اردوغان ينصّب نفسه خليفةً لأتاتورك ولكن...

يسعى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان من خلال ترشحه الى الرئاسة الى الانضمام الى مصطفى كمال اتاتورك على سجل كبار القادة الاتراك، بالرغم من اتهامات معارضيه له بتهديد ارث مؤسس تركيا الحديثة.
منذ توليه السلطة عام 2003 لم يخف رئيس الوزراء طموحه في احتلال مكانة في كتب التاريخ.
ويفتخر الرجل الذي يلقبه انصاره وخصومه احيانا بعبارة "السلطان الجديد" في وقوفه وراء النمو المذهل الذي احيا الاقتصاد التركي حتى عام 2011 ونجاحه في اعادة العسكر الى ثكناتهم، بعد ان مارسوا وصاية صارمة طوال عقود على الحياة السياسية في البلاد.
بالتالي، لم يخف اردوغان، متسلحا بانجازاته وبفوز حزبه في جميع الانتخابات منذ عام 2002، في السنوات الاخيرة ارادته مواصلة حكمه بلا مشاركة حتى العام 2023، عندما تبلغ دولة اتاتورك الحديثة 100 عام.
ويحتوي برنامج ورشة الاعمال الكبرى التابع لاردوغان الذي سمي "هدف 2023" اشارة واضحة الى ذلك، حيث تضمن مشاريع ذات رمزية كبرى على غرار الجسر الثالث على البوسفور والمطار الضخم الجديد في اسطنبول او القطار السريع انقره - اسطنبول.
لكن بالرغم من انه طرح نفسه خليفة لاتاتورك، يعتبر البعض رئيس الوزراء، احد ناسفي عمل اتاتورك.
فعلى ما اشارت شعارات ملايين الاتراك الذين تظاهروا في شوارع البلاد في اثناء موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في حزيران 2013، يواجه اردوغان، الشديد التدين، اتهامات بنسف نموذج اتاتورك للعلمانية على الطريقة التركية.
ويخشى حزب الشعب الجمهوري الذي يعتبر حارس هذه الوصية وحركة المعارضة الرئيسية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ان يشن اردوغان من موقع الرئاسة حملة دينية جديدة وخطيرة.
وصرح نائب رئيس الحزب "الكمالي" (نسبة الى مصطفى كمال) فاروق لوغ اوغلو ان "الاجراءات المنبثقة عن الدين ستتضاعف ومجال الحريات سيتقلص".
وتابع ان "اردوغان يريد العودة الى الخلافة، ولو انه لا يجرؤ على قول ذلك صراحة، سيستغل الرئاسة ليحاول ان يفرض نفسه على رأس العالم الاسلامي".
ورفض اردوغان الانتقادات التي طالت القوانين التي اصدرها مؤخرا والتي تحد من بيع واستهلاك الكحول او تجيز الحجاب في الوظيفة الرسمية.
كما تعهد انه سيسير في حال انتخابه على طريق تحديث تركيا التي شقها اتاتورك.
لكن وعوده لم تقنع من يشير الى توجهات نظامه السلطوية والمخاطر التي تلحقها بالديموقراطية.
في الاشهر الاخيرة انكب رئيس الوزراء على اسكات الانتقادات في صفوف المعارضة والصحافة وعزز سطوته على الانترنت والقضاء، ما اثار غضب عدد من العواصم الاجنبية.
واكد المحلل السياسي سنان اولغن من مؤسسة كارنيغي اوروبا ان "لا احد يشك في شرعية اردوغان الانتخابية، لكن الكثير من الاتراك يريدون حكومة اكثر انفتاحا مع قضاء مستقل واعلام تعددي ومجتمع مدني قوي، كما هي الحال في الديموقراطيات الغربية".