباب في حزب "الطاشناق"- فرع كسروان الذكرى المئوية للابادة الجماعية في معهد القديس يوسف - عينطورة تحت عنوان "أيام عينطورة: من الهوة الى الجنة"، في حضور ممثل النائب ميشال عون منسق "التيار الوطني الحر" في كسروان جوزف فهد، أمين عام حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، النواب: نعمة الله ابي نصر، يوسف خليل، فريد الياس الخازن، جيلبرت زوين ووليد الخوري، رئيس بلدية عينطورة لبيب عقيقي، الوزيرين السابقين بانوس مانجيان وابراهام داديان، مدير عام وزارة البيئة برج هتجيان، مدير الاحصاء المركزي مارال توتليان، عضو المجلس التنفيذي للرابطة المارونية انطوان قسطنطين، ممثلي هيئات المجتمع المدني، رؤساء روابط وأندية اجتماعية وثقافية، وحشد من المحازبين والمناصرين.


بداية توجه المشاركون الى مدافن شهداء اطفال وميتم عينطورة لإنارة الشموع ولوضع أكاليل الزهور على أضرحتهم، وقام رئيس معهد القديس يوسف عينطورة الاب جميل سمعان بزرع غرسة شجرة الرمان رمز الشهادة لدى الطائفة الارمنية، والنائب نعمة الله ابي نصر يحيطه النواب بزرع غرسة شجرة الارز في باحة المدافن، ثم انتقل الجميع الى القاعة الرئيسية في المعهد، حيث بدأ الاحتفال بدقيقة صمت حدادا وإجلالا عن أرواح الشهداء. ثم ألقت عريفة الاحتفال كارين بيديريان كلمة ترحيبية.


بدوره، ألقى الاب سمعان كلمة قال فيها: "انقضت مئة عام على الابادة الاولى في القرن العشرين، عنينا بها الابادة الارمنية الجماعية على ايدي الاتراك زمن السلطنة العثمانية، وما زال احفاد الناجين يقتفون بلا كلل اثر ما انقطع من تاريخهم، هذا الامر يؤهلهم ان يحملوا بفخر للاجيال الجديدة الذاكرة التاريخية لماضيهم".


أضاف: "موريس ميساك كيليشيان ارمني من لبنان، هو واحد من هؤلاء الرجال، شرع منذ 2005 يعمل جاهدا على نبش الماضي كاشفا التاريخ المطموس لميتم عينطورة القائم بين جدران معهدنا في عينطورة كسروان".


وتابع: "سنة 1915 عين جمال باشا حاكما على سوريا ولبنان، وهو يعتبر احد المسؤولين المباشرين عن الابادة الارمنية، كما يعتبر مسؤولا مع الاديبة التركية خالدة آديفار التي كانت مديرة ميتم عينطورة عن تتريك الايتام الارمن باشراف مباشر منهما. كانت الهوية الارمنية تسلب من هؤلاء الاطفال الابرياء من خلال سياسة التتريك باعطائهم اسماء تركية واجبارهم على انكار دينهم واعتناق الاسلام، فكانوا يعاقبون بالضرب المبرح اذا استعملوا لغتهم الام، اي اللغة الارمنية هذا السلوك المشين هو المثل الحي على تحديد منظمة الامم المتحدة لمعنى الابادة ومفهومها الاصطلاحي المتداول اليوم".


وقال: "لقد وثقت هذه المعلومات وتناقلتها الذاكرة الشعبية وبعض الكتب التاريخية التي درست هذه الحقبة من تاريخ لبنان على ايدي مؤرخين لبنانيين وارمنيين . فقد نقل ميساك كيليشيان في احد كتبه ما اورده السيد كارنيك بانيان العميد السابق المساعد في ليسيه ديميرجيان في بيروت. وكان احد الناجين من ميتم عينطورة ، وهو الذي عايش هذه المآسي ونشر سنة 1992 تجاربه في الميتم في كتاب ذكريات من جزأين".


أضاف: "اليوم سوف تجعل الاحتفالات التذكارية العالم اكثر وعيا لهول الآلام والعذابات التي فرضها فريق من الناس على فريق آخر. وسوف تبلغ العالم انه يستحيل على الشعب الارمني ان يشفى وان يمضي مرفوع الرأس بينما الحكومة التركية تنكر عليه صراحة الخسائر الجسيمة التي ارتكبها".


وختم: "نحيي ذكرى الايتام الارمن وجميع الشهداء الابرار ونجل الروح الطيبة التي تحافظون فيها على إرثكم، وتسعون الى نشر الوعي والحقائق مخافة ان يطويها الزمان، ونرى في عملكم مدرسة للاصالة والتجذر. نسأل الله ان يبارك مساعيكم وجهودكم التي تخدم الحقيقة وتشهد لها".


