صفات حددها كيري للمرشح الرئاسي...

خليل فليحان

يجب وضع حد للتلهي بالمناورات وعرض العضلات بين المتنافسين من المرشحين الموارنة لرئاسة الجمهورية، بعدما تبين ان مرور مدة شهرين كمهلة منحها الدستور لانتخاب رئيس جديد لجمهورية انتهت في حلول 26 أيار الماضي، لكن بوجود رئيس للبلاد و12 يوما إضافيا والجمهورية من دون رئيس.


وبدأ لبنان يواجه مشكلة فراغ في قصر بعبدا وخللاً في التمثيل الطائفي للمؤسسات، أي أن الموارنة غير ممثلين في الرئاسات الثلاث، مما أدى الى مشكلة كبيرة تتجسد في ضرورة طرح مرشح جديد يحظى بموافقة الأكثرية النيابية على الأقل. وبات واضحا للفاعليات السياسية اللبنانية ذات الثقل المؤثر في عملية الانتخاب الرئاسي، ولرؤساء دول أجانب كبرى كالرئيس الاميركي باراك أوباما الذي في ضوء التقارير العاجلة التي تلقاها من سفيره لدى لبنان عن خطورة الفراغ الرئاسي والضغط الذي بدأ يمارسه بعض التيارات السياسية سواء في مجلس النواب لتعطيل العمل البرلماني، والحكومة لتعطيل تنفيذ قرارات متصلة بشؤون الناس اليومية، مما أدى الى اتخاذ قرار عاجل وهو في بولندا، فأوفد وزير خارجيته جون كيري الى بيروت على وجه السرعة ولمدة لا تتجاوز الاربع ساعات، التقى خلالها تباعا الرئيس تمام سلام ثم البطريرك الماروني بشارة الراعي، وختم لقاءاته بالرئيس نبيه بري، ناقلا قلق سيد البيت الأبيض الى الوضع الناشىء في البلاد بعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية.


لذا قصد كيري بيروت في مهمة عاجلة، وهي تحذير المسؤولين من ضرورة إنهاء هذه الحال الشاذة قبل تفاقم الأمر ونشر الفوضى السياسية التي قد تنعكس ربما على الاستقرار الامني.
أيعقل ان يأتي كيري الى بيروت تاركا رئيس بلاده في بولندا ليسدي النصائح، ام انه يحمل مخرجا للازمة طرحها على البطريرك الراعي؟ أفاد مصدر ممن شاركوا في لقاء الحكمة ان المسؤول الاميركي بحث بالمرشح الذي يمكن ان يخلف ميشال سليمان ويمكن ان تنتخبه أكثرية النواب في أسرع وقت ممكن، ولفت الى انه يجب تجنب الفراغ الذي تنجم عنه الكثير من السلبيات التي تشل المؤسسات، من بينها ان سلام مستاء من عرقلة جعل الحكومة تتخذ قرارات منتجة بسبب مواقف لوزراء مسيحيين يطالبون بالمشاركة بصلاحيات أعطاها للحكومة، رافضا الضغوط التي تمارس عليه من باب ممارسة ذلك للتعجيل في انتخاب الرئيس. كما ان مجلس النواب معطل للسبب عينه.


وخاطب الراعي قائلا: "يبقى عليك استنادا الى موقعك الديني في الطائفة المارونية ان تنهي حال الترشح الماروني للرئاسة التي أنتجت الفراغ وعجز المجلس عن القيام بمهمته في ملء الفراغ حتى الان". وفي معرض حديثه، قال: "أنا على اطلاع على ما قمت به الى الان، لكن الرئيس سلام يعتبر انه لا يستطيع لا هو ولا اي مسؤول آخر اختيار المرشح المناسب، لان الصراع هو ماروني - ماروني وقديم بين مرشح قوى الـ14 آذار والجنرال ميشال عون وهو قطب رئيسي في قوى الثامن من آذار". 
وتابع المصدر: "صحيح ان كيري لم يحمل مبادرة، بل أفكارا مساعدة للخروج من مأزق الفراغ، موحيا بصفات رئيس قد يكون نائبا ومحاميا ومتمردا في العمل السياسي من دون ان يسميه"، وقلل من أهمية ما أشيع في ختام زيارته من انه لم يطرح اسم مرشح بديل، او ان بلاده ضد اي مرشح، لان ما اتفق عليه مع الراعي ستظهر نتائجه في الأيام المقبلة من خلال اللقاءات التي باشر بها البطريرك بعيدا من الأضواء وسيكون له مواقف مشددة على ضرورة الإسراع في الانتخاب الرئاسي. 
وافاد ان كيري هو اول وزير خارجية أميركي يزور بيروت منذ خمس سنوات، وبتكليف عاجل لمساعدة لبنان البلد الاستراتيجي في المنطقة وفقا لما تنظر اليه واشنطن وتعلم ان جزءا كبيرا من السياسيين ومن الأحزاب لا يؤيدون السياسة الاميركية لا في المنطقة ولا في لبنان، ربما ومع ذلك فان أوباما أوفد على عجل كيري ليس لحض المسؤولين، بل للتداول بأفكار يمكن ان تؤمن اجتياز محنة تعثر انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل تمددها ولن تكون مفاعيلها سهلة على الأوضاع العامة في البلاد. 
وأدرج زيارة كيري الى بيروت في سياق حرص الولايات المتحدة الاميركية على استقرار لبنان السياسي والأمني انطلاقا من عضويتها في "المجموعة الدولية لدعم لبنان" التي تشكلت في منتصف أيلول 2013. ووصف المصدر مهمة كيري بأنها "ليست تدخلا في موضوع الرئاسة الذي هو شأن لبناني - لبناني، بل يندرج ايضا في إطار ما يسمى بـ"المساعي الحميدة" التي تبذلها دولة مع دولة صديقة لدى مواجهتها اي أزمة".