هل تعاني اكتئاب الصيف؟

كلودا طانيوس

مع بداية فصل الصيف، يشعر البعض بتغيّرٍ سلبيّ في حالهم النفسية وهو ما يُسمّى بـ"اكتئاب الصيف" (Summer blues)، ووفق ما يدلّ اسمه، يمتدّ هذا الإكتئاب الوقتي طوال فترة الصيف، يحصل جرّاء التغير في الحرارة والتعرض لأشعة الشمس، والتبدل العام للحالة النفسية عند الجميع، فيؤثّر على يوميات الإنسان وعلاقاته مع الآخرين، تماماً مثل اكتئاب الشتاء.



اكتئاب الصيف يظهر من خلال...


تظهر على الشخص عوارضُ عديدةٌ تؤكد اكتئابه الظرفي هذا، إذ يبدأ بالنوم لفترات أطول ويصعب عليه الإستيقاظ صباحاً، وفق ما يؤكد مركز "مايو كلينيك" الطبي في توصيفه له، كما أن حركته تخف ويُعدَم من أي طاقة محفّزة، وقد يشعر بالحزن أيضاً. تؤدي هذه العوارض لحالةٍ من القلق الدائم لديه، غالباً ما تزول مع انتهاء فصل الصيف، لكنها تُضعف من شهيته للأكل وتؤثّر في تركيزه على الأمور التي يتوجب عليه القيام بها فلا ينجزها كاملةً، بسبب انعدام الطاقة لديه، يضيف المركز، وابتعادُه عن عائلته وأصدقائه يصبح ملحوظاً فلا يشارك بالنشاطات الإجتماعية، وتخف رغبته الجنسية أيضاً، ليتشكل لديه اكتئابٌ يومي جرّاء التشاؤم والأرق وعدم الشعور باللذة أو الإستمتاع بفصل الصيف.



التوقعات المجتمعية


يُعتبَر اكتئاب الصيف اضطراباً نفسيّاً تنقصه دراساتٌ تحلّله وتعرض لأسبابه ولنتائجه، إذ يتطرق العديد من الدراسات - حول التغيرات المزاجية - إلى الإكتئاب بشكلٍ عام، وتجمع معظمها بين اكتئابَي الشتاء والصيف، فيما هذا الأخير يختلف من ناحية عوارضه والأشخاص المصابين به، وكانت أول إشارة مفصّلة وواضحة له عن طريق الطبيب النفسي الأميركي توماس ويهر العام 1987 في المجلة الأميركية للطب النفسي التي ذكرت أن المكتئبين في الصيف يفضّلون الطقس الخريفي والبارد والسماء الرمادية اللون، لافتاً إلى أن ما يزيد من اكتئابهم هو التوقعات المجتمعية بأن عليهم الإستمتاع ومشاركة الآخرين نشاطاتهم، ولا تزال دراسته هي النقطة التي ينطلق منها علماء النفس اليوم لاستكمال الدراسات حول الإكتئاب الصيفي، بسبب النقص الواضح في توصيفه ومعالجته.


وشملت دراسته 12 شخصاً لوحظت على بعضهم عوارض قلق وتغير مزاجي مع انتهاء فصل الربيع، وعلى البعض الآخر العوارض عينها مع انتهاء فصل الصيف، لكن ما اختلف هو العوارض بحيث يميل المكتئبون في الشتاء للزيادة بالأكل، خصوصاً السكريات مما يزيد من وزنهم، أما اكتئاب الصيف أدى إلى وجبات طعام خفيفة وقليلة عندهم، الأمر الذي ينعكس انخفاضاً في وزنهم. كما تبين له أن المصابين بالإكتئاب في الشتاء لا يصابون باكتئاب الصيف، والعكس صحيح.



كل تغيير قد يؤدي إلى نوع من الإكتئاب


تلفت الإختصاصية في علم النفس والمستشارة النفسية في مدرسة يسوع ومريم في الربوة ماريان عيد لـ"النهار" إلى أن "كل تغيير بإمكانه أن يؤدي إلى نوعٍ من الإكتئاب لدى الإنسان"، وتؤكد أن "الإكتئاب في الصيف هو اكتئابٌ موسمي يبدأ مع الفصل، تماماً مثل اكتئاب الشتاء الذي يبدأ مع فصل الشتاء، ومثل الإكتئاب الذي يلي تغيير المسكن أو العمل" وتوضح أن "ذلك يَنتج عن الصعوبة الشديدة في التأقلم مع الواقع الجديد". وتنصح لمكافحة الشعور باكتئاب الصيف أن يشارك الشخص بالنشاطات الإجتماعية، وأن يمارس هوايته المفضّلة، ويذهب في رحلةٍ قصيرة إلى مكانٍ ما، إما وحيداً أو مع أصدقائه، وتشدد على ضرورة أن يجلس في الشمس ويتعرض لحرارتها ونورها، "هذا ما يزيد من طاقته ويحسّن من مزاجه، خصوصاً إذا توجّه إلى البحر مع مجموعةٍ من أصدقائه".


 


 


 clauda.tanios@annahar.com.lb / Twitter: @claudatanios