العلاقات الرومنسية في العمل: ممنوعة أو مسموحة؟

كلودا طانيوس

هو مكان العمل، حيث يزاول الموظّف مهنته ويقوم بواجباته مقابل مدخولٍ شهري، ويمضي أغلبية وقته في شكلٍ يومي. فتدور الأحاديث مع زملائه وتنشأ العلاقات الاجتماعية وتتطور، ويصبح الزملاء أصدقاء. لكن ماذا لو تطورت العلاقة إلى أكثر من صداقة ونشأت العلاقات الرومنسية بينهم؟ يعتبر البعض أنها لا تجوز ولا تدل إلى مهنية خصوصاً أنها غير مسموحة أحياناً من الإدارة، ويرى البعض الآخر أنها أمرٌ طبيعي ولا يمكن الإغفال عنها.


 


 


يؤمّن جوّ العمل فرصة للتعرف فعلاً إلى الشخص


تأتي سخرية القدر لتفرض نفسها مهما كانت "القواعد" للرومنسية في العمل، فمعظم الأشخاص يلتقون شريكهم المستقبلي خلال مزاولتهم مهنتهم، بما أنهم يمضون ثلث يومهم في العمل. إذ خلافاً للمواعدة عبر الإنترنت، والسهرات الخاصة بالعازبين، والمناسبات الاجتماعية التعارفية، والدعايات الطالبة للتعارف في الصحف، يقدّم جوّ العمل فرصةً للشخص ليتعرف فعلاً إلى الشخص الآخر وليكوّن علاقة صلبة معه قبل أن يعبّر عن إعجابه به.


عند العمل جنباً إلى جنب مع أحدهم يومياً ورؤيته يعمل تحت الضغط، وفي التعاطف معه خلال مشكلاته وتهنئته على نجاحاته، يتكون لدى الشخص صورة متكاملة عنه من الداخل والخارج. وبما أن "مظهر" الشخص الداخلي هو الأساس في العلاقة الرومنسية وأهم من مظهره الخارجي – على الرَّغم من تركيز الإعلانات بكثافة على شكل الشخص -، يتطور الحب بين الزميلَين من غير أن يدريا بالأمر فعلاً.


فيكوّن الثنائي "بنية تحتية" للعلاقة في شكلٍ طبيعي، من دون الحاجة إلى إجبار حصولها. وغالباً ما تدوم هكذا علاقات لأنها قائمة على أمور مشتركة واقعية. لكن الوجه السلبي للتقارب بين الزملاء في العمل، هو أنه حتى المتزوجون قد تجمعهم علاقة وثيقة بأحد الزملاء، ما قد يؤدي إلى الخيانة، خصوصاً أن الشخص يمضي وقتاً مع زميله في العمل أكثر من شريكه الزوجي أحياناً.


وحتى لو أن مواعدة الزميل في العمل تكون كارثية أحياناً، هي تحصل لأنها سهلة وتتشكل بطريقة انسيابية، إذ كل يوم يعمل الشخص مع زميله في المهنة، ويراه يتواصل مع الغير، ويلاحظ طريقة عملِه تحت تأثير الإجهاد، فيطوّر علاقة حميمة معه تكون ناجحة في معظم الأحيان، فيما نتائجها قد تكون وخيمة في حال فشلت.


 


تأثير في التصرف المهني قد يؤدي إلى الطرد


تصبح العلاقة الرومنسية بين الزميلَين صعبة، خصوصاً إذا ما كانت متوترة أو أصبحت من الماضي، إذ عندما يكونان في شجارٍ وعلاقتهما تهتزّ، سينعكس الأمر لا محالة على تصرفهما المهني في العمل. هذا ما يدفع بإدارات بعض الشركات بمنع العلاقات الرومنسية بين الموظّفين كلياً، وإعلام الموظّف الجديد منذ تولّيه مهامه أن الرومنسية ممنوعة مع الزميل وأن الأمر من ضمن سياسة الشركة وقواعدها.