ابي نصر


بدوره، ألقى أبي نصر كلمة قال فيها: "الاحتفال بذكرى المذبحة الأرمنية في دير مار يوسف - عينطورة، المنارة المميزة في تاريخ نهضة التعليم في لبنان، له دلالاته الاجتماعية والسياسية، لأنه يقام على أضرحة شهداء الطفولة البريئة، ضحايا السفاحين البرابرة، وهو يندرج أيضا ضمن إطار عابق بالتاريخ اللبناني الأرمني، ويرتبط بجذور "المسألة الشرقية"، وبوضع الأقليات المسيحية داخل السلطنة العثمانية، واليوم داخل العالم الإسلامي ككل، وهو يضيء على ما عاناه هذا الشعب العظيم في سبيل الإيمان والحرية والانتماء، والحفاظ على الخصوصية والكرامة والاستقلال".


أضاف: "إنه مشهد القتل الجماعي، الذي نفذته السلطنة العثمانية في أيام حكمها حتى بلغ مستوى الإبادة بين عامي 1915 و 1916، إبادة تصر تركيا على إنكارها وعلى عدم تحمل المسؤولية التاريخية بشأنها. إبادة سهلت وقوعها، مواقف بعض الأوروبپيين في حينه.
واليوم تمنعهم مصالحهم من فرض العقوبات على مرتكبيها، ومن الاعتراف بها والاعتذار والتعويض عنها".


وتابع: "قبل مئة عام قرر حكام إسطنبول إبادة الأرمن ومعظم المسيحيين الواقعين داخل حدود السلطنة. لم يتركوا وسيلة إلا واستخدموها. فرضوا نظام السخرة، نظموا العصابات، أطلقوا المساجين وحرضوهم على قتل الأرمن.اقتحام للمنازل، خطف للمدنيين ولرجال الدين، ضرب وتعذيب وإعدام، مدن وقرى أفرغت بكاملها، سبي للنساء والأطفال، فصل الذكور عن عائلاتهم وحجزهم في المياتم التي أعدت لمحو الذاكرة وفرض التتريك بالقوة. مسيرة سوداء من القتل والتنكيل والقهر والتهجير، أبطالها السلطان الدموي عبد الحميد الثاني وجمال باشا السفاح وغيرهم".


وقال: "كان من بين هؤلاء المياتم ميتم عينطورة الذي عثر فيه على رفات أكثر من ألف صبي أرمني ماتوا قتلا. أما جبل لبنان، جبل الآباء والأجداد الذي لجأ إليه كل الأرمن، لم يكن مصير شعبه أفضل حالا، فمنذ دخول جمال باشا السفاح لبنان: أعلن حصارا تموينيا وتجويعيا مقصودا على الجبل برا وبحرا، وصادر كل المحاصيل، وألغى نظام المتصرفية الذي سبق أن وضع بضمانة الدول الأوروبية، كما ألغى مجلس الإدارة الذي كان بمثابة برلمانا مصغرا. نفى من نفى من رجال دين وعلمانيين. فرض الضرائب الباهظة وطبق نظام السخرة وأعلن الأحكام العرفية ونصب المشانق".


وتابع: "هكذا بين نفي وتهجير واستعباد وتجويع وقتل، على مدى ثلاث سنوات متتالية، بين 1915 و1918، انتهى الأمر إلى مقتل ثلث سكان الجبل بسبب الجوع والحرب، وتهجير الثلث الآخر إلى أقاصي الأرض، أما الثلث الباقي بالكاد استطاع أن يستمر على قيد الحياة ونحن المجتمعون في هذه الصالة أحفاد الثلث الذي استطاع أن يبقى على قيد الحياة في حينه.
هنا يجدر السؤال؟ كل هذه المآسي التي لحقت بأجدادنا أبناء الجبل، ألا تستحق من قبل المسؤولين عندنا تخصيص يوم واحد للذكرى والتذكير؟، ذكرى عما حصل في السابق، وتذكير عما يمكن أن يحصل في المستقبل؟! علنا نتعظ، فنحذو حذو الشعب الأرمني ونخرج من محنة فقدان الذاكرة عند المسيحيين، وعندنا نحن الموارنة بصورة خاصة".


