السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الرئيس مصطفى أديب تحت مجهر طرابلس... مفاجأة رمادية!

المصدر: "النهار"
الرئيس مصطفى أديب.
الرئيس مصطفى أديب.
A+ A-
كتبت جودي الأسمر

 

 
منذ لحظة تسمية الدكتور مصطفى أديب لرئاسة الحكومة، انفجرت مواقع التواصل باستنباش ونقد وانتقاد سيرته وهو تفاعل طبيعي، لا ينفي عجلته وتأثر اللبنانيين الموضوعي والعاطفي بسلسلة ارتطامات خضع لها لبنان في سقوط حرّ منذ بدء انتفاضة تشرين وصولًا الى كارثة المرفأ. إنما اللافت بجانب المقاربة التي برزت خصوصاً لدى النشطاء، أن المعيار الأخلاقي في طرابلس بما يعنيه النسب وعلاقات الجيرة وصيت "الأوادمية" لا يزال غير هامشي في تقييم وجه يتعاطى الشأن العام، ومن شأنه إيجاد أسباب تخفيفية أو إحداث الرفض المسبق لأي إسم. فكيف بحال مصطفى أديب، الذي ورد اسمه وتأكد بأمر فجائي، بعدما غاب عن طرابلس وهمومها لسنوات طويلة، ثم يطلّ اليوم ومن أعلى نافذة، بـ"نفوذ" فرنسي نافذ في أعلى موقع سني بالبلد، وأحلك مرحلة يعيشها؟

 

العلاقة بميقاتي
 
بينما حقق انتشار فيديو الرئيس أديب في احتفال لحركة أمل انتشاراً واسعاً مع ما أثاره من فرضيات تؤكد ميله للرئيس بري، تقدّم النّقاش في طرابلس ارتباطه بالرئيس ميقاتي، لا سيّما أن الأخير سرعان ما نفى عبر الإعلام انتماء أديب الى "تيار العزم". غير أن الرئيس الحالي كان قد دخل سابقاً السرايا الحكومي مديرًا لمكتب ميقاتي، الذي عينه سفيراً للبنان في ألمانيا منذ 2013.
انخرط أديب في الدائرة الضيقة جداً التي أسست لحضور ميقاتي السياسي في طرابلس عام 2000، وكان الأكثر حداثة في التجربة عن عمر لم يناهز 28 عامًا. واستمرّت وتمتّنت الصلة بعدما أثبت أديب أنه أهل لثقة الميقاتي، فصار مؤتمنا على الشؤون المالية، بما فيها ملفات المتمولين الدوليين، إذ يتقن أديب لغة البنك الدولي والمنظمات الأوروبية والأميركية، وصار ييسّر الملفات المالية والمصرفية بين ميقاتي والمستفيدين من تياره، فيما تولى أخوه المحامي وسيم أديب المراجعات القانونية الخاصة بالأراضي والممتلكات العقارية. وساهم في ترسيخ هذه الروابط، عدة زيجات بين العائلتين، فيما تحظى والدة الرئيس أديب، السيدة وفاء الرافعي، بمكانة وتقدير رفيعين لدى الرئيس ميقاتي.
 
يحاول مصطفى أديب كسب الشارع. أراد على الأقل رد شبهة اللامبالاة حين نزل الى الجميزة برغم مجازفته في تقدير ردود فعل الأهالي، وهو يعلم أنّ ظروف عهده أكثر إحراجًا من ظروف دياب، وأنّ خطواته الأولى حتى إثبات عكسها، وهو أمر بالغ الصعوبة، موسومة بـ"فيتو" الثقة الشعبية بفعل ارتباطه برموز #كلنيعنيكلن الطرابلسية واللبنانية، وأنّه يمثّل للكثيرين صورة "المندوب السامي" العصري لفرنسا الّتي حمل يجنسيتها وتزوج ابنتها وضغط رئيسها لتسميته.
 
أصداء اللاثقة التي تلاحق الرئيس أديب يتحدث عنها لـ"النهار" الناشط عمر العمادي الذي كان وثق بعدسته مشاهد استثنائية لانتفاضة طرابلس، معتبراً أن "تجربتنا مع السلطة الحالية بالغة السوء وأي قرار تتخذه يكون لخدمة غاياتها. نحن لا نملك أدنى ثقة بها وبقرارات كل أطيافها، وكذلك رؤساء الحكومة السابقين وهم جميعاً طرحوا اسم مصطفى أديب. طبقة أثبتت إجرامها وفسادها وطائفيتها، كيف لنا أن نقتنع بأنها كلّفت رئيساً لإنقاذنا من هذا الوضع؟"، ويقيس العمادي التزام الرئيس أديب على مستوى طرابلس، فيشير الى غيابه "نحن لا نعرف عنه شيئاً ولا عن انجازاته. لا أراه في طرابلس ولم نجتمع به في لقاءات حول شؤون المدينة".
 
