لبنان سلمان

لو كان لي أن أعدّد أصدقاء لبنان ومحبّيه الخُلَّص، وأسمّي واحداً منهم في المقدّمة، لما تردّدتُ لحظة في اختيار وليّ العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز. وباستحقاق وجدارة.


فهذا الأمير النبيل الكبير القلب يحبُّ لبنان أكثر بكثير من بعض متزعّميه ومستغلّيه. وفي كل حالاته وحالات الزمان عليه. ويمدُّ له يد المساعدة كلما دعَت الحاجة والضرورة، مثلما تفعل المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذا اللبنان ما لا يفعله حتى أهله والعائلة والأبناء.
ووليّ العهد بدوره، ودائماً وأبداً، يفعل في سبيل لبنان الذي يحبّ، كما بيروت العاصمة التي جارَت الأزمنة عليها، يفعل ما تفعله عادة أم الصبي. وأحياناً أكثر.
وليس من اليوم، ومن اتفاق تسليح الجيش من مصانع فرنسا حيث اعتبرت زيارة الأمير سلمان حدثاً كبيراً في هذه المرحلة الشديدة الخطورة التي يتقلّب العالم العربي على نار أحداثها وتطوّراتها التي لم يسبق له أن شهِد أو عرف مثيلاً لها، بل من زمان ما قبل الحروب وبعدها.
فخلال هذه الزيارة التاريخيّة التي أضفت على العلاقات السعودية – الفرنسية نفحة جديدة متّنت الصلة وسبل التعاون التي بدأت مع زيارة الملك فيصل للجنرال ديغول العام 1967، أُتيح المجال لمراجعة الوضع اللبناني بكل تأزّماته وفي الدرجة الأولى الاستحقاق الرئاسي.
وليكتشف هولاند أنّ فرنسا لا تحتكر وحدها أمومة لبنان، فالمملكة العربيّة السعوديّة بقيادة خادم الحرمين الشريفين كانت ولا تزال دائمة الاستعداد لردّ والمخاطر عن الوطن الصغير.
وهذا ما جعل وليّ العهد يُعرب عن أمله في أن يتم اتفاق اللبنانيّين قريباً على رئيس يجمع كل الأفرقاء، ويمكّن لبنان من اجتياز أزمته الراهنة.
بالطبع، لم تقتصر المحادثات الشاملة بين الرئيس الفرنسي ووليّ العهد السعودي على هذه النقاط والمواضيع، بل هي شملت ما يدور في الشرق الأوسط وسبل محاربة تنظيم "داعش" الخطر جداً وسائر التنظيمات الإرهابية التي تهدد المنطقة.
نطَق بالحقّ فرنسوا هولاند حين وصف الأمير سلمان بأنه أحد بُناة المملكة العربيّة السعوديّة، فخاطبه مضيفاً: لقد ساهمتم بقوة يا سموّ ولي العهد في ما وصلَت إليه المملكة اليوم.
لقد التقى محبّا لبنان عند لحظة الشدّة، وفي أوج تأزّم الاستحقاق الرئاسي الذي يستغلّه البعض من اللبنانيّين لغايات بعيدة المدى، فيما يحاول البعض الآخر تحقيق مآربه وشهواته.
ونأمل بدورنا أن تؤتي جهودهما ثمارها لجهة الرئاسة، كما بالنسبة إلى تسليح الجيش، وعبور لبنان إلى برّ الأمان.
يبقى أن من الصعب جداً إيفاء هذا الأمير الكبير الأصيل حقه. فهو منّا وفينا. ولبناني أصيل.
وله في أعناق اللبنانيّين ديون، ومكانات، تؤخذ بالقلوب والعقول ولا تُعطى.


elias.dairy@annahar.com.lb