أوباما يتوعّد بالرد على كوريا الشمالية في قضية "سوني"

أعلنَ الرئيسُ الأميركي باراك أوباما أمس، أنَّ بلاده "ستردُّ" على الهجوم الإلكتروني الكوري الشمالي على شركة "سوني" للأفلام، متعهدّاً بعدم ترك فرصة لأي ديكتاتور أن يفرضَ رقابةً على الولايات المتحدة، فيما نفى دبلوماسي كوري شمالي مسؤولية بلاده.
وأكّدَ مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (اف بي آي) أمس، أنَّ كوريا الشمالية مسؤولة عن عملية القرصنة المعلوماتية الضخمة ضد الاستوديوهات السينمائية لشركة "سوني" في نهاية تشرين الثاني.
وقالَ الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي: "لقد تسبّبوا في خسائر كبيرة وسوف نرد. سنرد بشكل مناسب وسنرد في الوقت والطريقة اللّذين نختارهما" مستبعداً أن يكونَ أي بلد آخر قد تعاونَ مع بيونغ يانغ في العملية.
توازياً، اعتبرَ أنَّ شركة سوني "ارتكبت خطأ" بالغاء عرض فيلم "انترفيو" (المقابلة) الكوميدي الذي يدورُ حول خطة خيالية لاغتيال زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون.
لكنَّ المدير العام لشركة "سوني" مايكل لينتون، أشارَ لاحقاً إلى أنَّ الشركة "لم ترضخ" للقرصنة المعلوماتية، مضيفاً أنَّ "الرئيس والصحافة والجمهور يخطئون في شأن ما حصل فعلاً"، وأكّدَ أنَّهُ أجبر على التخلي عن عرض "المقابلة" خلال الميلاد كما كانَ مقرّراً، لأنَّ صالات السينما "اتصلت الواحدة تلو الأخرى" للقول إنَّها لن تعرضَهُ في ظلّ التهديدات التي أطلقها قراصنة المعلوماتية.
وفي بيان منفصل، أعلنَت "سوني" أنَّها "لا تزالُ تأمل" عرض الفيلم على "منصات مختلفة"، غير انَّ لينتون أوضحَ أنَّ هذا الأمر صعب لأنَّ أي "موقع تجاري" لم يوافق حتى الآن على بث الفيلم سواء بنسخة رقمية او على قرص مدمج.
وندَّدَ أيضاً بإحجام بقية الاستوديوات عن تقديم الدعم لـ"سوني"، وقالَ "وجدنا أنفسنا بمفردنا"، ما دفعَ النجم جورج كلوني الى إطلاق عريضة تأييد للشركة.
من جهتها، قالت الشرطة الفدرالية في بيان: "لدى الـ"أف بي آي" ما يكفي من أدلّة للإستنتاج بأنَّ حكومة كوريا الشمالية مسؤولة عن هذه الأعمال"، مضيفةً أنَّ "مثل هذه الأعمال الترهيبية ليست سلوكاً مقبولاً من دولة".


لكنَّ المستشار السياسي للبعثة الكورية الشمالية في الأمم المتحدة كيم سوغ، نفى لوكالة "فرانس برس" أي علاقة لبلاده في الهجوم.
في السّياق عينه، وجّهَ السيناتور الديموقراطي روبرت مينينديز رئيس لجنة الشؤون الخارجية، على الفور، رسالة الى وزير الخارجية جون كيري طالبَ فيه إدراج كوريا الشمالية على لائحة الدول الداعمة للإرهاب بعد "هذه السابقة الخطيرة".
وتحدَّثَ السناتور الجمهوري جون ماكين، الذي سيترأس في كانون الثاني لجنة القوات المسلحة النافذة في مجلس الشيوخ، عن "عمل حربي".
وأفادَ الـ"اف بي اي" بأن: "سبق وشهدنا تنوعاً كبيراً وعدداً متزايداً من الهجمات المعلوماتية، (لكن) الطابع المدمر لهذا الهجوم، المرفق بفرض أمر بالإكراه، يضعه في خانة فريدة".
وتعرَّضَت استديوهات "سوني" لهجوم معلوماتي واسع النطاق تبنته مجموعة تحمل اسم "غارديانز اوف بيس" (حراس السلام) تمت فيه سرقة قاعدة بيانات هائلة نشر بعضها على الانترنت..


كما تلقت لاحقاً تهديدات تحدثت عن هجمات أيلول، متوعدة باستهداف دور العرض التي تعرضُ الفيلم، ما حدا بالشركة إلى إلغاء عرض الفيلم الذي كانَ مقرّراً في 25 كانون الأول.
وسرعان ما اتُّهمت كوريا الشمالية بالوقوف وراء الهجوم لكنَّها نفت ذلك، معتبرةً أنّهُ "عمل مشروع".
وتابعَت الـ"اف بي اي" أنَّ "هجوم كوريا الشمالية على استديوهات "سوني" يؤكّدُ مجدّداً أنَّ التهديدات المعلوماتية تُعدُّ من أخطر التهديدات للأمن القومي للولايات المتحدة" معبّرةً عن "القلق الشديد نظراً إلى الطبيعة المُدمّرة لهذا الهجوم على شركة قطاع خاص، والمواطنين العاديين الذين يعلمون فيها".
واعتبرَ وزيرُ الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون أنَّهُ "ليسَ هجوماً على شركة وموظفيها فحسب، بل هو هجوم على حريتنا في التعبير وأسلوب حياتنا".
واعتبرَ رئيس لوبي صناعة السينما الأميركية كريس دود أنَّ هذه القرصنة "عمل مشين واجرامي".
وأضافَ أنَّهُ "يهدّدُ وظائف آلاف الأميركيين العاملين في صناعة السينما والتلفزيون، كما يهدّدُ الملايين غيرهم الذين يريدون فحسب ارتياد السينما". واعتبرَ أنَّ "الانترنت قوة كبرى للخير ومن المؤسف استخدامه كسلاح".
أما في الصين، فوصفَت صحيفة "غلوبال تايمز" الفيلم الأميركي بـ"الوقاحة الثقافية".
وقالت الصحيفة المملوكة لصحيفة "الشعب"، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، إنَّ "فيلم المقابلة الذي يسخرُ من زعيم عدوة الولايات المتحدة لا يمكنُ أن يكون مصدر فخر لهوليود والمجتمع الاميركي".
وتابعت أنَّ "الأميركيين يعتقدون دائماً أنَّهُم يستطيعون المزاح حول قادة دول أخرى فقط لأنَّهم أحرار في انتقاد قادتهم والسخرية منهم"، مضيفةً: "نظرة المجتمع الأميركي إلى كوريا الشمالية وكيم جونغ اون لا أهمية لها. كيم ما زال قائد البلاد والسخرية منه ليست سوى وقاحة ثقافية عبثية".


وبالاضافة الى سرقة بيانات حساسة تتعلّقُ بالشركة والحياة الخاصة للعاملين فيها، أدَّت القرصنة الى "تدمير" نظامها المعلوماتي، ما جعلَ الآلاف من كمبيوترات الشركة غير قابلة للتشغيل، واستدعى فصل كامل شبكتها عن الانترنت.