3 رابحين وخاسر

امين قمورية

استبشر كثيرون بقرار الحرب العالمية على "داعش". علقوا آمالاً على العودة الاميركية الى المنطقة. راهنوا على انحسار النفوذ الايراني في العراق وخصوصاً بعد ازاحة المالكي واشتراط واشنطن قيام حكومة عراقية جامعة. هللوا لدخول الطيران الاجنبي السماء السورية نكاية بالاسد حليف طهران ومجدوا الطيارين العرب الذين شاركوا في الغارات. لكن الحصيلة الاولى للحرب الجديدة على الارهاب جاءت مثل حصيلة الحروب الاخرى هدايا جديدة لايران.


طيران الائتلاف يضرب في العراق واصدقاء طهران يجنون المكاسب. يقصف في سوريا وحلفاء ايران لا يخسرون. تحت غطاء الضجيج الداعشي في بلاد الشام يبتلع الحوثي القرار السياسي في صنعاء ويسجل سابقة في الخاصرة الخليجية. يخسر اللاعب الايراني بيدقا في بلاد الرافدين ويستعيض عنه بقلعة على باب المندب ويثبت حضوره في مضيق هرمز بتوثيق التحالف مع السلطنة العمانية.
بعد فصل كامل من الحرب على "دولة البغدادي" ثمة ثلاثة رابحين وخاسر واحد. الرابح الاول اميركا التي امتلكت سماء الشرق الاوسط بلا منازع. والرابح الثاني ايران المحرومة شرف الانضمام الى الائتلاف، والتي تعوض ما خسره المالكي بانتصارات "الميليشيات الشيعية" والبشمركة الاكراد في الارض السنية السائبة وبقيادة قائد "فيلق القدس" الجنرال "الثوري" قاسم سليماني وبغطاء اميركي، فيما تحافظ على حصتها كاملة في سوريا عبر حليفها الرئيس. والرابح الثالث تركيا التي انضمت مرغمة الى الائتلاف، والتي لم تخسر شيئاً من حصتها في العراق بينما صارت صاحبة الكلمة الفصل في مناطق التمرد السوري عبر "بوابات المجاهين". اما الخاسر الاكبر، فالعربي، ولا سيما منه الخليجي الذي هلل للائتلاف وشجعه وراهن على نكسة عسكرية لخصميه "الزوجين القسريين" الايراني والتركي، وهو يكاد يخسر حلفاءه والاصدقاء ومناطق نفوذه التقليدي التي صارت في العراق ارضا مدمرة وعارية ديموغرافيا بفعل كماشة القضم الشيعي والكردي من جهة والابادة "الداعشية" من جهة اخرى. وكذلك في سوريا بفعل التطهير العنيف من المتطرفين للمعتدلين.
الرأس الخليجي حاول تقليل حجم الخسائر بمصالحة داخل البيت تبدو هشة ومرتبكة بين اطرافه واعجز من تكوين مرجعية موحدة واطلاق مشروع مضاد للمشاريع الاقليمية الاخرى. ولم يبقَ له سوى اللعب بنار النفط التي قد تحرق اصابع الجميع. فالرهان على كسر ظهر ايران باغراقها في ازمة مالية واقتصادية من طريق افقارها، معلق ايضا على الاتفاق النووي الذي قد يعجل في تباشيره تفاؤل "التطبيع" الاميركي الكوبي.
وهكذا فان السؤال المقلق، هو اذا ما واصلت ايران جني المكاسب بالاخطاء القاتلة للآخرين وتوجت ربحها باتفاق تاريخي محتمل مع اميركا، كيف سيكون رد الفعل في ظل هذه السياسات العمياء المتبادلة؟ وأي جنون قد تشهده المنطقة؟


amine.kamourieh@annahar.com.lb