أما عند نهاية العلاقة واستمرار الزميلَين في العمل معاً، فسيسود التوتر بينهما ولن يتمكنا من العمل براحة كاملة، خصوصاً إذا ما كان يعلم زملاؤهما بعلاقتهما السابقة. ناهيك بالأمور الشخصية بينهما التي قد تضحي "حديث القهوة" بين الزملاء، فيعرف زميلٌ ثالث تفاصيلاً من هنا، ويتفرّد زميلٌ رابعٌ بمعرفة أسباب الشجار والغربة بينهما من هناك. إذ ينقسم الزملاء كلٌّ في "فريق" مع أحد الشريكَين، وتتدهور الثقة بين الثنائي السابق فيضمحل احتمال إعادة إحياء علاقته، وقد يتعرض أحدهما أو يتعرضان معاً للطرد إذا ما انعكست علاقتهما الفاشلة وخباياها وإشاعاتها والثرثرات حولها على سير العمل.


أما في حال كان الزميل هو المدير بحدّ ذاته، فالموقف سيكون محرجاً جدّاً بما أن على الشخص أن يتواصل معه دَوريّاً ويتلقى منه الأوامر، حتى لو انتهت علاقتهما الرومنسية، ما قد يدفع الموظّف(ة) إلى السعي لإيجاد وظيفة أخرى هرباً من هكذا موقف يومي. والحالة ليست أحسن حتى لو لم يكن هناك من شجار، فالزملاء قد يتهمون الشخص المرتبط بأحد المسؤولين أو بالمدير الأعلى أنه يتلقى معاملة مميزة، أو يسعى لترقية عبر علاقته به.


 


الرومنسية في العمل أمرٌ شائع


في تقريرٍ لها عن الموضوع، تذكر المجلة الأميركية التجارية الصادرة شهرياً Inc. أن الإرهاق في الوظيفة والعمل لساعاتٍ طويلة يجعلان الموظف غير قادر على بناء علاقة رومنسية خارج نطاق عمله. وترى أن الشركات العالمية الكبرى توظّف آلاف العازبين سنوياً، لجهة استقلاليتهم وعدم ارتباطهم بالتزاماتٍ عائلية تحدّ من واجباتهم بالسفر وتلبية متطلبات عملهم، ما يشرح الارتباط الرومنسي بينهم، أي إن الرومنسية في العمل أمرٌ شائع.


أما موقع Workplace Options فبيّن في استفتاءٍ له عن المسألة أن ما يقارب الـ85% من الموظفين في الولايات المتحدة الأميركية البالغين من العمر بين الـ18 و29 سنة لا مشكلة لديهم في الارتباط بزميلٍ لهم، مقارنةً بـ35% من الموظفين بين الـ30 و46 سنة و30% ممّن عمرهم بين الـ47 و66 سنة. لكن النتيجة المدهشة جاءت أن 40% من أولئك الموظفين اليافعين لا يمانعون مواعدة مديريهم.


الأمر نفسه بيّنه استفتاء موقع Career Builder إذ 38% من المشاركين فيه أكدوا أنهم ارتبطوا مرة واحدة على الأقل بزميلٍ في العمل، 17% ارتبطوا بزميلَين، و31% منهم تزوّجوا زميلهم. ولم تحدّ أيضاً الهيكلية الإدارية من الرومنسية في العمل، إذ ارتبط 28% من الموظفين الـ7000 المستفتين بزميلٍ لهم ذات مسؤولية أكبر وموقع أعلى، و18% ارتبطوا بمديرهم! وظهر تفاوتٌ بين الجنسَين، إذ إن النساء كنّ أكثر ارتباطاً بالأشخاص الأعلى رتبة منهنّ، فـ35% من الوقت كان شريكهنّ أعلى رتبة في زمالة العمل مقارنةً بـ23% من الوقت للرجال.


وأظهر الاستفتاء نفسُه أن هناك مِهناً معينة يزيد فيها احتمال ارتباط موظفيها، إذ احتلت الرومنسية المرتبة الأولى في مِهن الفندقية بما أن 47% من الموظفين في الفنادق والمطاعم ومراكز الاستجمام ارتبطوا بزميلٍ في العمل، وجاءت الخدمات المالية في المرتبة الثانية بحيث ارتبط موظفو المصارف رومنسياً 45% من الوقت، وخدمات المرافق العامة في المرتبة الثالثة جراء الرومنسية بين 43% من الزملاء. ثم صُنّفَ مجالا تقنية المعلومات والرعاية الصحية في المرتبتَين الرومنسيتَين الرابعة والخامسة: 40% و38%. ويخلص الاستفتاء أن محفزات الموظفين لمواعدة الزميل في العمل كمنت في اللقاءات خارج الوظيفة وفي أوقات العمل الإضافية الليلية.


 


ماذا عن الرومنسية في العمل في لبنان؟


أوضحت مسؤولة الموارد البشرية في فندق "لو روايال" السيدة جولييت خليل لـ"النهار" أن ليس هناك من سياسة في الفندق ضد العلاقات الرومنسية بين الموظفين: "ما دام الموظفون يقومون بواجباتهم على أكمل وجه ولم يتأثر سير العمل سلباً أو يحصل تضارب في المصالح، فلا مشكلة لدينا بالأمر. المهم هو التصرف المهني داخل الفندق".


وتشير إلى أنه "من الأفضل إعلامنا بالعلاقة التي تجمع الموظّفَين، حتى تظل علاقة كل موظف شفافة مع إدارة الفندق" وتؤكد أنه في حال تزوج الموظفان "لا نسمح لهما بالعمل في القسم نفسه، بل يجب أن يعملا في قسمَين مختلفَين لتجنُّب السلوك الذاتي عندهما وتفضيلهما وانشغالهما التلقائي مع بعض خلال العمل"، مضيفةً أن "فصلهما في قسمَين مغايرَين يؤدي إلى جو عمل موضوعي ومتجرّد".


وشخصياً، لا تمانع خليل العلاقات الرومنسية في العمل مهما كان: "لا مشكلة لديّ فيها فهي طبيعية، وطالما أن هناك نضجاً في التعامل مع المهنة من الشّخصَين وقدرة لديهما للتوازن بين الحياة الشخصية والحياة المهنية، لن يتأثر سير عملهما بالعلاقة" تلفت لـ"النهار"، ذاكرةً أن "عليهما احترام شروط العمل في الفندق وإظهار هذه المهنية في أدائهما وظيفتَيهما، ويمكنهما الاستمرار بالعلاقة بشكلٍ طبيعي".


فندق Le Gray ليس ببعيدٍ من هذه السياسة، إذ يؤكد مسؤول الموارد البشرية فيه طارق نمرو لـ"النهار" أن ليس هناك من مانع للعلاقات الرومنسية بين الموظفين، "لكن في حال الزواج، على الموظّفَين أن يكونا في قسمَين مختلفَين".


الأهمية لسَير العمل في Le Gray أيضاً، إذ يذكر نمرو أنه "طالما لم يتأثر سير العمل سلباً بالعلاقة، فلا مانع للعلاقة الرومنسية بين الزملاء"، ويجيب أن "ليس بالضرورة أن تظل العلاقة سرية بين الموظّفَين، وهذا الأمر يعود إليهما، ولكن نحن نتقبل العلاقة طالما لا تزال المهنية في الفندق متوافرة".


ويؤكد نمرو أن "الرومنسية أمرٌ جميل ولا يجوز أن نمنعه"، أما عن احتمال مواجهة العلاقات شجارات ما يؤثر سلباً في سير العمل، فيجيب أن كل العلاقات معرّضة للأمر: "أي موظف مرتبِط قد يتأثر عملُه سلباً، حتى لو كان شريكه من خارج نطاق العمل، وهذا ليس سبباً مقنعاً لتحريم الارتباط بين الزملاء".


أما منتجع Edde Sands فلم يمانع الرومنسية بين موظّفَين لديه، إذ أكدت مساعدة مسؤول الموارد البشرية فيه دونيز كولينز لـ"النهار" أن هناك شخصَين "تزوّجا في قبرص وكان تعارفهما هنا خلال عملهما في الـEddé Sands" مؤكدةً أننا "لا نتدخّل البتة بحياة الموظف الشخصية، والثنائي المذكور أظهر نضجاً في التصرف ولم يتأثر العمل سلباً بعلاقته".


ولئن المصارف هي أيضاً تحوي نسبة مهمة من الرومنسية بين الزملاء، مِثل قطاع الفندقية، أكد مصدرٌ مسؤول في بنك بيبلوس لـ"النهار" أن هذه الرومنسية ممنوعة لديه: "تحصل مشكلة خصوصاً إذا ما تفاوت قسماهما مع بعض، أو قامت الزوجة مثلاً بالتدقيق على زوجها، من هنا يجب أن يكونا في قسمَين لا علاقة لهما أبداً ببعض، أو نضطر لنقل أحدهما إلى فرعٍ آخر"، مشيراً إلى أنه "لا يجوز أن يكون هناك صراع في المعلومات بينهما". ويجيب المصدر نفسه "النهار" أن "ليس هناك من سياسة تمنع الرومنسية بين موظّفي المصرف، ولكنه عرفٌ يعلمونه".


 


كريم وراشيل: من التعارف في العمل إلى الزواج


يُعتبَر الزوجان كريم ج. وراشيل ر.ج. الثنائي المثالي الذي يتطلع إليه أصدقاؤهما وزملاؤهما، فكريم وراشيل تعارفا في العمل وجمعتهما علاقة رومنسية مميزة، متحديةً الصعوبات والتوقعات بأنها ستفشل. وعدا عن علاقتهما التي تهددت استمراريتها بسبب زمالتهما، تبرز ميزتها اليوم بأنها تحصّنت أيضاً ضد الطائفية. فكريم وراشيل من طائفتَين مختلفتَين، وحتى الاختلاف الطائفي لم يقف عقبة بينهما لبناء حياة مشتركة.


هما يعملان في الطبابة وكان التعارف عندما أصبحت راشيل الموظفة الجديدة في أحد المراكز الطبية كمعالِجة فيزيائية في كانون الثاني 2010 كما يخبران "النهار"، فيما كريم هو طبيب أسنان في المركز نفسه ومستشفيات أخرى. يقول لـ"النهار" إنه كان يتطلع إلى فترة الغداء يومَي الثلثاء والجمعة، وهما اليومان اللذان يكون فيهما في المركز الطبي، ويعلّل السبب بأنه سيتمكن من رؤية ومحادثة راشيل.


أما عن صوابية العلاقة في العمل، فيجيبان أن على الشخصَين أن يظلا مهنيَّين: "لم نقصّر في مهنتنا، ولم نجعل علاقتنا تأخذ من الوقت المخصص للعمل" تلفت راشيل، ويعتبر كريم أننا "كنا مهنيَّين جدّاً في تولينا للمسألة ككل، لم يشعر أحدٌ بأي تقصيرٍ منّا، بل على العكس عندما علِموا بارتباطنا شجّعونا وهنّأونا". لكن هل أعلنا عن علاقتهما مباشرةً؟ يؤكد الثنائي الطبي أن الرومنسية بين الزملاء لم تكن ممنوعة ولم يُشَر إلى الأمر البتة عندما تولّيا مهامَّهما، "ولكن لم نعلن مباشرةً عن علاقتنا، بل انتظرنا لنرى كيف ستتجه الأمور وإذا ما سنرتبط لنتزوج في ما بعد، وهذا ما حصل".