"جار الرضا"
 
وفي ضوء عدة قراءات سياسية ساخنة ونسبية تلعب ضدّ الرئيس المكلّف، إلا أن الشارع الطرابلسي منحه ما يشبه الاجماع على شخصيته الديبلوماسية. وهي آراء تتفق مع انطباع اعلاميين عرفوه في السرايا بأنّه "غاية في اللياقة والتهذيب، إضافة الى كفاءة عالية في الأداء".
 
في هذا الصدد، يقول مختار الميناء سالم غندور أنّ الرئيس أديب عاش في شارع الكفاح في الميناء منذ ولادته عام 1972، ومن أهل العلم والمعرفة وخيرة الناس الطيبين هو وأهله". علمًا أن سجلّ عائلته هو 40 الرمانة، حسب إشارة مختار الرمانة مصطفى أرناؤوط لـ"النهار"، فعائلة أديب انتقلت للعيش في الميناء، مدينة جدّة الرئيس مصطفى لأبيه وهي من عائلة علم الدين التي تعد من كبريات عائلات المدينة.
 
ويصفه الدكتور في الحقوق والفقه المقارن فؤاد طرابلسي، بـ"جار الرضا" الودود واللطيف، إذ "كان مكتبه في CESMO قبالة مكتبي في شارع المصارف بناية وسيم عز الدين. يطل في الصباح قبالة الساعة العاشرة ليقول "السلام عليكم" مع ابتسامة، ونعرف أن جوًا أسريًا كان يعم علاقته بفريق العمل. وكان سائقه الخاص أبو رشيد يحبّه جداً ويخلص له بسبب معاملته الطيبة"، مضيفًا أنّ زوجته فلافيا داماتو وهي فرنسية الجنسية، وتحمل أيضا الجنسية الايطالية وابنة الرئيس السابق للبعثة الطبية الفرنسية، هي سيدة "تشبهه في أخلاقها المتواضعة ووجهها البشوش. مظهرها أنيق وبسيط وكانت تشاركه في استقبال الدبلوماسيين والزوار الأجانب الكثر في مكتبه".
 
وينقل أنّ للرئيس أديب اهتمامًا خاصًا بمعلومات التاريخ والشعر و"كان يتوقف عند نسب عائلته، فطلب مني استخراجه"، وعندما سألناه عن نسخة يجيب ضاحكا "لم أحتفظ بالأوراق. من كان يتوقع أن يصبح الدكتور مصطفى رئيس حكومة؟"، ويشير في معلوماته أن نسب رئيس الحكومة "يتصل بالسادة الأدارسة أحفاد مولانا إدريس الأكبر فاتح المغرب بن عبد الله المحض بن الحسن بن علي بن أبي طالب"، وأما والدته "فهي السيدة وفاء الرافعي سليلة بلبل سوريا ولبنان الشاعر الشيخ عبد الحميد الرافعي الذي يتصل نسبه بالخليفة عمر بن الخطاب".
 
"ضيعانه"
 
أديب الذي درّس قبل انتقاله الى ألمانيا عدة مواد في العلوم السياسية، في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية- الفرع الثالث، كوّن سمعة أكاديمية وانسانية إيجابية، ينقلها الينا أحد طلابه ويدعى طارق الشفشق "تولى تدريسنا طوال أربع سنوات مواد القانون الدولي، والأحزاب، والعلاقات الدولية. كان ضليعاً بمادته ويمتلك مخزوناً وافراً من المعلومات. وكان يلفتني حماسه وتشجيعه عندما يستمع الى تعليقات ذكية لطلابه. وكان تقنياً جيداً، أذكر أنه استخدم تقنية LCD ليعرض لنا خريطة العالم بتفاعلية والحديث عن توزع طاقة الكهرباء في العالم ويحبّ تنشيطنا بالوسائل البصرية"، إلا أنه يختم بـ"ضيعانه يغطس هيدي الغطسة. كان مميزاً جداً. أخشى أن يكون كبشًا جديدًا على المذبح"، ناقلاً خوف العديدين من تكرار تجربة دياب.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم