ليسوا أقليَّة وكفى انكفاءَات مُذلَّة!

زياد الصَّائغ

"قرأت بتمعُّن مقالة الاستاذ جهاد الزين تحت عنوان: "مستحيل أن لا تتصرّف الأقليَّة كأقليَّة في زمن الإنهيار؟" (23/9/2014)، والمُفارقةُ الكُبرى تبدَّت بإصرارِه على أنَّ خيار المسيحيّين بالتصرُّف كأقليَّة مع طلبهم الحماية الخارجيَّة جزءٌ مؤسِّسٌ في السِّياق الجيوبوليتيكي الذي يعيشُه العالم العربي ولا إمكان لتجاوزِه، في حين أنَّ خيار التصرُّف كلا أقليَّة وَهْمٌ بارتباطاتٍ مع أكثريَّةٍ مذهبيَّة. وفي الخيار الأَوَّل على ما يُقرأ بين السُّطور حتميَّة بل واقِعيَّة سياسيَّة، فيما الخيار الثاني انتحارٌ انقِراضيٌّ بطيء.


في أيِّ حال وبمعزل عن الإنخراط في أيٍّ من الخيارين آمُلُ البَحْث في الثَّوابت التَّالية:
1 - في الجذور اللاَّهوتيَّة للمسيحيّين تأكيدٌ على أنَّهُم ليسوا أقليَّة.
2 - في المُساهمة الحضاريَّة للمسيحيّين العَرَب تأكيدٌ على أنَّهُم ليسوا أقليَّة.
3 - في فاعليَّتهم في القِطاعيَّة الإقتصاديَّة – الإجتماعيَّة والثَّقافيَّة – التربويَّة والإعلاميَّة والإغترابيَّة تأكيدٌ على أنَّهم ليسوا أقليَّة.
4 - في رهانهم على قِيام الدَّولة المدنيَّة ولو بالتَّضحيات تأكيدٌ على أنَّهم ليسوا أقليَّة.
5 - في انخراطهم في بناء العيش معاً على معطوبيَّته تأكيدٌ على أنَّهم ليسوا أقليَّة.
6 - في شهادتهم مع المسلمين وباقي الديانات لقيم العدالة والحريَّة والديموقراطيَّة وحقوق الإنسان تأكيدٌ على أنَّهم ليسوا أقليَّة.
ومهما يكن من أَمْرِ هذه الثَّوابت، يبقى خطِراً اعتبار أنَّ ما يجري في العالم العربي اليَوْم يُشكِّلُ تهديداً لما اصطلح على توصيفه إيديولوجيَّاً ولِأغراض في نفس يعقوب الأقليَّات، بل ما يجري يُشكِّلُ تهديداً للإنسان العربي، الإشكاليَّة الأساس تكمُن في غياب الليبراليين عن مبادرات فاعلة.
بلى من واجب المسيحيّين أن لا يتصرَّفوا كأقليَّة كما من واجب المسلمين أن لا يتصرَّفوا كأكثريَّة. إنَّها فُرصَةُ انتصار الإعتدال بدل الإنكفاء لمصلحة الهمجيَّة.
الأقلويَّة قرار. والمواطنة قرار. وفي المفاصل التاريخيَّة لا بُدَّ من قرار تجرؤيّ لا انكِفاءاتٍ مُذِلَّة!".