تكريت تتحول أنقاضاً وصراع الإرادات يؤخّر حسم معركتها

بغداد – فاضل النشمي

تفيد الانباء المتواترة من مدينة تكريت وضواحيها، ان المدينة مخربة بالكامل وبعد اكثر من خمسة اسابيع على هجوم القوات الحكومية وقوات الحشد الشعبي لطرد تنظيم "داعش" منها، تبدو المدينة وكأنها خارجة من انقاض الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك لا تزال المدينة تحت سيطرة بعض عناصر تنظيم "داعش" الارهابي. الامر الذي قد يكشف، بأن اكلاف الحروب ابعد بكثير من ارباحها. وبضوء تأخر الحسم في معركة تكريت، تبدو مسألة عدم الحسم اكثر من محيّرة، خاصة مع وجود قلقة قليلة من عناصر "داعش" تقدر بنحو 150 عنصرا فقط، استنادا الى بيانات اميركية.


ويرى المتخصص في الجماعات الجهادية هشام الهاشمي، في حديث لـ"النهار"، ان من "الغباء الاعتقاد أن القيادة العسكرية في عمليات صلاح الدين ناجحة بأدنى مقاييس النجاح وهي لا تستطيع أن تدير حرباً في احياء صغيرة". ويعرب عن استغرابه كيفية صمود "خلايا صغيرة لا يتجاوز عديدها 150 صبياً مراهقاً محاصرين منذ شهر وتحت قصف مكثّف".


وعلى رغم التقدم العسكري النسبي الذي احرزته القوات العراقية ومن دون اشتراك قوات الحشد الشعبي في الاسبوع الاخير، الا ان ذلك لا يعني حسم المعركة بشكل نهائي، ويرى كثيرون ان الانتصار النهائي في تكريت في حاجة الى المزيد من الوقت والصبر، خاصة مع تراجع الدعم الذي تقدمة المليشيا الشيعية المنضوية تحت مسمى الحشد الشعبي واعلان اغلب قادتها تعلق مشاركتهم العسكرية في معركة تكريت.


الحشد الشعبي


والى جانب تعليق الجماعات الشيعية المنخرطة في الحشد الشعبي اغلب نشاطاتها العسكرية، يبدو ان التقاطع الاميركي – الايراني انعكس بشكل حاد على معركة تكريت وعرقل حسمها، وبدلا عن ان تكون الجماعات الشيعية احد عوامل الحسم العسكري، اصبحت بعد قرار التعليق احد عوامل الاعاقة. وابلغت مصادرة مطلعة "النهار" ان بعض قيادات الحشد الشعبي تملك نفوذا على بعض قيادات الشرطة الاتحادية، دفع الاخيرة الى عدم تنفيذ الاوامر الصادرة من القيادة العسكرية العراقية. وتقول ان قادة كبار في الجيش وعمليات صلاح الدين اشتكوا من عدم استجابة ضباط في الشرطة الاتحادية لأوامرهم لخضوعهم لنفوذ زعماء المليشيا الشيعية الذين يسعون الى افشال الجهد العسكري الحكومي المرتبط بالجهد العسكري الاميركي من خلال الضربات الجوية. ويرغبون في الوقت عينه في عدم تسجيل النصر باسم الحكومة والجهد الاميركي، على حساب جهود الحشد الشعبي والجهد الايراني.


ولعل ما عبرت عنه خطبة ممثل مرجعية النجف في الجمعة الماضية من قلق حيال ما يجري في تكريت من تقاطع بين جماعات الحشد الشعبي والقوات الحكومية، يكشف بعض جوانب التعقيد الحاصل في معركة تكريت، اذ حذّرت مرجعية النجف الجمعة الماضية، من التقاطع في وجهات النظر، وقالت ان له آثارا "غير حميدة" في المواقف العسكرية والأمنية.


وعلى الرغم من ان متطوعي الحشد من اتباع مرجعية النجف ما زالوا مشاركين في معركة تكريت، الا ان تعلق الجماعات القريبة من ايران كعصائب اهل الحق ومنظمة بدر وكتائب حزب الله مشاركتها احتجاجا على مشاركة الطيران الاميركي في حرب تكريت، يكشف عن ان للإرادات المتقاطعة على الارض تأثيرها السلبي في سير العمليات العسكرية وتأخر حسم المعركة، وتبدو الحرب ضد تنظيم "داعش" في بعض مظاهرها، وكأنها حرب ارادات اقليمية ودولية ومن الصعب التكهن بنتائجها المستقبلية.