أضاف: "في معترك الحياة، عرفت أرمن لبنان، عرفتهم لبنانيين شرفاء، يعتزون بلبنانيتهم، ويفتخرون بأصولهم وبانتمائهم، انتزعوا، من خلال إنجازاتهم وتعاطيهم اليومي، احترام شركائهم في الوطن، بما قدموه للبنان في شتى الحقول الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وبما أعطوه من رجالات كانوا ولا زالوا مفخرة هذا الوطن، وجميعهم فرضوا احترامهم. ونحن، إذ نقدر فيهم عزة النفس والكرامة والولاء المطلق للبنان، نذكر منهم الأمين العام لحزب الطاشناق زميلنا وصديقنا النائب آغوب بقرادونيان".


وتابع: "يخطىء من يعتقد أن الإبادة الجماعية للسكان هي من الماضي وإنها لن تتكرر، لأن ما نشهده اليوم في سوريا والعراق، وما جرى في مصر وليبيا يدل على أن لعنة التطرف والتكفير لا تضرب المسيحيين فقط، لقد نزلت أيضا على الأزيديين وعلى المدنيين الأبرياء من المسلمين، سنة وشيعة، كما أصابت الدروز وغيرهم من أهل هذه البلاد".


وقال: "إزاء هذا الواقع المخيف، لا بد من البحث عن الجهة المستفيدة من وقوع هذه الجرائم وهذا الدمار. لقد ساهم الغرب في تفكيك العراق، وتقويض الاستقرار في سوريا، وزرع الفوضى في ليبيا، وتشجيع التطرف الديني في تونس ومصر. وللأسف، ساهمت معه أيضا دول وأنظمة عربية وإقليمية. لكن مارد التكفير والتطرف والإرهاب الذي أوجدوه، بدأ يرتد عليهم، وهم يعلمون ذلك. إن لم تقم الدول القادرة بتجفيف منابع الإرهاب وضربه واقتلاعه من جذوره الفكرية قبل فوات الأوان، فإنه سيرتد عليهم وسيبتلع دولا ومجتمعات، وسيغير وجه الحضارة الإنسانية لقرون طويلة".


وختم: "أما نحن في لبنان، فكلنا أقليات، مسيحيون، سنة، شيعة ودروز سنظل نؤمن بأن العناية الإلهية هي خلاصنا، وبأن الحوار والتفاعل والحياة المشتركة هي دستورنا ونهجنا، وأبواب التطرف لن تقوى علينا وعلى وحدتنا وعلى ميثاق العيش المشترك مع شركائنا.عشتم وعاش لبنان".


بقرادونيان


وألقى بقرادونيان كلمة قال فيها: "في زمن الصمت الرهيب، في زمن العدالة المزيفة والشعارات الرنانة، في زمن إنكار الحقيقة ورفض المصالحة مع الذات والتاريخ، في زمن غياب الذاكرة الجماعية، في زمن يرفض المجرم تحمل مسؤولية الجريمة، نجتمع لنتذكر كي لا يتكرر. نجتمع نحن ضحايا الجريمة، ضحايا الإبادة، ضحايا الصمت الدولي، ضحايا مصالح الدول التي تتحدث عن الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان والشعوب ولا تزال تحتل وتقتل وتسمح الآخرين بارتكاب أبشع الجرائم بحق شعوب ذنبها الوحيد رفض إنكار الذات واحترام الآخر والإيمان بانسانية الانسان ونصرة العدالة".


أضاف: "نجتمع لنتذكر نحن، ضحايا الاجرام والإبادة، آباءنا وأجدادنا الذين سقطوا في بيوتهم على ارض وطنهم وتشردوا وذبحوا أمام أعين الديمقراطية العالمية ودفنوا دون مدافن في دير زور ومرقدة والصحراء السورية. نجتمع لنتذكر ونذكر الجميع الذين أرداوا للابادة والمجازر حلا جذريا لإنجاح الحلم الطوراني التركي الاستعماري، بان حلمهم لم يتحقق وبان هذه الشعوب وأحفاد الشعوب لا يزالون يصرخون نحن هنا وسنبقى هنا. نجتمع أمام هذه المقبرة الجماعية حيث ترقد رفات 300 طفل ارمني يتيم ذنبهم الوحيد انهم ابناء شهادة راحوا ضحية العنجية العثمانية، انهم أطفال أبرياء لم يرض جمال باشا إلا وان يجرب تتريكهم وحتى تحويل اسمهم الى اسماء تركية، ولما فشل في مؤامرة التتريك كان نصيب الايتام التعذيب والاغتصاب والتجويع والقتل".


