السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

خطة لبنانية انقاذية بين يدي ماكرون... فهل لديها حظوظ؟ انشاء هيكليات لا تخضع للوزارات تجمع الرساميل بإشراف فرنسي

المصدر: النهار
سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
ماكرون في بيروت
ماكرون في بيروت
A+ A-

بالتوازي مع الخطة الاصلاحية للحكومة السابقة، وفي ظل ما واجهته من رفض من اطراف متعددة، وخصوصا القطاع المصرفي الذي اعد خطة مغايرة، شهدت الساحة اللبنانية مبادرات كثيرة في هذا السياق بعضها جاء بمثابة نسخ معدلة نوعا ما عن الخطتين وبعضها وازن بينهما، فيما برز خطة تسلمها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تضع خريطة طريق لإنقاذ لبنان من الإفلاس الوشيك. والبارز في الخطة التي أعداها المحامي البريطاني مارك أوفي والمدير التنفيذي السابق في شركة Dresser Haliburton رفيق الكوسا هو الاعتماد على الدعم الفرنسي الراسخ والإشرافي بغية إيجاد حلول سريعة وناجعة لمعالجة الاضطرابات المالية الراهنة، تمهيدا لوضع لبنان على سكة المعافاة والنمو، من دون أن تترتب أي كلفة على البلدين، بل على العكس تماما تعود الخطة بمنافع جمة لهما.

ولكن لماذا فرنسا؟ يقول أصحاب الخطة انه لا يمكن للخطة أن تنجح إلا بالشراكة مع قوة عظمى. وجاء اختيار فرنسا لأسباب تارخية مدعوما بتفاني الرئيس ماكرون في المساعدة"، مؤكدين ان "لبنان لن يفقد اي من سيادته، بل سيستفيد من الإشراف الإلزامي لفرنسا لاجتياز الاختبارات ضمن الجداول الزمنية".

يقدم الرجلان خطة تجارية ومالية غير سياسية تتسم بسرعة التنفيذ والفاعلية لناحية التكلفة من أجل إنقاذ اقتصادي عاجل في لبنان يتم تحت إشراف الدولة الفرنسية وبدعم منها، وذلك استنادا إلى ركيزتين: توليد الثروات واستعادة الأموال.

ووفق الخطة، فإنه بعد إقرار السياسات اللازمة، سوف يجري العمل على تنفيذ الخطة من خلال لجنة يتم تعيينها من فرنسا و"منظمة الإصلاح الاقتصادي في لبنان" (The Organisation for the Economic Reform of Lebanon) التي وضعها أصحاب الخطة في المملكة المتحدة، وهي منظمة غير ربحية تؤمن الربط بين فرنسا ولبنان في ما يتعلق بتنفيذ الخطة. وستضم اللجنة أيضا نوابا مستقلين وشخصيات أخرى، شرط موافقة الجهات الفرنسية المعنية على تعيينهم في اللجنة.

كيفية توليد الثروات؟

تقوم الخطة على إنشاء هيكليات موازية شبيهة بالشركات بهدف جمع الرساميل لتمويل المشاريع الكبرى الأساسية في البلاد، وفي مقدمها هيكليات مخصصة لتطوير قطاع الكهرباء، إلى جانب قطاعات أخرى مثل الاتصالات والمياه وإدارة النفايات الصلبة. وتكون هذه الهيكليات عبارة عن شراكات بين القطاعين العام والخاص، أو يمكن أن يساهم فيها، حيث يكون ذلك مسوغا، أشخاص تعرضت ودائعهم للاقتطاع من خلال ما يعرف بـ"الهيركات". وفي الحالين، تكون الأسهم المملوكة من جهات خاصة خاضعة للتداول الحر في البورصة عند عرضها في البداية للبيع.

