نانسي وحيدة أسرتها... حُرمت من عرسها

خمس ساعات من الترقب والانتظار والتضرع أملا في أن يخرج أحدٌ من غرفة العناية الفائقة ويبلغهم أنها نجت وكُتب لها عمرٌ جديدٌ شارك فيه العشرات من الذين تهافتوا للتبرع بدمهم من أجلها. لكن، ويا للأسف، كل المناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصلوات لم تشفعا في ابقاء نانسي ابنه الـ24 ربيعا في هذه الدنيا نتيجة  مخالفات السير العشوائية التي تخطف الأحبة في ريعان شبابهم.


صدمة صاعقة


عند الخامسة من مساء امس، وخلال توجهها الى منزل خطيبها آدم وهيبي، تعرضت زيادة لحادث سير أقل ما يقال فيه انه مروّع بسبب سيارة فاجأتها كانت تسير عكس السير في محلة عجلتون فصدمتها من الجهة الامامية التي دمرت بالكامل، فمجرد ان تشاهد سيارة الـ "رينو" التابعة للضحية تعلم جيداً ان النجاة من هكذا حادث شبه مستحيل، على رغم ذلك قلب نانسي النابض بحبها لآدم رفض الاستسلام بعدما صمدت في مستشفى "سان جورج" في عجلتون لخمس ساعات، فجسدها المنهك من هول الالم لم يعد يستوعب روحها الفرحة، هي التي كانت تجهد مع خطيبها آدم لتأسيس عائلة صغيرة.


وكان آدم سيطلب يد نانسي ليلة عيد الميلاد ويعدّ التحضيرات اللازمة لهذه اللحظة السعيدة من دون علم حبيبته. ولم تكتمل فرحتهما في المنزل الذي اشترياه ليضج بأصوات اطفالهما.
درست نانسي، وهي الابنة الوحيدة لعائلتها، فن تزيين الصور والأماكن في جامعة "LAU" في جبيل، وكانت تأمل أن تستغل علمها في تزيين منزلها واضفاء رؤيتها الفنية الخاصة على تصميمه الداخلي، كما كانت تفعل خلال عملها في موقع "القوات اللبنانية".


مؤمنة جدا
يورغو بيطار زميل نانسي وصديقها لا يصدق انها لم تعد موجودة بينهم وان ابتسامتها ستفارق جلساتهم الجميلة. وقال لـ"النهار" ان "نانسي كانت حنونة، صديقة، محبة، وقد كان وقع الحادث صادماً على جميع محبيها الذين غصت بهم مداخل مستشفى سان جورج مساء امس، وقد انتظرنا ساعات لنعلم مصير غنوجتنا، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان".
وتابع قائلا "هول الصدمة كان أكبر على خطيبها ادم الذي استغرب تأخرها في الوصول الى منزله فاتصل بها، واذ ترد عليه سيدة موجودة في مكان الحادث لتبلغه بما حدث". وأضاف: "لا تستحق نانسي ما حصل معها، انها انسانة مؤمنة جدا، وهذا الامر تعكسه تصرفاتها اليومية، وعند اعلان قداسة البابا يوحنا بولس الثاني تركت كل شيء وسافرت للمشاركة في المناسبة".
ولم يكن لنانسي في الدنيا كلها أهم من والدها رؤوف وادم، وقال يورغو: "كانت تربطها علاقة وطيدة مع والدها وتعتبره مثالا في  المحبة".


ابنة بلدة الغينة التي كانت تتأمل البحر من أعالي كسروان وتتهامس معه في جونية وتخبره أسرارها، باتت اليوم في حضن طفل المغارة الذي سيهتم بها كما كانت تهتم بالأطفال.
غياب الرقابة ومخالفة قوانين السير ساهما مرة جديدة في خطف الفرحة من  قلوب اللبنانيين، وهذه المرة كان دور عائلة زيادة ووهيبي، فمن هي العائلة المفجوعة المقبلة؟


 faraj.obaji@annahar.com.lb


twitter:@farajobagi