"حزب الله" ثانٍ في سوريا... حقيقة أم خيال؟

محمد نمر

ليس مستبعداً أن تشكل إيران "حزب الله" ثانياً في سوريا، طالما أن التجربة اللبنانية نجحت في تنفيذ أجندتها من جهة، وأنها بمساعدة "حزب الله"-لبنان استطاعت أن تمنع سقوط النظام السوري حتى اليوم من جهة أخرى.


خطأ "فارس" ومقايضة الأسد


ربما أخطات وكالة فارس الإيرانية للانباء وتسرعت في نشر تصريح القائد السابق للحرس الثوري الإيراني حسين همداني لدقائق قبل ان تعود وتحذفه، لكن الوقت كان كافياً لاصطياده من قبل وسائل الإعلام، لتفضح السياسة الإيرانية، إذ يقول همداني خلال اجتماع اللجنة الإدارية لمحافظة همدان في مركز إيران: "مستعدون لإرسال 130 ألفًا من عناصر الباسيج إلى سوريا، لتشكيل حزب الله سوريا"، سبقه تصريح آخر عن نفوذ إيران في المنطقة، إذ قال المستشار العسكري للمرشد الأعلى علي الخامنئي اللواء يحيى صفوي: "هذه المرة الثالثة التي تتمدد فيها قدرة نفوذ ايران إلى البحر المتوسط، فدفاعنا لم يعد في شلمجه، وحدودنا الدفاعية حتى جنوب لبنان مع اسرائيل، وعمق دفاعنا الاستراتيجي وصل إلى البحر التوسط وعمق اسرائيل".
إلى ذلك، واستكمالاً لهذا السيناريو، نشرت الشبكة العربية العالمية تقريراً جاء فيه : "كشف مصدر سوري لصحف خليجية ودولية عن انعقاد جلسة مباحثات سرية بين الأطراف المعنية بالملف السوري، أعلنت خلالها إيران عدم تمسكها برئيس النظام السوري بشار الأسد حال تمت المحافظة على مصالحها في سوريا ومنح العلويين حماية تتمثل بتأسيس حزب "مقاوم" على الصيغة نفسها لـ"حزب الله" في لبنان".


سلاح "حزب الله" إلى ما شاء الله


العميد المتقاعد والخبير العسكريّ والاستراتيجيّ نزار عبد القادر سأل: "من يضمن لايران انشاء حزب الله في سوريا؟". برأيه ان انشاء ميليشيا تابعة لـ"حزب الله" أمر متوفر خلال وجود الأسد في السلطة، خصوصاً أن الحزب والنظام باتا مرتبطين مصيرياً ببعضهما البعض.
ويقول عبد القادر لـ"النهار" ان "وجود الأسد في النظام يسهل تشكيل الحزب في سوريا، خصوصاً أن حزب الله أنقذ النظام، وإيران تريد ان تجني مكاسب استراتيجية تتمثل بانشاء حزب الله في سوريا يكون امتداداً للحزب في لبنان وإيران، لكن في غيابه لا يمكن لأي جهة أن تعطي الاذن في تشكيل مثل هذا الحزب ". ويرى أن "بقاء الأسد سيبقي نفوذ حزب الله في سوريا لعقود".
لـ"حزب الله" في سوريا تأثير على لبنان، ويوضح عبد القادر أن "هناك فئة كبيرة تؤمن باستعادة كامل السيادة عبر التخلص من السلاح غير الشرعي، ونشوء حزب الله في سوريا يعني أن هذه الفئة خسرت المعركة، نظراً إلى ما تملكه سوريا من قوة تأثير في لبنان ستحمي حزب الله وسلاحه إلى ما شاء الله".


ذراع عسكري لـ"حزب الله" في سوريا


العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر لا يستبعد أيضاً نشوء هذا الحزب في سوريا، ويقول لـ"النهار": "لا استبعد التحضير له، خصوصاً في ظل وجود، مثلا حزب الله -العراق الذي لا يرتبط بحزب الله -لبنان، سوى أن المرجعية واحدة هي إيران".
جابر يرى أن هناك حليْن أمام سوريا، إما بناء سوريا مدنية وديموقراطية، متعددة الأحزاب وبالتالي يصبح هناك "حزب الله" سياسي مستقل عن "حزب الله"- لبنان إلى جانب حزب البعث أو غيره، أو هناك خيار التقسيم الذي سيمتد إلى دول الجوار. ويلفت إلى أنه كي ينجح مثل هذا الحزب في سوريا، فيجب أن يكون متنوعاً ذي أكثرية علوية وفيه الشيعي وغيرهم، وبالطبع بعقيدة قريبة من إيران، وامكانية تشكيله قائمة بوجود الأسد من عدمه".
قد تكون لـ"حزب الله" سوريا ذراع عسكري، لكن الأمر يرتبط بالأوضاع في المنطقة ودور "المقاومة" في الفترة التي سيتشكل فيها، بحسب جابر الذي يقول: "إذا كان هناك دولة لا لزوم للذراع العسكري، تماماً كما حال "حزب الله" في لبنان، إذ نرى أن الحل هو ببناء جيش قوي ورادع تلتحق به "قوات شبه نظامية" تساند الجيس في الحروب وتكون خلفه، معتمدة أسلوب قتال العصابات وليس الكلاسيكي، وتكون هذه المجموعات تحت مظلة الدولة".


جيش الدفاع الوطني


الخبير الاستراتيجي والعميد المتقاعد أمين حطيط يصف الكلام عن تنازل إيران عن الأسد مقابل حزب الله سوريا بـ"السطحي والصبياني"، ويقول لـ"النهار": "وفق المعطيات القائمة، لا شي موجوداً من هذا القبيل، بل هناك في سوريا نظام جديد للاحزاب وتعددية حزبية وأي فريق يستطيع أن يحصل على ترخيص حزب، وإذا اراد العلويون انشاء حزب سيصطدمون بقانون الأحزاب الذي يشترط أن يكون من كل الطوائف وان يكون وطنيا ومن كل المناطق"، ويستبعد كلياً "انشاء حزب يحاكي طبيعة حزب الله العقائدية في ظل المعطيات القائمة".
لكن حطيط يرى امكانية في تطوير جيش الدفاع الوطني الذي انشأه النظام، ويوضح: "قد يتم تطويره ليكون قائما واراه الكيان الذي يمكن أن يحاكي طبيعة الحرس الثوري في ايران أو حزب الله في لبنان". لكن برأي حطيط "من السابق لأوانه التحدث عن وظيفة سياسية لهذا الجيش".
ويلاحظ أن الكلام عن "حزب الله" سوريا وتنازل إيران هما "تشويش" عما حصل خلال اسبوعين، إذ يشير إلى "انتصارات عسكرية وميدانية للنظام السوري، فضلاً عن الانتصار السياسي المدوي المتمثل بالانتخابات الرئاسية المقبلة، اضافة إلى انهيارات رهيبة في صفوف الاخرين، كل هذا يدعو الفريق الاخر إلى صناعة فقاعة صابون"، مشدداً على أن "الوضع السوري لا يحتمل حزب الله لبناني لديهم".


mohamad_nimer@annahar.com.lb
Twitter: @mohamad_nimer