وتنظم هذه الهيكليات بواسطة قواعد صارمة من أجل ضمان النزاهة والشفافية والامتثال، بحيث لا تخضع لسيطرة الوزارات أو نفوذها في جميع عملياتها، ويعهد بالصلاحيات الإدارية إلى مجالس تتمتع بالمؤهلات اللازمة ويشرف عليها مساهمون عامون يتخذون قراراتهم عن طريق التصويت. والهدف من هذه القواعد هو تلبية تطلعات المجتمع الدولي، فضلا عن صندوق النقد الدولي والمانحين في مؤتمر "سيدر"، حيال التزام لبنان بالمعايير الفضلى وتعهده بمكافحة الفساد، علما أن الخطة والمنظمة مستقلتان عن صندوق النقد الدولي أو "سيدر" .

ووفق الخطة، تكون المنظومة الكاملة لكل واحدة من هذه الهيكليات خاضعة للإشراف الفرنسي، من خلال مكتب شكاوى أو جهاز رقابة، لحماية المستهلكين وسواهم من الانتهاكات في الأسواق ومن التعاملات غير المشروعة بالأسهم. ومن شأن الموافقة والإشراف الفرنسيين أن يؤديا إلى تعزيز الثقة العامة من أجل الاكتتاب في أسهم الهيكليات القائمة على الشراكات بين القطاعَين العام والخاص أو الهيكليات الخاصة. وغالب الظن أن جزءا كبيرا من هذه الأسهم سوف يشتريه مغتربون لبنانيون منتشرون في مختلف أنحاء العالم، فضلا عن مستثمرين مؤسسيين آخرين، بما من شأنه أن يخفّف من مشكلة السيولة المحلية التي تزداد تفاقما.

وفي بعض الحالات، تذهب هذه المنظومة إلى حد وضع مخططات تساعد المستثمرين المحليين المحتملين على تحرير الأموال العالقة في المصارف أو الخاضعة للاقتطاع، بما يضمن حصولهم على المنافع الكاملة لاستثماراتهم.

ومن شأن هذه الهيكليات أن تتيح تحقيق الفاعلية والأرباح واستحداث الوظائف، فضلا عن إعادة الاستثمار في الداخل وما ينجم عنها من نمو اقتصادي، ويضاف إلى ذلك، وهذا هو الأهم، الوقاية العملية من الفساد نظرا إلى أنه يستحيل إيجاد حلول جذرية له بسبب توغله في النسيج المحلي.

وفي مقابل الحصول على الدعم من فرنسا، تستعين جميع الهيكليات بالموارد الفرنسية، ما يتيح لفرنسا تحقيق منافع كبيرة مباشرة وغير مباشرة، بدءا من حيازة المصانع والآلات وغيرها من الأصول، وكذلك أصول غير مادية، وصولا إلى تعزيز مستويات التوظيف الفرنسية.

استعادة الأموال؟

تأخذ الخطة في الاعتبار إنشاء منظومة متطورة تتيح استعادة الأموال العامة على نحوٍ سريع نسبيا بعد أن تكون السلطات المختصة قد أثبتت أنه جرى الاستحواذ على هذه الأموال بطريقة غير شرعية.

لا تولي "منظمة الإصلاح الاقتصادي في لبنان" اهتماما بهوية الأشخاص الذين سرقوا الأموال أو استحوذوا عليها بطريقة غير شرعية. فالمنظمة ليست شرطة ولا جهازا قضائيا، بل تؤدي فقط دور الميسِّر الذي يعمل على تتبع الأموال واستعادتها بما يصب في مصلحة لبنان واقتصاده.

وبعد قيام السلطات المختصة بإثبات واقعة الاستحواذ على الأموال بطريقة غير شرعية، يجري تتبع الأموال لمعرفة وجهتها، ثم العمل سريعا على استرجاعها بهدف إيداعها في صندوق إنمائي يخضع لمعايير النزاهة نفسها التي تتمسك بها المنظمة. يوضع هذا الصندوق تحت إشراف هيئة ناظمة مستقلة، ويرمي إلى إعادة استثمار الأموال وفقا للتعليمات الصادرة عن لجنة استثمارية مستقلة. ومع ضخ هذه الأموال في المنظومة الاقتصادية، يصبح لبنان قادرا على تسديد ديونه المستحقة، على ان تتولى المنظمة إدارة المنظومة بكاملها من أجل تتبع هذه الأموال واسترجاعها، تحت الإشراف المباشرة للدولة الفرنسية في إطار الخطة المتكاملة.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم