الصرخة المستمرة!

اندره جدع

"ما في حدا لا تندهي ما في حدا". باستثناء التعاطف الكبير من الاسماء الفنية والناس الطيبين الذين أحبوا أبو سليم وهالتهم صرخته الموجعة، استحليت يا زلمي كلمة من شي ممثل للشعب، كما يصفونهم، تبرّد النار في صدور الفنانين المنسيين والمهملين، لكن متل العادة "الدينة الطرشا" سيدة الموقف، والسياسة مش عم تتركلن وقت للتفكير بأي شي تاني، و"شغلهم" الظهور في برامج سياسية حوارية مع وجوه أعادت القرون الغابرة الى الواجهة بكل سوادها وجاهليتها المثيرة للشفقة.


معليش يا شباب، مش عيب التركيز على المشاكل الفنية والثقافية، لأن الفنان في لبنان بني آدم يمرض ويجوع ويعاني الكثير من الاوضاع المتردية، ولا يجوز دائماً تهميش هذه الفئة التي تدخل كل البيوت كل ليلة عبر الشاشات ليمضي معها الناس سهراتهم، ومن خلالها ينسون متاعب اليوم وبعض الهموم. يجب أن ننتهي من قصة النياشين والأوسمة على النعوش. تكريم الفنان وهو حي يرزق أفضل مليون مرة من تكريمه عند ملاقاته وجه ربه. يا حكومة، يا حضرات يللي اسمهم "ممثلين للشعب" ولا يتذكرونه إلا عند كل استحقاق انتخابي، هذه الفئة الفنية من الناس تستحق صرف موازنة للانتاج.


ما حدا طالب معونة ببلاش، كلهم يريدون العيش بكرامة ويريدون العمل، بيكفي اهمال وتطنيش وما في لزوم للتذكير ان البرامج التلفزيونية اللبنانية في بداية انتشار المرئي كانت الرائدة في كل هذا الشرق، لا بل كانت الباب الذي دخلت منه اسماء فنية كبيرة غير لبنانية وانتشرت في الاسواق العربية. ما حدا طالب حسنة من حدا، انها صناعة تدر الارباح وليست اموالاً هالكة، هي اموال الناس وحقهم، ومع ادارة حكيمة لا تدخل السياسة فيها طرفاً، عندها يعود الحق الى الوسط الفني وتختفي النهايات السود التي تهدد مستقبله. صرخة أبو سليم ليست مجرد كلمات ينتهي مفعولها وتزول بمرور الزمن، والتطنيش لا يليق ببلاد تحمل ستة آلاف سنة حضارة. "ولا تندهي ما في حدا"... لا، لازم يكون في "حدا" يتابع من أجل ازالة بلاطة الهم عن صدور فنانين اعطوا عمرهم للناس كلهم، وليس في امكانهم قطع الطرق بالدواليب!