ومن حسنات العلاقة الرومنسية مع الزميل هو أن بإمكانه "مواساتي عند شعوري بالإرهاق، ولن أضطر أن أشرح تأخّري إلى المنزل بسبب العمل" توضح راشيل، لكنها تشدد على أن العلاقة الرومنسية لا يجب أن تظهر في العمل، عبر المعانقات والغزل وما شابه، "فهذا يدل إلى انعدام المهنية، وسيزعج الزملاء الآخرين".


"لكن ماذا لو فشلت العلاقة ولم تتزوّجا؟" سألت "النهار" كريم وراشيل، فجاء الجواب مشتركاً وهو أنهما كانا سيُكملان عملهما بمهنية من دون أي إحراج أو أذى للآخر.


 


جو العمل مثالي للتعارف خلافاً للعبة الإغراء


توضح المرافقة الحياتية والمدربة الإدارية جيهان عقيقي لـ"النهار" أن هناك شقَّين لمسألة الرومنسية بين الزملاء: "يتحكم بهذه المسألة الشق الأخلاقي من جهة، وشق اللياقة وحسن التصرف أو "الإيتيكيت" من جهة أخرى"، وتقول إنني "شخصياً لا أرى في العلاقة الرومنسية بين زميلَين كسراً للأخلاقيات، إلا إذا ضعفا أمام هذه العلاقة وفضّلاها على مصلحة الشركة"، مؤكدةً أن "على الرومنسية أن تكون مصانة عبر علاقة ناضجة، تتمثل في فصل كل شخص من الثنائي بين حياته الشخصية وحياته المهنية".


وتلفت إلى أنه يحصل أحياناً أن الزميلَين أو أحدهما لا يتقيد بهذه الأخلاقيات، معلّلةً السبب بـ"الضعف الذي يصيبه فينسى مصلحة الشركة لصالح علاقته الرومنسية مع زميله، جرّاء خضوعه لـ"قلبه" وهرموناته، بما أنه يصبح أشبه بالمخطوف (Hijacked) من العلاقة الحميمة، وهو أحد أبرز الأسباب المؤدية للتوتر في العلاقة بين الموظّف والإدارة".


لكن عقيقي تشير إلى أن "هناك الكثير من المشاهير الداخلين في علاقات رومنسية مع زملائهم، والذين يُعتبَرون قدوةً للأشخاص المهنيين"، وتعترف أننا "اليوم أشخاص مهنيون بكل ما للكلمة من معنى، أي إننا نمضي الكثير من الوقت في العمل، حتى أصبحنا أشبه بالآلات، ما يحتّم تعارفنا على الشريك خلال وقت العمل"، مؤكدةً أن "جو العمل أصلاً مثالي للتعارف بما أن الناس يكونون كما هم خلاله، ويرى كل شخص زميله واقعياً أي بأصالته، خلافاً للمواعدة خارج العمل الخاضعة للعبة الإغراءات (Seduction Game) حيث يُجَمّل الشخص نفسه ويحاول قدر الإمكان جذب الآخر".


وتضيف: "في العمل يمكن التعرف إلى الجمال الداخلي عند الشخص وإلى أخلاقه. وما يؤدي إلى نجاح هذه العلاقات في معظم الأحيان هو أن الشريكَين الزميلَين يتشاركان القيم نفسها والنظرة نفسها إلى الأمور بما أنهما في مكان العمل نفسه"، مؤكدةً أن "هناك احتمالاً كبيراً للتقارب الحميمي بين الزملاء في العمل".


