بين التضامن وعدم نشر الصورة المسيئة...كيف تعاطى الاعلام مع الحدث؟

يسود شعور بالتوجس في الجهة الأخرى من الأطلسي. صحيح أن عدداً كبيراً من هيئات التحرير في الولايات المتحدة أدان الهجوم على أسبوعية "شارلي إيبدو" الذي وقع يوم الأربعاء 7 كانون الثاني الجاري، إلا أن وسائل إعلام كثيرة أحجمت في اليوم التالي عن نشر الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل التي صدرت في الأسبوعية الساخرة، وفق رصد صحيفة "الموند" الفرنسية. وهكذا أفردت "نيويورك تايمز" و"نيويورك دايلي نيوز" و"رويترز" و"أسوشييتد برس" تغطية واسعة للحدث، لكنها حرصت على تجنّب نشر الرسوم "المسيئة إلى الحساسيات الدينية"، كما قالت.


وقد ذكّر بول كولفورد، المتحدث باسم وكالة "أسوشييتد برس"، بهذا الخيار يوم الأربعاء قائلاً: "لا ننشر صوراً تتعمّد الاستفزاز، هذه هي سياستنا منذ سنوات". وقال متحدث باسم صحيفة "نيويورك تايمز": "بعد التفكير ملياً، قررت إدارة [نيويورك] تايمز أن وصف الرسوم الكاريكاتورية كافٍ لإعطاء القرّاء العناصر الضرورية من أجل فهم الوضع".
ومن جهتها، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" بعض الرسوم الكاريكاتورية التي سخرت فيها "شارلي إيبدو" من الأديان، إنما من دون نشر الرسوم التي يظهر فيها النبي.


مذكرة داخلية في قناة "سي إن إن": كلمات إنما من دون صور


أرسلت القناة الأميركية "سي إن إن" يوم الأربعاء مذكرة داخلية إلى موظفيها كشف عنها موقع "بوليتيكو"، توضح فيها أنها لن تنشر صوراً "مسيئة". وقد شرح رئيس التحرير ريتشارد غريفيث أنه "على الرغم من أننا لا نعرض في هذه اللحظة صوراً للرسوم التي نشرتها شارلي إيبدو عن النبي، والتي يعتبرها عدد كبير من المسلمين مسيئة، إلا أننا نُشجِّع على وصفها شفوياً عن طريق الوسائل المختلفة. هذا هو المفتاح لفهم طبيعة الهجوم على المجلة، والتجاذب بين حرية التعبير واحترام الأديان". يُشار إلى أنه خلال التغطية على امتداد يوم الأربعاء، عمدت المحطة إلى تشويش الصورة لدى عرض الصفحات الأولى لأسبوعية "شارلي إيبدو" على الشاشة.


"فايننشال تايمز" تنتقد "شارلي إيبدو"
في يوم الهجوم، وصف طوني باربر، الصحافي في "فايننشال تايمز"، بعض الصفحات الأولى التي نشرتها "شارلي إيبدو" بـ"الغبية" و"غير المسؤولة"، ما أثار استهجان عدد كبير من القراء. لم يمضِ وقت طويل حتى حُذِف هذا المقطع من المقال.
وقد برّر المحرر جون غابر الأمر بالإشارة إلى أن المقال لم يكن افتتاحية بل يندرج في إطار مقالات الرأي.
وقد ورد في المقال المذكور قبل حذف المقطع: "فرنسا هي موطن فولتير لكن في معظم الأحيان، لم تتحلَّ شارلي إيبدو بالمسؤولية التحريرية. لا يعني ذلك على الإطلاق أنني أبرّر للقتلة فعلتهم، فهؤلاء يجب القبض عليهم ومعاقبتهم، أو أن حرية التعبير يجب ألا تشمل التجسيد الساخر للدين. لكن القصد هو أنه من المفيد التحلي بالفطرة السليمة في منشورات مثل شارلي إيبدو أو الصحيفة الدنماركية Jyllands-Posten التي تدّعي الانتصار للحرية عبر استفزاز المسلمين، في حين أنها في الواقع غبية".
وكذلك عمدت الصحيفة البريطانية "تلغراف" إلى تشويش الرسوم الكاريكاتورية لدى عرض صور لأسبوعية "شارلي إيبدو".