ما جديد المفاوضات حول "النووي" في باريس؟

سمير تويني

بعد جولة من المفاوضات في مدينة مونترو السويسرية، وبانتظار الشوط الأخير من المفاوضات حول الملف النووي بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد في جنيف في 15 الشهر الجاري للتوصل الى اتفاق سياسي قبل نهاية شهر آذار، وضع وزير الخارجية الأميركي نهار السبت الماضي وزير الخارجية الفرنسي ونظرائهما الأوروبيين فرانك والتر شتاينماير والبريطاني فيليب هاموند والمفوضة الاوروبية للسياسة الخارجية والامن فيديريكا موغيريني، في صورة ما آلت اليه مفاوضاته مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للتوصل الى اتفاق حول الملف الإيراني.


وتتخوف واشنطن من الموقف الفرنسي المتشدّد، وهذا يعكس أهمية الاجتماع في الـ "كي دورسيه" بين كيري وفابيوس، ثم الاجتماع الموسع الذي ضمّ اليهما نظيريهما البريطاني والألماني والمفوضة الاوروبية. وللديبلوماسية تجربة غير ناجحة مع فابيوس، بعد ان رفض في شهر تشرين الثاني الماضي اتفاقاً مرحليًّا كان توصل اليه الطرفان الأميركي والإيراني في جنيف. وكانت حجّة باريس "انه لا يوفّر جميع الضمانات" لجهة التزام إيران تجميداً جزئيًّا لبرنامجها النووي مقابل رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة عليها من قبل مجلس الامن الدولي.


وتشير الديبلوماسية الفرنسية انها غير جاهزة للتوقيع على اتفاق مع طهران اذا بقيت الأمور الاساسية غير محسومة، ومنها عدد أجهزة الطردن ودرجة تخصيبها، وفرض رقابة وتفتيش مشدد على المراكز النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية، ورفع العقوبات ومدة الاتفاق (عشر سنوات) ووقف الأبحاث في النووي العسكري ورفع العقوبات.


والهدف من لقاء باريس هو توحيد المواقف بين الاطراف الغربية، وخصوصاً طمأنة باريس إزاء المفاوضات المنفصلة بين واشنطن وطهران، خاصة وان باريس لا توافق على بعض التنازلات الأميركية، التي تطالب واشنطن من حلفائها المصادقة على نتائجها.


وشدّد كيري بعد اجتماعه مع فابيوس على انه " ينبغي على إيران ان تظهر للعالم ان برنامجها النووي سلمي، وأن الجميع داخل المجموعة ملتزمون ألاّ تطور إيران سلاحاً نوويًّا، وأن الاتفاق الشامل يجب ان يتضمن إمكانية التحقّق من ذلك لمنع إيران من إنتاج القنبلة الذرية". وأكّد ان لدى باريس وواشنطن "نفس المقاربة". ونوّه بأنه "رغم بعض التقدم، تبقى هناك خلافات مع الإيرانيين. وهدف الأيام المقبلة هو تبديد هذه الخلافات للتوصل الى اتفاق راسخ والامر عائد الى إيران".


وأكّد فابيوس ذلك مشيراً إلى "ان هناك تقدّماً في بعض النقاط، لكنه أكّد استمرار الخلاف مع إيران". وكان قد طالب على إثر اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في ريغا بتحقيق "تقدّم اضافيّ" لجهة تحديد حجم وأمد الرقابة على الالتزامات التي ستقدّمها إيران بشأن برنامجها النووي قبل رفع العقوبات.


حتى ان فابيوس لا يرى أيّ مانع في تأخير توقيع الاتفاق في نهاية آذار أي أن لا شيء يمنع استمرار التفاوض بعد هذا الموعد الذي لا يمكن استخدامه حجة لتمرير اتفاق غير كاف.


وتتخوّف باريس من ان يكون الرئيس الأميركي باراك اوباما يريد اتفاقاً "بأي ثمن" لتحقيق إنجاز ديبلوماسي، او للتوصل الى "صفقة" مع إيران، ليس بالنسبة الى ملفها النووي، بل ايضاً بالنسبة لموقع إيران الاستراتيجي في المنطقة ومصالحها في الخليج العربي وفي العالم العربي بشكل عام. فأي اتفاق بين طهران وواشنطن سيشكل دفعاً لعلاقتهما رغم نفي البيت الأبيض تطبيعاً للعلاقات بينهما. فبالنسبة لباريس ان الاتفاق النووي سيؤدّي الى نتائج سياسية واقتصادية.


وموقف باريس المتشدد يعكس ايضاً مخاوف الخليج العربي، من ان يمكّن اتفاق غير راسخ من وصول إيران الى السلاح النووي، مما سيعني في المستقبل القريب سباق تسلح نووي في منطقة بالغة الحساسية. لكن باريس لن تذهب هذه المرة للمواجهة لمنع تحقيق اتفاق، بل تعول على إدخال بعض الاعتدال على هذه الديناميكية الأميركية - الإيرانية عبر تنظيم حوار حول الخلافات.