وتنصح عقيقي عبر "النهار" الموظفَين الداخلَين في علاقة "أن يتّفقا قبل أن يعلنا العلاقة إلى الملأ، إذ هما لا يعرفان إلى أين ستتجه الأمور، وقد تكلّفهما غلطة واحدة مسيرتهما المهنية جراء الثرثرات في العمل. أي عليهما أن يكونا على الصفحة نفسها ومتفاهمَين في ما خصّ العلاقة، وأن يعلنا عنها عندما يقرران المضيّ قُدُماً فيها". أما بعد الإعلان عنها، فعليهما اتباع استراتيجية تحميها: "يجب ترك العلاقة الرومنسية عند مدخل العمل أو في موقف السيارات، ليدخلا شخصَين مهنيَّين إلى وظيفتيهما، وأيضاً عليهما ترك علاقتهما المهنية في العمل وألا يتحادثا عن الوظيفة خارج الدوام".


ماذا عن علاقة الثنائي بالإدارة؟ تجيب عقيقي أن "على الثنائي بعد أن تصبح علاقته جدية إعلام الإدارة، إذ على هذه الأخيرة أن تتخذ إجراءات في معظم الأحيان: عبر فصلهما كلٌّ في قسم، أو إبعادهما عن بعض في فرعَين مختلفَين، خصوصاً أنهما سيصبحان إذا ما تزوّجا متشاركَين لأيام العطل نفسها جراء واجباتهما العائلية المشتركة"، وتشير إلى أن "المدير أو المسؤول يؤدي دوراً مهماً لحماية الموظّفَين بعد علمه بالعلاقة، فنحن في بلدٍ نحب الشائعات والثرثرات وهكذا يكون عالماً بالعلاقة بدل أن تصله المعلومة من الموظفين الآخرين".


لكن المسألة تتعقد إذا ما جمعت الرومنسية الموظف مع المسوؤل عنه أو حتى مع المدير نفسه، إذ تحذّر عقيقي من أننا "لم نصل بعد إلى الانفتاح الكافي أو إلى النضج الكافي كمجتمع حتى نتقبّل هذه الفكرة بانفتاحٍ وسهولة"، موضحةً أنها لا تشجعها: "فإذا كان المدير(ة) فعلاً يريد أن يحمل هذه القضية ويدافع عن علاقته مع موظّف(ة) لديه، هذا شأنه، لكن بالمجمل المجتمع ليس منفتحاً على هكذا حالة"، ومؤكدةً أن "على المدير عندها الاستعانة بفترات تأمّل وبمدرّبٍ شخصي وفريقٍ مساعد ليتحمّل هكذا علاقة". وتنصح أنه يجب تفادي الصعوبات بين المدير والموظف "عبر تفتيش أحدهما عن وظيفة في مكانٍ آخر مع بداية العلاقة".


أما إذا انتهت العلاقة الرومنسية من غير أن تتطور وظلّ الزميلان يعملان معاً بعد انفصالهما، فتلفت عقيقي عبر "النهار" إلى أن "عليهما أن يتحادثا بالأمر منذ بداية علاقتهما، أي أن يضع كلّ واحدٍ منهما احتمال الانفصال وارداً ويعالجه احترازياً قبل حصوله"، مؤكدةً أن تخطيطه للعلاقة المهنية بعد الانفصال "يكون متأخراً جداً، وعندها سيصبح أسير عواطفه من الغضب إلى الاستياء فخيبة الأمل، وستتوتر زمالته بشريكه السابق".


وتوضح أن "عليه وضع عواطفه جانباً والاستمرار بعلاقة مهنية مع الآخر، من دون أي اتهام إليه أو تركيز على فشله في العمل، أي العودة إلى النقطة الصفر التي جمعتهما قبل دخولهما العلاقة، فيُجبِر كل واحد منهما نفسه على تحية الآخر بمهنية، وإعطائه الحديث في الاجتماعات داخل العمل أو اللقاءات خارج نطاق العمل".


"يشير هذا الأمر إلى أنهما قادران على السيطرة على مشاعرهما بدل أن تسيطر هي عليهما وإلى نضجٍ ومهنية في تصرفهما" تستنتج عقيقي.


 


 clauda.tanios@annahar.com.lb / Twitter: @claudatanios