ألفا دولار تعيد كوكو ودكانه إلى الحياة...

أمام حطام دكّانه يربض، جالساً على كرسي بلاستيك يضع همومه ويتأمل حجارة "كوّمها" الزمن، هنا كان يبيع الخضار قبل عام ونصف العام، هناك كان يحمل كيساً يعبئه بما يطلبه الزبائن، هنا كان يسترزق من دون أن ينتظر منّة من أحد، هنا كوكو وأمله الذي لم يشِخ بأن اليوم الذي يستطيع أن يعيد دكانه الى سابق عهده سيأتي قبل أن يغادر هذه الحياة التي حرمته من المال والبنين لكنها لم تحرمه من عائلة ترعاه، تؤمن له قوته وراحته، هو العفيف الذي على رغم أن أمنيته بسيطة في هذا العيد المجيد، الا أنه يرفض الاستجداء فهو لم يعتد يوماً مدّ يده لأحد.


من الصباح يحمل كوكو كرسيه وإلى جانبه قنينة مياه، لا يكلم أحداً فمنذ أن رحل زبائنه رحلت معهم رغبته في الحديث، يستمر في الجلوس مع ذكريات جميلة مضت، ويقول لـ"النهار": "الأمر متوقف على ألفي دولار لأعاود بناء أملي".
أمام دكانه يقع المنزل الذي يسكن فيه كوكو مع زوجة أخيه وأولادها بعد وفاة أخيه، وقد شرح لـ"النهار" أن " زوجة أخي غير مقصرة تجاهي، تؤمن لي طعامي وتعتني بي وكذلك حال أولادها، لم تسنح لي الظروف أن أتزوج وأبني عائلة، لكن الله لم ينسني، فأرسل لي أشخاصاً يعتنون بي، ويعاملونني أفضل معاملة، ولا ينقصون علي شيء".
لا يوجد شخص من سكان منطقة برج حمود حيث يقطن كوكو الا ومدح به، فهو صاحب طبع هادئ لم يفتعل أي مشكلة منذ مكوثه، وقد تحدث جارٌ له يبيع الملابس على الرصيف المجاور لـ"النهار" كيف أنه لا يتعاطى مع أي شخص، قائلاً: "هذا الرجل في حاله، لا يتدخل في شؤؤن أحد، على رغم السنين التي مرت وأنا جاره في هذا الشارع لم اسمع يوماً عنه أي خبر غير جيد، بل على النقيض نفسيته رائعة، مسالم، يجلس هكذا الى أن يبدأ الليل بالانسدال، يدخل الى بيته من دون أن يشعر الآخرون به".



كما علّق أحد سكان المنطقة عن حال كوكو بالقول: "فقير لكنه غنيّ بكرامته وعزة نفسه، لم يطلبْ يوماً من أحد ان يقرضه مالاً لمعاودة فتح باب رزقه الذي سلب منه بين ليلة وضحاها، بل على العكس كتم حزنه وقلة حيلته ونأى بنفسه عن حاجة الآخرين، هو مكتفٍ بلقمة عيشه التي يأكلها مع عائلة أمنت له الدفء على رغم البرد الذي يشعر فيه بداخله، فليس سهلاً على انسان أن يصبح عالة على الناس".
بصمت وصبر كبيرين وعلى رغم حيائه من قولها، لا يزال كوكو صراحة ينتظر يد العون من عابر سبيل أو من جمعية غير حكومية أو من فاعل خير تنقذه من المصيبة التي ألمّت به وتعيد الأمل إلى نفسه. فمشهد جلوسه أمام ما تبقى من دكانه يعيدنا إلى أيام امرئ القيس والوقوف على الأطلال، لكن الفارق بينه وبين الشعراء الطلليين أنه لن يعرف كتابة الحان مصيبته ليغنيها لاحقاً اذ إن الصمت هو سيد الموقف.


للمساعدة الرجاء التواصل معنا على: live@annahar.com.lb
 او الاتصال على 96171799911+