ليكن أرثوذكسياً

حياة ابو فاضل

وتتساءل: في البدء، قبل الاستقلال البشاموني، اما كان رأس لبنان مرتين أو اكثر أرثوذكسياً؟ ما سمعنا ان القيامة قامت يومها، ولا سمعنا ان الموارنة اعترضوا أو ازدحموا على باب الرئاسة، متنافسين، كأنها فرصتهم الاخيرة. وتتساءل: هل فعلاً رافقهم اطمئنان الى ان رئاسة الجمهورية اللبنانية مكرسة للمسيحيين في كل العصور، حتى الداعشي منها، وللموارنة بالذات الذين لن يتنازلوا عن هذا الحق حتى لمسيحيي الوطن، سواء أكانوا أكثرية أرثوذكسية، أم أقلية "فرندزية" لا يتعدى عدد أتباعها عدد أيام الشهر، تابعين لمذهب استحدثه في انكلترا بين القرنين السادس عشر والسابع عشر المستر جورج فوكس، بعد اقامة في ربوع الهند، فخلط الفكر المسيحي بالفكر البوذي وطلع بمزيج رائع يناسب كل الاماكن والأزمنة.


وكأننا نشهد اليوم على فصول أخيرة مما عرفنا عن جغرافية أوطان مشرقية رسمها ذات يوم مقص "سايكس" وريشة "بيكو": بلاد شام مقسمة الى سوريا ولبنان والعراق وفلسطين والاردن. ولما رئاسة الجمهورية في لبنان تناط بالموارنة، هناك دائما من يختار الرئيس العتيد، لا من الشعب، ولا حتى من النواب، فالاختيار يأتي دائماً من خارج الحدود، ينفذه النواب تارة في المجلس، وطوراً على الحدود السورية – اللبنانية، أو في إحدى محطات القرار المستحدثة حيث اختير من ربما كان آخر رئيس ماروني للجمهورية. هم اتفقوا وظل من تولى الاختيار مجهولاً.
الفاعل دائماً مجهول، فجزء ضئيل من الشعب، قد لا يتعدى العشرين في المئة، يختار نواب الأمة الذين يتولون كل سنوات ست انتخاب رئيس للجمهورية، انتخاب صوري ممسرح، يعرف كل الشعب ما يدور فوق خشبة مجلسه وداخل كواليسه. ويمر الزمن ويرفع الستار من جديد على اسم من سيتولى شؤون رأس لبنان المكلل بالشوك داخل البيت الماروني الذي ما ابتكر بعد ممراً مشرقاً ينقل كرسي الرئاسة من عهد الى عهد آخر من دون تدخل القاصي والداني في ادق تفاصيل الرحلة الانتقالية.
واليوم في عصر الحد من عدد سكان المشرق العربي على أيدي همجيين يتولون مهمة القضاء على الشعوب ووحدة الجغرافية والمصير والحضارات، نقف نحن مكتوفين امام استحقاقين دستوريين رسمهما دستور يحفظ عادة اطار الاوطان فلا تتفكك عند كل ما يثير الاضطراب ومن ثم الشلل كما يحدث اليوم. فالموارنة عاجزون عن الاتفاق على من سيتولى رئاسة الوطن، كما كل اللبنانيين المنقسمين "آذارَين" متخلفين، أحمقين، مشؤومين، أخذا لبنان الى خاتمة عصر استقلال صوري، جاء خالي الوفاض الا من المذهبية.
امام الفشل الماروني اللبناني في اختيار رئيس للجمهورية التي بلغت واحداً وسبعين عاماً من عمر كأنه شارف نهاياته، لم لا نختار رئيساً أرثوذكسياً كما في صفحات الوطن الاولى؟ رئيس يشهد على نهاية جمهورية شهد رؤساء أرثوذكسيون سابقون على بدايتها؟
الى أين طار حلمك بالعلمنة يا بنت؟ يا عين!