كيف نُشفى من مشاهد قطع الرؤوس والسحل؟

ليست أفلام رعب...فما نشاهده عبر شاشات التلفزة ومواقع التواصل الجتماعي "فايسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب"، ليست الا عيّنة من جرائم تنظيم "الدولة الاسلامية". ولا تتوقف مشاهد الاجرام عند ما يبثه التنظيم بفخر، بحيث باتت مشاهد التباهي بالقتل الوحشي والسحل رائجة ايضاً عند خصوم التنظيم ضمن نظرية الردع، والوحشية التي تضاهي أخرى.


جرائم أقل ما يقال عنها أنها لا تمت للانسانية بأي صلة، صور وفيديوات مقززة، بشعة، همجية. تحيل ذاكرة الانسان الى قرون قرأ عنها واعتقد انها ولت الى غير رجعة.


ضجت وسائل الاعلام اللبنانية والعربية بالمشاهد الوحشية، أناس معلقون على "شلف حديد"، شاب معصوب العينين مصلوب تحت الشمس والدماء تسيل من جسده حتى الأرض، مقاتل يحمل رأساً بشرياً وهو فرح "بانجازه" يبتسم ليلتقطوا له الصورة. فخر "الصناعة الداعشية" و"الانتاج الداعشي الضخم" يتجسدان بفيديوات تظهر "داعشية" أفراد "داعش" ("الداعشية" صفة جديدة تفوّقت على صفة العنف). صور وفيديوات انتشرت، وشكلت حالة صدمة ودهشة في المجتمعات اللبنانية والعربية وحتى العالمية لدى الصغار والكبار.


كوابيس وتفسير


يتعاطى الأفراد مع الظاهرة "الداعشية" كل وفق خلفياته الثقافية والدينية والانتمائية والنفسية.
ردات فعل كثيرة، اما النتيجة فواحدة: اذى نفسي ومعنوي كبير. ديانا لم تكن تعلم بهذا التأثير، حتى شاهدت كابوساً بعد متابعتها صور قطع رؤوس عشرات من جنود النظام (السوري) وضباطه وعرض الجثث على أرصفة الشوارع في مدينة الرقة. ديانا ليست الوحيدة، فكريستين كان "أمير المؤمنين" أبو بكر البغدادي ينتظرها في المنام ليقطع رأسها لانها "تنتمي الى جماعة النصارى"، وتشكر الشابة الله ألف مرة لأن الأمر اقتصر على كابوس! .
هذه الكوابيس هي إحدى التأثيرات التي من الممكن ان تصيب أي مشاهد لهذه الصور المروعة، وفق إختصاصية العلاج النفسي العيادي للصغار والكبار ريتا عطالله.
وتشير الى انه من الممكن أن تتسبب هذه المشاهد بـPost-traumatic stress disorder أي ما يعرف بـ"اضطراب ما بعد الصدمة"، وهو اضطراب نفسي ينشأ بسبب صدمة، ناتجة عن التعرض لأحداث قاسية أو مشاهدتها"، موضحة أن "الشخص الذي يُصاب بهذا المرض، قد يشعر وكأن هذه الأحداث التي يشاهدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد تحدث معه ايضا، كما ان احلاما بشعة وكوابيس ستراوده وتؤثر على حياته اليومية".


من الكوابيس الى النكات؟!


يلجأ كثيرون للتعبير عن غضبهم من هذه الظاهرة، فيعلق أحد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على خبر "داعشي": "كلها مفاهيم تهدف لتشويه الاسلام الحقيقي سواء عن قصد او عن جهل". أما آخر فيعبر عن سخطه من تهجير المسيحيين: " ما يجري يأتي في سياق مخطط غربي لإخلاء الشرق من مسيحييه، ولتسهيل عمليه الاستيلاء عليه من عناصر التكفير والقتل والتتار الجدد". ويعلّق آخر: "بأي دين تؤمن داعش...الاسلام بريء من هذه الافعال المشينة".


غضب وسخط


حالة الغضب والسخط التي سادت في المجتمعات العربية من ممارسات "داعش" قابلتها موجة من النكات ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، فمنذ أيام انتشرت أخبار كثيرة عن ممارسات هذا التنظيم شكلت مادة دسمة للنكات. فبعد تسيير تنظيم "الدولة الاسلامية" رحلات "سياحية" لعناصره والمدنيين بين شمال سوريا وغرب العراق لتعريفهم على الاراضي التي يسيطر عليها، قرر ان يفتتح مكتبا مخصصا للفتيات العازبات والارامل الراغبات بالزواج من مقاتلي التنظيم. خبران فجرا "فايسبوك" و"تويتر" بالتعليقات الساخرة، "ياي شو حلو انا بعدني عزباء أولكن لازم روح سجل اسمي؟"، أما أخرى فعلّقت "خلّيني عنّس أفضل".


الهروب من الواقع


تقول عطالله أن اللبنانيين غالباً ما يهربون من الواقع المحيط بهم من خلال النكات التي يطلقونها عبر مواقع التواصل الاجتماع، لافتة الى أن هذه الطريقة هي احدى طرق الدفاع عن النفس "اللبناني الله ناعم عليه بنعمة التأقلم" ، وهذه تعتبر نقطة قوة، الا أنها تؤكد أن ذلك لا يعني انهم غير مهتمين بل هم "خائفون".


العلم مفتاح النجاة!


تضج المجتمعات العربية بالكلام عن "داعش"، "يا عمي شو هالاجرام؟" تقول ليال ممتعضة خلال "صبحية" مع صديقاتها. في مجتمعات عدة، أمست ممارسات "داعش" احدى أبرز المواد التي تناقش، وتشير الطبيبة الى أنه على اللبنانيين ان يكملوا حياتهم بشكل عادي، وان لا يتوقفوا عند الاحداث التي تفتك بهم وبمحيطهم، "الشغلة بتاخذ اكثر من حجمها ... لتطلع شغلة تانية وتاخذ محلها"، مؤكدة انه "ينبغي علينا ان نتعايش وان لا نتأثر بالموضوع كي لا يتأثر نمط حياتنا، كما علينا ان نتأثر بطريقة ايجابية تدفعنا لحماية محيطنا ".
ولحماية انفسنا من خطر "الوحشية الافتراضية"، ترى الطبيبة أنه "على الفرد فهم المشكلة التي تحيط به، وعليه ان يحمي نفسه من خلال العلم والثقافة والعلم".


كيف نحمي أولادنا من الرعب؟


لا تفصل عطالله بين تأثير هذه المواد الاجرامية على الكبار والصغار، فالتأثير هو نفسه، رغم ان وقعه أقوى وأعمق على الأولاد. وفي هذا السياق، تحرص ميرنا على إبعاد ولديها عن مشاهد العنف، "خليهم عايشين بسلام... شو بدن بداعش ومالش وحالش". وهذا ما توصي به عطالله، لافتة الى انه من المهم ان "يشرح الاهل لاولادهم عن هذه الظاهرة التي قد يصادفونها على مواقع التواصل الاجتماعي او نشرات الاخبار".


Reine.boumoussa@annahar.com.lb


Twitter: ReineBMoussa