وتابع: "هيا اطفال الكرامة، اطفال الحرية واطفال المستقبل، نجتمع لنتذكر ، نتذكر كي لا يتكرر، ولكي لا يتكرر هناك مسؤولية دولية على الجميع ان يتحملها لان جريمة واحدة دون عقاب تفتح الباب امام جرائم اخرى. وجودنا هنا معا نحن اللبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق يشهد ان الشعوب تحيا وتستمر بشهدائها الأبرار والذاكرة الجماعية وتاريخ الشعوب يجب ان يكون محور نضال الشعوب من اجل العدالة. اما الاهم من إحياء ذكرى الشهداء هو الوفاء الجماعي لإرثهم المقدس وقضيتهم المحقة، ان الصمت أمام حقوق شعبنا المغتصبة هو الاستسلام بالذات والصمت في هذه الحالة خيانة للشهداء ولإرثهم".


وقال: "نحن اليوم وفي مئوية جريمة إبادة الارمن نذكر ونطالب، اذ نطالب تركيا بالذات الاعتراف بمسؤوليتها إزاء جريمة الإبادة نطالبها لاجل تحقيق العدالة والتعويض على الخسائر البشرية والجغرافية والسياسية والمادية، ولدول العالم التي لا تزال تنتظر الظروف المؤاتية للاعتراف، نقول ان الإبادة الارمنية واقع لا لبس فيه ان اعترفت بها الدول او لم تعترف فهي حقيقة تاريخية وسياسية غير قبالة للجدل ولا تحتاج الى دراسات او مفاوضات وتحليلات. ومن هذا المنطلق نقول ان على دول العالم وعلى تركيا بالذات مسؤولية كبيرة في إعادة انعاش الذاكرة الجماعية والمصالحة مع تاريخها وماضيها، فالجريمة التي نتذكرها نحن أبناء الشعوب المضطهدة من السريان والارمن والكلدان والآشوريين ومن الشعوب العربية لا تتكرر الا اذا تمت معاقبة المجرم التعويض عن جرائمها. ان السكوت عن جريمة هي جريمة بحد ذاتها".


أضاف: "بالاسف الشديد نستغرب ايضا سكوت لبنان الرسمي عن هذه الجريمة، فعلى رغم قرار المجلس النيابي اللبناني في ايار 2000 حول الإبادة الارمنية وضرورة اعتراف تركيا بمسؤولياتها والتعويض عنها، فان لبنان الرسمي لا يزال يتردد حتى في إعلان احترام آباء وأجداد آلاف اللبنانيين سقطوا دفاعا عن الحرية وكرامة الانسان والحفاظ على الذات وعدم الرضوخ للظلم والاحتلال".


وتابع: "هل من الضروري ان نعود ونذكر ان شهداء السيفو والشهداء الارمن وشهداء المجازر وشهداء 6 أيار ومن قبلهم سقطوا ضحية الاجرام العثماني التركي ولا نزال ننتظر طلب الغفران؟ وهل من الضروري ان نذكر بان تركيا اليوم وهي الوريثة الشرعية للدولة العثمانية بواجباتها وحقوقها؟ لا تزال تطمح الى العودة لهذه المنطقة وإعادة إحياء الحلم العثماني، وهناك من في لبنان لا يزال يتحدث عن علاقات تاريخية وعلاقات صداقة بيننا وبين وريث الاجرام العثماني. هل من الطبيعي ان نغمض أعيننا ولا نرى ما يحدث في المنطقة العربية وفي مشرقنا العزيز من مجازر ومذابح ودمار وانهيار وتهجير وإحراق وتركيا هي المنصة المتقدمة لا بل الشريك الاول والمدبر والداعم لكل هذه المؤامرة التي بدأت تدق أبواب لبنان".


وختم: "من مدرسة عينطورة، من مدرسة الابطال والنور يسطع من ضريح الشهداء الايتام، نقول نضال الشعوب يستمر ما دام الاجرام مستمر، والاجرام يستمر ما دام الصمت يستمر، والجريمة تبقى جريمة وتتكرر الجريمة بغياب العقاب. ان وحدة الشعوب المضطهدة هي الوسيلة الأجدى في تحقيق الحق والعدالة، والنضال يستمر حتى تظهر الحقيقة، ويعترف المجرم بجريمته ويعاقب لنمنع تكرار الجريمة ولنمنع مجيء هتلر جديد ليقول من يتذكر اليوم المجازر الارمنية. الشعوب ولدت لتعيش. ومن أمام ضريح الشهداء الأبرياء نقسم بالله العظيم اننا ولدنا احرارا وناضلنا لاجل الحرية والكرامة وسنستكمل النضال، ونستشهد لنعيش معا ونبقى معا، ارقدوا بسلام يا أطفال الابطال، لن نستسلم ولن نترجل الا باسترداد الحق كل الحق وبتحقيق العدالة كل العدالة".