"النصرة" تتلاعب بالمشهد الفوضوي ردّ الطعن يشرّع التمديد للمجلس

فيما تقترب قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيمي "جبهة النصرة " و"داعش " من طي شهرها الرابع في 2 كانون الاول المقبل، شكلت التطورات المتسارعة التي جرت في يوم اقفال مداخل وسط بيروت أمس على ايدي اهالي العسكريين مؤشرات شديدة السلبية على صورة الجانب اللبناني المعني بهذه القضية بكل اطرافه. فاذا كان من المفترض ان يجمع المصيبة الجانب الحكومي والجانب الاهلي وسائر اللبنانيين الذين يتلاعب بهم الخاطفون تحت وطأة التهديدات المبرمجة بقتل الرهائن من العسكريين، فان ما شهده وسط بيروت امس ومن خلفه المشهد الوزاري بدا بمثابة مكسب اضافي حققته "جبهة النصرة " التي تفرجت من جرود عرسال على هرج ومرج امني قبل الظهر في مواجهة هي الاولى بين قوى الامن الداخلي واهالي العسكريين والمراسلين الصحافيين، ومن ثم على بروز سجال وزاري مفاجئ شديد السلبية حول خطوة تفريق المتظاهرين بالقوة، وصولا الى تعدد القنوات وضياعها مساء في التوسط لإنقاذ العسكري المهدد بالاعدام علي البزال .


وأثارت هذه التطورات مخاوف من ان تمضي "جبهة النصرة " في توظيفها خصوصا ان اي معطيات دقيقة لم تبرز عن طبيعة الاتصالات الكثيفة التي اجريت لتجنب قتل العسكري البزال الذي عاودت "النصرة " التهديد بقتله بحلول 24 ساعة على اصدارها بيانها مساء الخميس الذي انذرت فيه بقتله ما لم تفرج السلطات اللبنانية عن الموقوفة جمانة حميد المتهمة بنقل سيارة مفخخة بالمتفجرات.
والواقع ان مضاعفات ما حصل خلال جولتين من قطع مداخل وسط بيروت عند منطقة الصيفي قبل الظهر ومساء لم تقتصر على الارباكات التي برزت مع اصرار الاهالي المعتصمين على قطع الطرق ومواجهته بالقوى الامنية بعد نحو اكثر من ساعتين من شل الحركة العامة بل تمددت الى تفجير انتقادات علنية لوزير الداخلية نهاد المشنوق على لسان رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط ووزير الصحة وائل ابو فاعور. وكان المشنوق اعلن عقب تفريق المتظاهرين ان "اقفال الطرق ليس الحل والتصعيد بناء على بيان من الخاطفين يؤدي الى تعطيل البلد ويخدم الخاطفين والحكومة لم تقصر منذ اللحظة الاولى في اجراء المفاوضات" واعلن ان "الطرق لن تقفل بعد اليوم ". وقال ردا على مطالبة اهالي العسكريين باستقالته: "اذا كانت استقالتي تحرر المخطوفين فأنا حاضر".
وسارع جنبلاط الى الرد على المشنوق من غير ان يسميه فقال عبر "تويتر": "الدولة تفقد اعصابها تجاه عائلات المعتقلين بدل التفاوض الجدي ومن المعيب هذا التصرف"، مضيفا ان "اهالي العسكريين لا يملكون الا قميصا على صدورهم، والغير يقفل الطرق بالمواكب الامنية الحقيقية والوهمية فبعض التواضع يا اصحاب المعالي". وبدوره اعتبر ابو فاعور ان "الاعتداء الذي تعرض له اهالي العسكريين المختطفين معيب بحق الدولة وغير مبرر الا لرغبة اظهار القوة الغاشمة والفاشلة في غير مكانها ".
وتضاربت المعلومات عقب فتح الطرق مساء عن طبيعة الاتصالات الجارية لتجنب تنفيذ "النصرة " تهديدها بقتل العسكري البزال اذ ذكر ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم تواصل مع الجانب القطري الذي ابلغه ان موفده سيصل الى لبنان في الساعات المقبلة. في المقابل لوحظ ان اهالي العسكريين عادوا عن اقفال الطرق بعد وساطة بذلها لديهم النائب هادي حبيش. لكن "جبهة النصرة " نفت ان تكون تراجعت عن قرار اعدام البزال وتمسكت بشرطها اطلاق السجينة جمانة حميد.
وعلمت "النهار" ان رئيس الحكومة تابع حتى ما بعد منتصف الليل التطورات للتأكد من انقضاء المهلة المحددة لتنفيذ الاعدام من دون وقوع الواقعة، واستمر على تواصل مع الوزير وائل ابو فاعور الذي صرح في الثانية عشرة والنصف ليلا لـ"النهار" الى انه اطمأن الى التزام جبهة "النصرة" تأجيل اعدام العسكري، وقال: في اطار الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة فانها تؤكد سعيها الجاد والحثيث لحل موضوع العسكريين المختطفين عبر التفاوض الجدي المباشر والفوري مع الخاطفين ووقف اي عمل قد يطال حياة العسكريين وسلامتهم.


رد الطعن
واذا كانت هذه التطورات طغت على المشهد الداخلي أمس، فانها لم تحجب القرار الذي اتخذه المجلس الدستوري برد الطعن في قانون التمديد لمجلس النواب المقدم من نواب "التيار الوطني الحر". ومع ان رد الطعن لم يكن مفاجئا، فانه اكتسب دلالات بارزة لجهة مجموعة نقاط ابرزها انه علّل الرد "بالحيلولة دون التمادي في حدوث الفراغ في المؤسسات الدستورية ". ثم ان المجلس شدد على ان ربط اجراء الانتخابات النيابية بالاتفاق على قانون انتخاب جديد "عمل مخالف للدستور". واذ لفت الى ان "تقليص الخيارات امام المجلس لضيق الوقت" حال دون امكان تقصير الولاية الممددة لمجلس النواب شدد في المقابل على اجراء الانتخابات النيابية "فور انتهاء الظروف الاستثنائية وعدم انتظار انتهاء الولاية الممددة". كما لفت الى ان "تعطيل المؤسسات وعلى رأسها رئاسة الجمهورية هو انتهاك فاضح للدستور".


فرنسا
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا جيرو سيزور لبنان يوميّ 8 و9 كانون الاول المقبل ليلتقي القيادات اللبنانية قبل يوم واحد من زيارة رئيس الوزراء تمام سلام لباريس. وأفادت مصادر مواكبة للتحرك الفرنسي ان الحوار الذي كان يدور بين الخارج والخارج في شأن الاستحقاق الرئاسي سيتحرك ليكون حوارا بين الخارج والداخل اللبناني لاستكشاف المعطيات عن هذا الاستحقاق علما ان التحرك الفرنسي في اتجاه لبنان يأتي تتمة لهذا التحرك في اتجاه السعودية وإيران.